ندوة حول اتجاهات القبول في الجامعات اليمنية في منتدى «الأيام» هل التعليم الجامعي يوكب التطورات التي تجري في الساحة اليمنية وهل التخصصات الموجودة تستوعب متطلبات سوق العمل؟

> عدن «الأيام» خاص:

> في الجزء الثاني من ندوة منتدى «الأيام» حول اتجاهات القبول في الجامعات اليمنية نقف على مداخلات عدد من الاكاديميين المتخصصين ورؤاهم حول تطوير عملية القبول وكذا التعليم الجامعي بشكل عام بما يلبي احتياجات عملية التنوير في المجتمع اليمني.

عبدالمجيد عراسي، متخصص في مجال التخطيط التربوي: «أود في هذا المجال أن أوضح أننا إذا أردنا أن تؤتي مثل هذه الندوات والمناقشات ثمارها علينا أن نبحث في المصطلحات والمفاهيم بدرجة رئيسية مثلاً قولنا سياسة فمعناه البحث في القواعد المرشدة للتنفيذ وما ينبغي عمله وما لا يجوز عمله، ثانياً الاتجاهات وعندما نقول اتجاهات فمعناه اتباع المداخل الاساسية المعتاد اتباعها في الأعداد المراد استيعابها في الجامعات اليمنية، وهنا يبرز مدخلان أساسيان الأول مدخل تخطيط القوى العاملة وهذه مسؤولية تتحملها بدرجة رئيسية وزارة التخطيط والتعاون الدولي والقطاعات الاقتصادية بمجملها وعبر ممثليهم في المجلس الأعلى للجامعات اليمنية بمعنى أن تكون هناك احتياجات قطاعية تحدد بالضبط ما تحتاج إليه هذه القطاعات وفي أي من المجالات بعد ذلك تترجم هذه الاحتياجات والارقام الى مدخلات من مخرجات التعليم العام، وهذا المدخل لا يتبع الا في دولة قطعت في الاساليب التخطيطية للموارد البشرية شوطا كبيرا وتتكئ في تحديد احتياجاتها من الكوادر المؤهلة في مختلف المجالات على استراتيجية التنمية التي هي أصلا معدومة في ظروفنا اليمنية، والمدخل الثاني أن تترك الباب مفتوحا بمعنى الاحتياجات الاجتماعية للتعليم أي أن التعليم حق فيترك الباب مفتوحا بحسب هذا الحق وفقا للنسب في المعدلات من مخرجات الثانوية والقدرات والامكانات، الاتجاه الثالث الذي انتهجته الجامعات اليمنية وعكسه المجلس الأعلى للجامعات اليمنية هو الاكتفاء بالطاقة الاستيعابية للجامعات مما يتطلب على الدولة أن تقوم ببناء بنية تحتية تعليمية تستوعب الزيادات في القدرة الاستيعابية، لكن ما يتم من بناء حاليا بمعزل عن الرؤية المستقبلية للزيادة.

إذن لابد من وجود سياسة ترسم من أعلى تقول إنه يجب أن يكون الاستيعاب للأعداد القادمة باتجاه يزيد من استيعاب الاعداد في مجالات العلوم والتكنلوجيا على حساب الدراسات الانسانية والاجتماعية مثلاً بحيث تكون الغلبة بنسبة 60% للعلوم و40% للعلوم الانسانية والاجتماعية، وقد كان ذلك مقترحا من قبل جامعة عدن في الخطة الخمسية الأولى المعدة عقب الوحدة اليمنية المباركة ولاقى قبولا من قبل وزارة التخطيط وتم وضعها كسياسة أساسية لأنها تخدم اتجاه هدف أساسي وهو كيفية نقل هذا المجتمع من الاعتماد على الدراسات الانسانية والاجتماعية الى مجتمع يعتمد في عملية تطوره على الدراسات العلمية والتكنلوجيا لمواكبة عصر المعلوماتية، وعند التقييم لهذه الجوانب لمعرفة مدى قربنا أو بعدنا من هذا الاتجاه وجدت مع الأسف الشديد أنه كانت خلال السنوات الخمس الماضية تقبل الاعداد بمعزل عن نسبة 60% للعلوم والتكنلوجيا و40% للعلوم الانسانية وأصبحت وزارة التخطيط في كل عام تسأل الجامعات اليمنية جميعها الى أين وصلتم في تطبيق هذا التوجه الأساسي؟

وبرأيي إذا أردنا أن نبحث يجب أن نبحث من زاوية المفاهيم الاصطلاحية، ويجب تزويد المجلس الاعلى للجامعات بلجان متخصصة لدراسة هذه المشكلات والاتجاهات، فالسياسات والاتجاهات إذا وضعت بدقة فلن تقتصر على القدرات الاستيعابية والأبنية والإمكانات إنما ستتجاوزها الى المناهج وتطويرها مما سيرفد الجامعات بحركة علمية غير عادية ستعكس صورتها كما ينبغي أن تكون عليه اليوم».

د. إقبال سعيد العلس، مساعد نائب رئيس جامعة عدن لشؤون الطلاب: «للأسف يبدو لي أن وزارة التعليم العالي والمجلس الأعلى للجامعات ينتهجون دائما الأسهل بالتحدث عن اتجاهات القبول، حيث يتم تناولها في مدخلها الضيق فيما يتعلق بالطاقة الاستيعابية، التي تأتي دائما مفروضة على الجامعات وليس بحسب ما تحدد أقسام الكليات بحيث يكون هنالك شكوى أو تبرم من قبل الاقسام بسبب الضغط من قبل الطلاب بالذات في مجال العلوم التطبيقية حيث إن الطلاب أكثر من إمكانات الأجهزة المتوفرة في قاعات الدراسة، بحيث إن الجوانب العملية ليست بالشكل المطلوب لتأهيل الطلاب في جامعاتنا.

فيما يتعلق بسياسة القبول التي يعرفها الكثير بالتقريب ما بين رغبات الطلاب في الدراسة الجامعية وقدراتهم واحتياجات المجتمع من مخرجات التعليم الجامعي وهذا ما تلجأ اليه الدول النامية لقلة الامكانات لديها، وهنا أصبح القيد الاساسي في التحاق الطلاب بالجامعات هو توفر الامكانيات كما كان قديماً يقال للطالب الذي يريد الالتحاق بالمدرسة الابتدائية هل لديك كرسي؟

هذا الأمر يقودنا في واقعنا العربي لقضية القبول. إن الشغل الشاغل لأي أسرة ولدها حصل على شهادة الثانوية العامة هو الحاق ولدها بالجامعة، تم تأتي إشكالية التقدير الاجتماعي في هذا المجال، وعلى سبيل المثال قمنا بدراسة في العام 94م على متقدمين من مناطق بمحافظة لحج للقبول في كلية الحقوق فاكتشفنا أن هذه المناطق تشهد بسطا واعتداءات على الاراضي والمزارع مما دفع بالمواطنين الى توجيه أبنائهم الى كلية الحقوق ليتمكنوا من الدفاع عن حقوقهم وهكذا دواليك تسير اتجاهات القبول، وفي آخر اتجاه للقبول من قبل المجلس الأعلى للجامعات حدد قبول 80% من المتقدمين في الاقسام العلمية والتطبيقية و20% في الاقسام الاجتماعية والانسانية لكن ما يحدث هو العكس حيث نقبل نحو 70% في الاقسام الاجتماعية والانسانية و30% في الاقسام العلمية، والأمر ذاته ينطبق على الكادر البشري الوظيفي في الجامعات.. القبول سواء أكان سياسة أو اتجاهات هل نحن نوجه طلابنا في التعليم العام توجيها تربويا علميا في الاختيار الأمثل في المرحلة الجامعية، خاصة اذا علمنا ان نسبة الرسوب في العام الدراسي الأول بالجامعة غالبية أسبابه تعود الى أن الطالب اختار اختيارا خاطئا اما مجاراة لأصدقائه أو ارضاء لأسرته أو لغياب التوجيه».

د. سمير الشميري، أستاذ جامعي: «تشير المعطيات الى أن عدد الجامعات العربية زهاء 200 جامعة عربية ويوجد قرابة ثلاثة ملايين ونصف المليون طالب في تلك الجامعات العربية. نحن في اليمن لدينا 15 جامعة أهلية وحكومية والجامعة السادسة هي جامعة عمران ولدينا 214 ألف طالب جامعي وطالبة في الجامعات اليمنية.. السؤال الاساسي هل تساوى مع زيادة عدد الطلاب تطور نوعي وكمي في الرأسمال البشري والمنشآت والتجهيزات، وهل المنشآت الجامعية صالحة للاشتغال الاكاديمي؟

من ضمن مشاكل رئيسية في تقديري أننا نقبل أعدادا كبيرة في الجامعات اليمنية بنحو 50 - 60 ألف طالب وطالبة لا يتوافق ذلك مع نمو في التجهيزات والمباني والمختبرات والقاعات الدراسية والمكتبات والى غير ذلك من التجهيزات المادية بما فيها الرأسمال البشري، ومعروف ايضا ضمن المقاييس الاكاديمية المتعارف عليها أن القاعات الدراسية يجب أن يكون لكل طالب تقريباً متر في القاعة الدراسية ومعروف أيضا بالنسبة للساحة العامة يتوجب أن يكون لكل طالب 6 أمتار وبالنسبة للمساحات المظللة يجب أن يكون 3 أمتار للطالب، وضمن المقاييس ايضا أن يكون لكل 25 طالبا مرحاض، وهذه المقاييس في تقديري لا تؤخذ في الاعتبار عندما يتم القبول في الجامعات.

كما ورد على لسان زملاء، توجد سياسات للقبول لكنها في تقديري الشخصي ليست دقيقة لا تأخذ جملة من القضايا والمسائل التي يجب أن تتزامن مع مسألة القبول في الجامعات، والجهات العاملة في هذا الميدان لا يؤخذ برأيها وإن أخذ فليس بشكل سليم وصحيح حتى بالفعل تكون سياسة القبول سياسة سليمة تعطي لامكانية دخول دماء جديدة من الطلاب الى الجامعات اليمنية وتعطي نقلة نوعية في العمل العلمي والاكاديمي.

من ضمن الاشكاليات ايضا تدني المستوى العلمي للطلاب الذين يتم استقطباهم الى الجامعات اليمنية وهذه اشكالية لا تتحملها الجامعات بل المنظومة التعليمية بشكل عام».

د. حسين باسلامة، أستاذ جامعي: «هنالك أسئلة عديدة متعلقة بآليات التعليم الجامعي في البلدان العربية، والأستاذ سمير قد طرح مسألة حساسة فيما يتعلق بهذا الجانب، وفعلاً نحن من خلال قراءاتنا ودراساتنا أن آلية نظام التعليم في الجامعات العربية لا يزال يتبع النمط التقليدي وكأن الجامعات مكلفة بدرجة رئيسية فقط باحتضان الطلاب واستقبالهم لفترة طويلة تمتد لسنوات بحسب التخصص الدراسي وتتم عملية التلقين دون أن تكون هنالك قضايا أخرى متعلقة بالتعليم الجامعي بينما التلقين ليس هو الهدف الرئيسي من عملية التعليم الجامعي بل هناك وظائف أخرى عديدة وهامة للتعليم الجامعي منها عملية الابداع.. هناك تطورات ضخمة متسارعة في مجال العلم والتكنلوجيا، والعالم يتسارع في مجال الاكتشاف العلمية، وطلاب الجامعات الاخرى غير العربية يكتشفون المعرفة كما هي حاصلة فعليا بينما طلابنا ما يزالون يستقون المعرفة من مصادر قديمة جدا فكيف نستطيع القيام بعملية المواكبة لهذا التطور؟

التعليم الجامعي في الدول الاخرى انتقل نقلة نوعية وأصبح الطالب والمدرس يعيشان في عملية البحث العلمي ولم يعد الامر مقتصرا على المعلم، وكم من طالب في تلك الجامعات استطاع ان يقدم اكتشافات وابتكارات ونتائج مذهلة.

هذا طبعا يبين لنا الوظيفة الحقيقة للتعليم الجامعي، ونحن لا نريد إلا أن نواكب هذا العصر المتسارع في العلوم والتكنلوجيا فالمعلومة والمعرفة أصبحت العنصر الحاسم والاساسي في كل شيء، وكلما استطعنا ان نكتسب المعرفة استطعنا ان نؤكد حضورنا في العالم المحيط بنا، وحتى لا نكون متخلفين يجب ان نكتسب العلم والمعرفة، وعلى هذا الاساس نتساءل هل جامعاتنا اليمنية قد استوعبت هذه المهام؟ وهل عملية القبول فيها قد استوعبت التغيرات العلمية الحاصلة في هذا العالم؟ وأسئلة أخرى متعلقة بقضية المنهج، والقبول في الجامعات اليمنية، فالطالب عندما يختار الآن التخصص الذي يريد أن يلتحق به في الجامعات اليمنية يختار ما هي المتطلبات الحقيقية التي يطلبها سوق العمل لأن هذه المسألة مرتبطة بالمستقبل، أي أنه هل استطاعت الآن التخصصات الموجودة في الجامعات استيعاب هذه المهمة، هذه مسألة صعبة فهناك أدوات لابد من توفيرها وإيجادها لكن على الأقل يتوجب أن يفتح الباب وان تواكب المعرفة العلمية والتعليم التطورات والحاجات، وبشكل أوضح هل التعليم الجامعي يواكب الاحتياجات والتطورات التي تجري على الساحة اليمنية؟ هذه أسئلة طرحت وتطرح باستمرار ليس في فقط في منتدى «الأيام» بل وفي مختلف المنتديات بل والمؤتمرات العربية.

القضية الثالثة هي علاقة القبول بالكادر المطلوب في المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، بمعنى هل نحن نقوم بعملية القبول من أجل دخول الطالب الى الجامعات فقط أم من أجل تحقيق أهداف كبيرة جدا تتعلق بتهيئة وتوفير الكادر المطلوب في عملية التنمية في المجتمع، وإذا لم يعتمد ذلك فستكون هنالك نسبة مرتفعة من البطالة بين صفوف الخريجين الجامعيين وهذا ما تؤكده الدراسات العلمية الآن، لذا فالتعليم الجامعي يجب أن يتطور ليس فقط من أجل اكتساب المعرفة بل لكي يعرف الطالب مقدما أن هذه المعارف التي اكتسبها في الجامعات اليمنية سيتم تطبيقها في المستقبل، وهذا يمنح الطالب الشعور بالأمل نحو المستقبل، وهذه مسألة أساسية تساعد الطلاب في مسألة اختيار التخصص، لأن هناك شعورا لدى كثير من الطلاب كما أشار الزملاء بأن التحاقهم بتخصصات في كليات معينة على سبيل المثال في الطب والتربية سيمكنهم من الحصول على وظيفة وفرصة عمل لوجود طلب على هذه التخصصات.

وأؤكد على قضية بديهية وهي العلاقة بين التعليم الاساسي والتعليم العالي وهذه مسألة أساسية جدا، لأن عملية الترويج في الجامعات اليمينة لا ينبغي أن تكون منحصرة في الاعلان الذي ينشر في الصحف ووسائل الاعلام عن فتح القبول بل يجب أن تتم تهيئة مسبقة في المدارس وحتى اكتشاف المواهب الاساسية وإدخالها الى الجامعة وفقا للنسق الذي يجعل منها كادرا فعالا في المجتمع. هذه هي بعض الملاحظات القصيرة التي أردت المشاركة بها في الندوة التي تحسب لمنتدى «الأيام» السباق الى طرح هذه القضية».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى