قصة قصيرة بعنوان (طاهشة)

> «الأيام» عبد العزيز عباس:

> الإهداء:«إلى ذلك القانون الذي لم - وربما لن - ير النور مطلقاً»,قال لصديقه مازحاً وهو يعيد تركيب أجزاء مسدسه بعد أن انتهى من تنظيفه: ترى ماذا سيحدث لو انطلقت رصاصة وأودت بحياتك؟!

أجابه الثاني وهو يضع كوب الشاي أمامه مبتسماً بسخرية:

- ماذا سيحدث؟! لن يحدث شيء، سوى أن الغد سيتغير.

سأله الأول بدهشة:

- كيف؟! وما دخل الغد؟!

أخذ كوب الشاي وارتشف رشفتين وقد اتسعت ابتسامته:

- يعني أننا سنفقده، كلانا، ولن نحقق ما كنا نصبو إليه.

ازدادت دهشة الأول متسائلاً:

- لم أفهم.. ماذا تقصد؟!

كان الكوب مازال بيده، ارتشف رشفة صغيرة فوضعه أمامه دون أن ينظر إليه:

- أقصد بأننا سنموت معاً.. أنت وأنا.

- ماذا؟ كيف سنموت معاً؟! هل ستقتلني بعد أن تموت؟!

ابتسم الثاني رغماًً عنه:

- كلا أيها الأحمق.. لست أنا من سيفعل.. بل سيحكم عليكم بالإعدام.

شعر الأول بخوف شديد فقال متداركاً:

- هذا إذا مت حقاً لا سمح الله.. ولكن، إذا لم تمت؟! هل سيتغير الغد؟!

- وما أدراك إن كنت سأموت أم لا؟! وعلى كل حال إذا لم أمت فربما أصبت بإعاقة ما وهذه بالتأكيد ستؤثر في تحقيق ما كنت أصبو إليه.

- وأنا؟!

- وأنت ستنفق جزءاً من سنوات حياتك في السجن، كان الأولى بك أن تعمل بها شيئاً مفيداً.

أطرق الأول قليلاً متفكر، ثم تساءل بحيرة كأنما يحادث نفسه:

- يا إلهي .. ولكن أولئك الذين يقدمون على قتل الناس، ألا يعرفون ماذا ينتظرهم؟

- يعرفون بالتأكيد.

- ولماذا يقدمون على ذلك الفعل إذاً؟!

نظر الثاني إليه مبتسماً مشفقاً:

- إما لأنهم حمقى أو أن الجنون قد أعمى بصيرتهم، وطالما أن السلاح ما يزال بأيديهم، فإنهم..

فجأة انطلقت رصاصة لتصيب صديقه - قبل أن ينهي حديثه - في مقتل..

طاهشة: الفعل طهش، يطهش بمعنى انتزع، ينتزع.. وهي كلمة دارجة في اللهجة اليمنية. ويقابلها كلمة طائشة فهي تأخذ المقصدين تماماً (المؤلف).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى