وتلك الأيــام..لو كان القات رجلاً!!

> حسام سلطان:

> لو كان القات رجلاً لوجبت محاكمته بتهمة الحرابة، فهذه النبتة مسؤولة بشكل رئيس ليس فقط عن تدهور الوضع الصحي العام في اليمن وعن ضياع المليارات من الريالات من جيوب الفقراء والمعدمين سنوياً على عادة قبيحة لا فائدة منها سوى الانتشاء المؤقت لساعات يعقبه اكتئاب،بل إنها مسؤولة مسؤولية مباشرة عن ارتفاع حالات الاصابة بمختلف أنواع السرطانات إما بالتعاطي المباشر أو بسبب المبيدات المستخدمة وبالتالي ازدياد أعداد الوفيات وتدني متوسط أعمار اليمنيين الى مستويات متدنية جداً ويكفي للتأكيد على ذلك الاطلاع على ارقام منظمة الصحة العالمية التي تشير إلى أن متوسط عمر اليمني من الذكور المتمتع بصحة جيدة 48 عاماً ومن الإناث 52 عاماً، قارن ذلك بدول الجوار حيث يبلغ نفس المتوسط في السعودية 60 عاماً للذكور و63 عاماً للإناث وفي عمان 63 للذكور و65 للإناث. كما تسبب القات ايضاً في انتشار التدخين بين مختلف الفئات العمرية من الرجال والنساء على حد سواء، وكأن مصيبة القات وحدها لا تكفي حتى نلحقها بالقاتل الثاني، ومن لم يمت بالسيف مات بغيره.

القات قاطع طريق بكل ما تحمله الكلمة من معان، ازداد به الفقراء فقراً والبؤساء بؤساً، سلب من الناس مدخراتهم وأرغم الكثيرين على اللجؤ الى أي وسيلة لتوفير الاتاوة اليومية التي يقتطعها هذا البلطجي من أرزاقهم، فلجأ الناس الى الرشاوى والاختلاسات وأوجدوا لها المبررات والأعذار والحجج الواهية من أجل الاستمرار في تغذية هذا الوحش الكاسر الجاثم على جسد الشعب المنتشي بالساعة السليمانية، لقد وصل الأمر أن ميزانية القات والتبغ في كثير من البيوت اليمنية توازي ميزانية باقي السلع والاحتياجات الأساسية وهذه تقارير منشورة على الانترنت وليست مبالغات أو ضرباً من الخيال أو مؤامرة صهيونية دنيئة.
القات يا سادة سارق محترف وأكبر باسط على الأراضي في العالم بعد اسرائيل، حيث تشير أغلبية التقارير والاحصاءات المنشورة إلى أن مساحة الاراضي الزراعية والمزروعة قاتاً تصل إلى أكثر من خمسين بالمئة من مساحة الأراضي الصالحة للزراعة في اليمن، والنسبة في ازدياد وعلى حساب السلع الأخرى التي قد تخفف من عبء الاستيراد، ناهيك عن ملايين الامتار المكعبة من المياه الجوفية التي تستهلكها هذه النبتة اللعينة والتي بسببها يعاني مئات الآلاف من سكان مدن كبرى وعواصم محافظات في اليمن من الانقطاع المتكرر لمياه الشرب والذي قد يصل الى بضعة أيام في احيان كثيرة. القات واستهلاكه يسرقان من اقتصاد الوطن عشرين مليون ساعة يومياً بحسب دراسة لمكتب المفوضية الاوروبية بصنعاء، هذه الساعات كانت ستترجم الى انتاج وتصنيع وعمل مثمر لولا ترصد هذا البلطجي بالمواطنين مثل الشيطان الذي اقسم ليأتين بني آدم من بين ايديهم ومن خلفهم وعن ايمانهم وعن شمائلهم حتى اصبحت الغالبية الساحقة من الشعب اليمني "موالعة" ويا حسرة على العباد.

اعتقد أن ما تقدم يكفي لتقديم القات للمحاكمة بتهمة الحرابة، وفي اعتقادي أن أي قاض ذي ضمير لا بد سينزل الحكم العادل الوحيد هنا، ويأمر بصلب شجرة القات لتكون عبرة لكل قاتل وقاطع طريق يسعى في الأرض فساداً ولا يخشى الله في العباد.
للأسف شجرة القات ليست رجلاً، ولكنه بلا شك وحش كاسر في داخل الكثيرين من أبناء اليمن وقد آن الأوان لأن ننزعها من انفسنا، وأن نقيم عليها الحد فينا لعل الإصلاح الشامل أن يأتي من داخل أنفسنا قبل أن يهبط علينا من السماء.
ولله في خلقه شؤون.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى