ماشي تفيد الآه..!

> «الأيام» علي حيمد:

> في الثلاثين من أغسطس الماضي فقدت الحركة الفنية اليمنية الفنان الكبير طه فارع وقبله بسنوات قليلة الفنانون الكبار محمد سعد عبدالله ومحمد سالم بن شامخ وشريف ناجي، والله وحده يعلم على من سيكون الدور في قادم الأيام.

المبدعون يتساقطون واحد تلو الآخر، هؤلاء الذين ملأوا حياتنا ضجيجاً وطرباً وأنغاماً فتكت بهم الأمراض وكم تمنيت أن الضجيج الذي ملأوا به حياتنا، مطربين مبدعين أن يرافق فترة مرضهم، لأنهم وللأمانة يمرضون في صمت ويرحلون في صمت مطبق ولا أحد يعلم حتى بنبأ وفاتهم إلا بعد أن تنشر الصحافة نعيهم وخبر وفاتهم، ثم تنهال برقيات العزاء وكلمات النعي والرثاء والمواساة وعض أصابع الندم وزفرات الأحزان على رحيلهم.

إنني أتساءل ما الفائدة من كل تلك الآهات والتعازي ومقالات الأسى بعد أن يكون مبدع كبير قد ترك الحياة الفانية ومع احترامي وتقديري الكبيرين للمسؤولين الكبار في الدولة، الذين يولون اهتماماً بهذا الشأن ويقومون بإرسال برقيات التعازي إلى أهل وذوي الفقيد الراحل.

إلا أنني أقول ماذا قدمتم لهذا المبدع خلال سنوات صراعه المرير مع المرض وهل كلفتم أنفسكم حتى باتصال هاتفي للاطمئنان على صحته، إنه وهو في حالته تلك لا يريد منكم أكثر من المواساة بالسؤال على صحته فقط.

عاش الفنان الكبير طه فارع في صراع طويل مع المرض استمر لعدد من السنوات وقد أتيحت لي فرصة زيارته برفقة الفنان الكبير الأستاذ محمد محسن عطروش في بداية سنوات مرضه، عندما قمنا بزيارته في إحدى الليالي الرمضانية في منزله ومكثنا معه في جلسة جميلة استمرت زهاء الأربع ساعات، تحدث فيها كعادته بأناقة ورشاقة وهدوء عن مشوار حياته الفنية وما قدمه خلال مسيرته الفنية التي دامت لما يقارب خمسة عقود وكانت بالفعل سفراً لمسيرة فنان عظيم مبدع قسا عليه الزمن واضطرته ظروفه الصحية والمادية إلى الانزواء عن كل شيء وملازمة فراش المرض دون أن تحرك أي جهة من الجهات ساكناً لمعالجته وتلافي الخطر الذي بدأ يحدق به ويهدد حياته، مما جعله حبيس منزله لايغادره إلا عند حاجته للذهاب إلى المستشفى للعلاج، ولاننسى مبادرة بعض الجهات غير الحكومية في مساعدته وتسهيل مهمة سفره للعلاج في الخارج ولكن بعد أن استفحل به المرض وبدأ ينهك قواه.

ربطتني بالفقيد الفنان الكبير طه فارع علاقة طيبة حتى أنه قبل تدهور صحته زارني في منزلي وبحضور عدد من الزملاء المبدعين من أدباء وفنانين، حيث تبادلنا أطراف الحديث حول قضايا الفن والإبداع في بلادنا وكان كعادته دائماً ما يطرح الآراء والأفكار السديدة، ثم استمر التواصل بيننا بالهاتف.

وفي الأيام الأخيرة وقبل رحيله بأسبوعين وتحديداً في 16/8/2005م أي بعد أن تم نقله إلى مستشفى صابر هو في حالة غيبوبة تامة، أتيحت لي فرصة زيارته للمرة الأخيرة برفقة الشاعر عبدالله باكدادة، مدير عام مكتب الثقافة والسياحة م/عدن والفنان المبدع عصام خليدي حيث استقبلنا نجله الأكبر الأخ نزار طه فارع ورأيت الحزن والحسرة والألم في عيني نزار، إلا أن تلك اللحظات الحزينة التي كان يمر بها لم تمنعه من الشكر والإشادة بالموقف الإنساني المشرف للأخ الدكتور يحيى محمد الشعيبي محافظ م/عدن، الذي وجه بأن تتحمل المحافظة كافة تكاليف العلاج والتمديد في المستشفى وهذا موقف يحسب للدكتور المحافظ.

وعندما تساءل الأخ عبدالله باكدادة عن إمكانية نقل الفنان طه فارع للعلاج في الخارج، أفاد الطبيب المشرف على علاجه وهو من مصر الشقيقة أفاد بعدم جدوى نقله إلى الخارج لأن الحالة ميؤوس منها ولا يوجد أمل في علاجه. عندها غادرنا المستشفى مودعين الأخ نزار والألم يعصف بنا على تيقننا بأننا في القريب العاجل سنخسر واحدا من كبار فنانينا الذين أفنوا حياتهم في خدمة هذا الوطن.

وفي خاتمة مقالي هذا أقول كلمة لكل من تهاون في مد يد العون لعلاج الفنان طه فارع، ما قاله في مطلع إحدى أغانيه الشهيرة.

ماشي تفيد الآه * ولا الندم يكفي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى