مع الأيـام...الحالمة في أحضان (صبر)

> د. هشام محسن السقاف:

>
د. هشام محسن السقاف
د. هشام محسن السقاف
بعض ما لدى (الحالمة) تعز ماء لا يروي عطش الناس، وحمى تنتشر في الراهدة أسوأ من تلك التي اشتكاها أبو الطيب المتنبي والتي وصفها في إحدى قصائده المشهورة بقوله:وزائرتي كأن بها حياءً فليس تزورُ إلا في الظلامِ

أما كهرباء تعز فقد تحالفت مع تجار الشموع لكي ترسم سريالية الحالمة في جو رومانتيكي على ضوء الشموع .. ويبقى (صبر) المنيف قمة جبل تناطح السحاب القادم من بحر حقات وصيرة، محملاً بالقطر والندى، يسير متأوداً ثقيلاً عكس المسرع من السحاب، الذي عناه (المتنبي) أيضاً بقوله:

ومن الخير بطء سيبك عني أسرعُ السحب في المسير الجهامُ

لكن الأمر في شهر أغسطس يتغير فوق تعز إلى وابل يغرق الحرث والزرع، ولا تسلم محلات (البز) و(الذهب) من تبعاته بعد أن دخلها السيل الجارف من غير أبوابها.

إنها إرادة الله سبحانه، لكن للبشر المسؤول احتياطات كان لا بدَّ منها، انتفت وضاعت في قعر بئر الفساد ولم نصحُ إلا والفأس في الرأس.

في تعز (الحالمة) كما يحب أن يدللها أبناؤها، أو «الناعسة التي تغفو في أحضان (صبر) المنيف»، كما أحبَّ أن يدللها على طريقته الكاتب الكبير أنيس منصور أثناء زيارة مبكرة له بعد قيام الثورة، ويومها وصف تجارها بأشطر الشطَّار من التجار الذين صادفهم في كل مكوكياته حول العالم من سيلان إلى كوبا، نرى - اليوم- غياب الرأس مال (التعزي) الوطني عن تغيير ملامح الحالمة نحو الأحسن، ويعلم الإنسان أن اتساع مستعمرات الفساد في مفاصل الإدارة يقضي على فرص التلاقح المُثلى بين الرأس مال الوطني والتنمية في البلاد، فهناك من شياطين الإنس المفسدين من يهتبل كل فرصة لعرقلة الجهود الوطنية في التنمية، واستنزافها للمآرب الشخصية والنفعية، والقضية برمتها مرتبطة بإعادة هيكلة الاقتصاد والإدارة وفق أُسس علمية جديدة إذا أردنا، عندها قد نصحو ذات يوم وأيدي المرتشين والفاسدين (الكبار) معلقة في الباب الكبير.

إن (حنفيات) المؤسسة العامة للمياه تُصفَّر، بل تعزف لحن أُغنية «الماء هنا جنبي وانا ميت ظمأ»، حيث يستغرق انتظار المواطنين في أغلب حارات الحالمة أسابيع في انتظار قطرة الماء، بينما تغرق المدينة في مياه الأمطار هذه الأيام في مفارقة عجيبة تُعيدُ إلى الأذهان قول الشاعر:

كالعيس في الصحراء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول

وإذا كانت الحلول الميسرة لحكومتنا الرشيدة هي التحلية من مياه البحر الأحمر من (المخا) مثلاً، فإن تباطؤ الحكومة لا نفهمه إلا أنه موت للمواطنين أو انتظار ارتفاع تكلفة المشروع!!

الحالمة تستيقظ كالنائمة على معاناة الماء والكهرباء، وهناك ما تيسر من جمال الطبيعة والإنسان، ثراء المادة والثقافة في عاصمة الرسوليين والإمام أحمد، كل المبتغى إدارة رشيدة تصلح اعوجاج الدهر ليس للحالمة وحدها وإنما لكل اليمن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى