«الأيام» تزور جمعية المعاقين حركياً بتعز وتنقل معاناتهم نبحث عن مركز لاستقبال المعاقين..وبدأنا بتوفير بعض الخدمات..والمجتمع هو الذي يصنع المتسول

> تعز «الأيام» عبد الهادي ناجي علي:

>
جانب من روضة جمعية المعاقين بتعز
جانب من روضة جمعية المعاقين بتعز
هل الإعاقة اليوم تشكل سبباً رئيسياً لحرمان من يعانونها من العمل والتعلم؟ هل المشكلة في الإعاقة أم في المعاق الذي لم يقدر على التأقلم مع واقعه وتجاوز محنته بمفرده قبل أن يمد الآخرون إليه يد المساعدة؟ هل المشكلة تكمن في المجتمع الذي يشعر المعاق باستمرار أنه يعيش عالة عليه، ولا يريد أن يشعره بأن الواجب يحتم على كل سليم معافى أن يكون عوناً لغيره ممن يعانون الإعاقة.. اليوم الإعاقة لم تعد كما كانت بالأمس مهملة لا ينظر إليها أحد، فاليوم المعاق يمكنه أن يبدع وأن يعمل، وأن يتعلم، وأن يكون أفضل من عشرات الأصحاء الأسوياء، المهم أن يكون صاحب إرادة وعزيمة قويتين تجعلانه يتغلب على كل منغصات الحياة، وسلاحه الإيمان القوي بأن من أصابه بما هو عليه سيكون هو بدون شك المعين له لكي يتغلب على إعاقته وينخرط في المجتمع دون تردد أو قلق من نظرة الناس إليه..«الأيام» زارت جمعية المعاقين حركياً بتعز، فوجدت حركة ولمست أعمالا للمعاقين والمعاقات، ولكنها تحتاج إلى مزيد من الدعم والمساندة من قبل المجتمع ومن السلطات المحلية، والتقت أولاً أمين عام الجمعية الأخ نبيل عبد الله سعيد المعمري، وتعرفت على طبيعة نشاطها وما تقدمه لأعضائها.. من خلال حديثه التالي:

يتعدى الألف معاق ومعاقة
الجمعية تأسست في عام 1998م ومنذ ذلك الحين وهي تخطط لتحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها، وتقوم بتنفيذ العديد من الأنشطة التي تهتم بالمعاقين في مجالات مختلفة، في مجال التدريب والتأهيل، وفي الجانب التعليمي، وفي جانب تقديم خدمات للمعاقين.. وعدد المعاقين في الجمعية يتعدى الألف معاق ومعاقة، وفي تعز ريف ومدينة، فأصحاب الريف هناك صعوبة في التواصل معهم، ولكن يمكن إن نحرر له على الأقل رسالة إلى الضمان الاجتماعي للأشياء البسيطة لأننا لا نقدر أن نتواصل معه ، بينما في المدينة يمكن توفر له خدمات أكثر.. وفي الجانب التعليمي عندنا جوانب مختلفة هي أول وثاني أساسي في محو الأمية، وفي سابع وثامن هذا لمن فاتهم قطار التعليم، وبعد الثامن يدمج في المدارس والذي عنده قدرة على الحركة نكمل متابعة دراسته، والمدارس الحكومية التي يوجد فيها المعاقون حركياً هي مدرسة محمد الدرة، ثانوية تعز ومدرسة بلقيس، بالتعاون وبتمويل من الصندوق الاجتماعي للتنمية. والمعاق حركياً يختلف دمجه عن الصم والبكم والمكفوفين.. فهو لا يحتاج سوى أن تسهل له البيئة المدرسية ( المبنى المدرسي)، الحمامات ، ويحتاج أن تعمل توعية فقط للطلاب العاديين في المدارس ليستقبلوا زملاءهم المعاقين، ويتعاملوا معهم بصورة جيدة حتى لا تحدث انتكاسة عكسية،لأنه دمجنا في فترة سابقة، مثلاً طفل دخل بكرسي متحرك إلى المدرسة، ولما دخل التف حوله الأطفال وحدثت عنده انتكاسة إلى اللحظة من العام 98م، وإلى الآن غير قادرين على حل انتكاسة ذلك الطفل، وهو رافض أن يذهب إلى المدرسة، فمهم جداً أن أبدأ أهيئ الطالب كيف يستقبل زميله المعاق ويتعاون معه كزميل من حيث الثقة والاحترام.

خرج لنا بالعصا
ومن أجل نجاح عملية الدمج وفرنا كل ما نقدر عليه من الوسائل لهم مثل الكراسي المتحركة والعكاكيز أصلحنا المنحدرات في المدارس، أصلحنا حمامات بتمويل من الصندوق الاجتماعي للتنمية، عملنا برامج توعية مكثفة للطلاب، طبعاً التجربة الحمد لله كانت ناجحة وعانينا بصعوبة فقط من مدرسة بلقيس خلال الفترة السابقة عندما كان هناك فراغ إداري .. حيث حصل ما لا يمكن أن يقوم به طلاب من تكسير للحمامات والأبواب ، ولو ذهبت الآن إلى هناك، وشاهدت الواقع سترى مأساة.. وإلى اللحظة نتواصل نحن والتربية لإعادة عملية بناء الحمامات، وجاءت الآن إدارة جيدة للمدرسة ووعدوا أنهم سيتعاونون معنا في هذا الجانب لتأهيل الحمامات من جديد لنعيد دمج الطلاب مرة أخرى في هذه المدرسة.. نحن نسعى لحكاية الدمج، لأنه في النهاية لا نريد إن نعزل المعاق، نحن هدفنا الرئيسي كيف نوجد دمجاً، طبعاً عملية دمج المعاقين حركياً تقريباً لا تحتاج إلى الإمكانيات ولا الكوادر الكبيرة التي تقوم بالعملية بل تحتاج إلى ما ذكرته سابقاً.. ففي مدرسة محمد الدرة الطلاب متعاونون معهم يأخذونهم من البيت إلى المدرسة والعكس، وفي ثانوية تعز عملنا برامج توعية عملنا مسرحية وبرامج ثقافية، والحمد لله جاءت النتائج ايجابية في هذه البرامج، وخلينا الطالب يعيش الإعاقة نفسها.. وتشير الدراسات إلى أن عدد المعاقين 10% من إجمالي السكان بشكل عام، والمسجلون قليلون.

وقد عملنا مسحا ميدانيا لبعض الأسر قبل تنفيذ الدمج في المدارس الثلاث المذكورة.. واكتشفنا بعض الحالات وبعض الحالات أخفتها الأسر، وهناك من رفض وخرج لنا بالعصا، لماذا؟ لأنه عنده معاق.. كثير من الإعاقة التي تواجهنا وراثية، عندما تجد أربعة أو خمسة في البيت الواحد.

معاق متسول
وعن مشكلة المتسولين من المعاقين قال: نحن لنا تجربة في هذا الجانب لأننا حاولنا في أحد الأيام ان ندمج طفلاً معاقاً متسولاً في الشارع، وطلبنا منه أن يأتي ليدرس، ووفرنا له الكتب وأدخلناه المدرسة وقلنا له ادرس ولم نقل له توقف عن الشحاتة، لأن العملية هنا صعبة إنك تقول له لا تشحت.. وأنا أريد أن أوصله إلى الهدف بالتدريج.. قلنا له ادرس وتأهل لأن الناس الآن تشفق وتعطف عليك بحكم انك معاق، ولما تكبر قليل لن تجد من يعطيك شيئاً .. طبعاً هنا أسرة المعاق تدخلت ورفضت تدريسه، لأنه في النهاية اتضح انه يصرف على أسرة، وأنه قد زوج اثنين من إخوانه وباقي واحد يريد تزويجه، يعني المجتمع بدل ان يعطي له قلما ودفترا يعطي له فلوسا.. والمجتمع هو الذي يصنع المتسول..دورنا تعليم وتأهيل، ونحن عندنا مركز العزيمة لتدريب الكمبيوتر في المستشفى الجمهوري، معنا ثمانية أجهزة خاصة بالجمعية، ونقوم بدورات بشكل دائم خاصة للمعاقين ونراعي لو في معاق معه أحد أقاربه أو أخوه ونقبل ثمانية، ويمكن أن نقبل من أصدقاء المعاقين سبعة وواحد، بحيث تكون النسبة معقولة لأنه أحيانا يأتي معاق ومعه أخوه أو أخته تساعده في كرسي متحرك، فتضطر ان تقبله.

دعم
الآن بوجود صندوق المعاقين بدأنا نحصل على دعم من صندوق رعاية وتأهيل المعاقين في النفقات التشغيلية في بعض التجهيزات، ومؤخراً أحضرنا خمسة أجهزة كمبيوتر.. وهناك روضة للأطفال تضم عشرين طفلا مجانية ومعهم باص يحضرهم إلى الروضة ويعود بهم ، والمعلمة نوفر لها مكافأة من صندوق المعاقين، وهناك أشخاص متعاونون من منظمات الخدمات الاجتماعية يحضرون معنا لخدمة الأطفال بحكم خبراتهم في هذا الجانب متطوعين، ومعمل القمريات مجهز من الصندوق الاجتماعي للتنمية يتدرب فيه الشباب.

لتوسيع أنشطتك وفرصك
أهم معوق وأهم مشكلة تواجهنا في الجمعية أننا نبحث عن مركز لاستقبال المعاقين مهيأ، فتعز منطقة جبلية وهذا أفضل مكان وجدناه داخل تعز، وقد أصلحنا له الطريق من الباب الخلفي ليدخل منه المعاقون، و سخرت الإمكانيات لإنشاء مركز، خاصة وأن تعز ليست صغيرة.. ونحن الآن نتواصل مع الصندوق لبناء مركز متكامل لاستقبال المعاقين وكجمعية ممكن تكون كجهة كفيلة.. والمركز يقام، ولأجل تهيئة المركز لاستقبال المعاق بكرسي متحرك ويكون فيه تدخل مبكر للإعاقة وجانب صحي (علاج طبيعي)، وفيه الجوانب المهنية الأشغال المختلفة، ويحوي الجوانب التعليمية والترفيهية للمعاقين عكس مباني الإيجار وأعتقد مهما وصلنا إلى أي مدى سنظل نعتقد أننا في بداية السلم، لأنه مادمت في مبنى إيجار، والمباني بهذا الوضع فعملك قاصر.. وإذا وجد المكان الذي تعمل فيه بشكل ممتاز ستجد المانحين وسيمولون بشكل أكبر وستجد المجال لتوسيع أنشطتك وفرصك.

زواج جماعي
وعدد المعاقين أكثر لأن بتعز أكبر كثافة سكانية، وستجد أن نسبة الإعاقة فيها أكبر، وأحيانا يأتي معاق لا أستطيع أن أقدم له خدمة.. وفي الفترة الأخيرة بدأنا بتوفير بعض الخدمات مثل الكراسي المتحركة عبر صندوق المعاقين وعبر بيت هائل سعيد أنعم والجمعية الخيرية لبيت هائل سعيد، ووزعنا 13 كرسيا متحركا من صندوق المعاقين، والآن سنوزع عشرة كراسي متحركة عبر مؤسسة الصالح إن شاء الله، وسيقومون بدعم زواج جماعي لمجموعة من المعاقين.

وأصبحوا ينتجون
الجمعية لها أكثر من ثمان سنوات.. ويوجد تحسن من حيث نظرة المجتمع للإعاقة.. نظل نبحث عن نظرة أفضل على انه لو في اليوم 65% أريدها أن تكون 100% لأنه نحن فعلاً الآن في عصر الكمبيوتر وفي عصر الانترنت، ونرى المعاقين في العالم كيف حياتهم، وأصبحوا ينتجون وأصبح البقاء ليس للأقوى ولكن للأكثر إبداعا وإنتاجا، لأن العضلات لم تعد تلعب الدور، أصبحت التكنولوجيا هي التي تلعب الدور في التصنيف.. الذين دربناهم في القمريات (دفعة) فتحنا لهم محلاً عن طريق صندوق الرعاية الاجتماعية والاتحاد الأوربي على طريق الحصبة، وبدؤوا يشتغلون وينتجون ونعمل معارض للمنتجات التي تنتجها الجمعية .. كما نقوم بفعاليات متنوعة ليست اعتباطية، والمعروف أن الجمعيات الخيرية أصبحت تلعب دورا تنمويا وفي توعية المجتمع، فالناس المشاركون في الفعاليات الثقافية التي تقيمها الجمعية بهدف التعاون والتشبيك معها إلى جانب تعريفهم بالإعاقة، يكونون رسلاً لنا في التوعية بين المجتمع.. وشاركنا مرة واحدة بلبنان مع منظمة اوكسفام، تفاعل

بدأنا نتواصل مع جميع المجالس المحلية في المديريات وأبدوا تفاعلا جيدا في عملية الضمان الاجتماعي للمعاقين ووعدوا أن يمشوا مجموعة كبيرة من المعاقين، ولكن كتمويل من المحافظة فنحن نجد في السنة 100 ألف فقط، وحق السنة الأولى مازال لديهم، و هناك مجموعة من المعاقين حركياً بالذات هم أكثر الإعاقات منخرطون في الجامعات، وجامعة تعز تقبل أكبر عدد من المعاقين .. وقد أشركنا العام قبل الماضي مجموعة في مركز التعليم المستمر، وكان هناك تعاون ولكن ليس بالشكل الذي نتمناه ، ويجب أن تكون للمعاق نظرة خاصة في تقبله وفي تسجيله بالجامعة.. ونسب الإعاقة تختلف، فهناك المعاق الأعرج ماذا يضر لو دخل يدرس؟.. ونوع التنسيق مع الجامعة يحدده الأعضاء.. وهناك تعاون كبير من الجامعة في استقبال المعاق.

نظرة قاصرة لزواج المعاق
بالنسبة للزواج أولا نظرة المجتمع للمعاق قاصرة، فإذا المعاق سيتزوج من امرأة سليمة قد تقوم علاقة جيدة بينهما، لكن المجتمع ينظر إلى أنه معاق، وفي نظر بعض الأسر ماذا سيقدم؟.. وهناك أسر للأمانة بدأت تتقبل .. وهناك حالات زواج بين معاق ومعاقة.. وقد يكون الحاجز المجتمعي هو الحاجز النفسي عند المعاق نفسه، وبالذات البيئة التي كان يعيش فيها.. تجد أنه متحرج من الزواج بامرأة سليمة ، وأحيانا المعاقة نفسها تشعر أن هناك نقصا عندها.

أبعدنا شيئا اسمه الحزبية
الحزبية الداء القاتل للعمل الطوعي، خذها مني قاعدة، وأي عمل طوعي تدخل فيه الجوانب الحزبية اعتبره فاشلا لأنه في النهاية كل واحد سيشذ في اتجاه، ولا بد أن يكون التعامل في إطار الجمعيات.. وفي الفترة الأخيرة بدأنا نعاني من الحزبية في بعض المواضيع، ونحن نرفض رفضا تاما وجود الحزبية في الجمعية .. وكل واحد هنا ينظر لمصلحة المعاق بغض النظر عن أي انتماء حزبي .. وكان قبل فترة هناك تدخلات لكنها أنهيت واستطعنا أن نمشي خطوة خطوة، ووصلنا إلى ما وصلنا له الآن، والفارق شاسع بين ما كانت عليه الجمعية سابقاً وبين ما هي عليه الآن، لأننا أبعدنا حاجة اسمها الحزبية.

نواب معاقون
نتمنى أن يكون هناك من يمثل المعاقين في مجلس النواب، ولكن كيف يتقبل المجتمع ترشيح معاق كعضو لمجلس النواب؟ هناك كفاءات فعلاً، وهناك معاقون أعضاء في مجلس نواب، مثل عبد الله احمد علي معاق حركياً وعضو مجلس نواب، وهناك أعضاء في مجلس النواب متعاونون معنا كثيراً مثل شوقي القاضي .. والجيدون دائما تجدهم يلبون نداء الجمعية، ويكفينا الجانب المعنوي عندما تشعر أن المجتمع معك.

المعاقون مستغلون في التسول
الضمان الاجتماعي لا يكفي، ونحن نتمنى أن يكتسب المعاق مهنة وحرفة وخبرة ليجد فرصة للعمل، وعندي في الكمبيوتر كثير من المؤهلين، ويا حبذا لو تنظر الجهات الخاصة والجهات المعنية الأخرى للمعاق.. وهناك 5% من التوظيف للمعاقين وهي ليست من إجمالي الدرجات.. وأغلب المعاقين مستغلون في ظاهرة التسول، وأغلب الأسر ترفض إخراج ابنها أو بنتها للتعليم، ونحن نسعى بشكل جاد العام القادم لنوفر باصات بالنسبة للأطفال لأخذهم إلى المدارس.. ونحاول قدر الإمكان أن يلتحق أكبر قدر من المعاقين بالتعليم، ونحن مستعدون للتعاون مع الأسر التي لديها أطفال معاقون بأن نوفر كافة الوسائل المساعدة، ونوفر لهم البيئة المدرسية، ولكن بشرط أن يكون هنالك تجاوب من الأسر لدمج أطفالهم في المجتمع.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى