رمضان في مصر الفاطمية والمملوكية: ذبح الابقار وعتق الرقاب ونثر دنانير الذهب

> القاهرة «الأيام» رانيا توفيق:

> لم يشهد أي عصر في تاريخ مصر المحروسة صورا من عظمة الاحتفال برمضان المعظم مثلما حدث في العصر الفاطمي فقد اعتاد القضاة الطواف بالمساجد في القاهرة والاقاليم خلال الشهر لتفقد أعمال الاصلاح وتعليق القناديل التي تضاء خلال رمضان وحده فإذا انتهى تعاد إلى مكان لحفظها فيه للعام القادم كما كانت الدولة تخصص مبلغا من المال لشراء البخور الهندي والكافور والمسك الذي يصرف للمساجد في شهر الصوم.

وعندما يحل الشهر الكريم بنفحاته العطرة التي تملا الاجواء والذييفتح فيه الله أبواب الخير يرسل الخليفة لجميع الامراء وغيرهم من أرباب الرتب والخدم لكل واحد منهم طبقا فيه حلوى وكذلك لكل واحد من أولاده ونسائه وفي وسطه صرة من ذهب.

وكان الخليفة الفاطمي يصلي أيام الجمع الثلاث الاخيرة في رمضان على الترتيب التالي: الجمعة الثانية في جامع الحاكم والثالثة في الجامع الازهر أما الرابعة (الجمعة اليتيمة) فكان يؤديها في جامع عمرو بالفسطاط ويذاع عقبها بلاغ رسمي عرف"بسجل البشارة" وآخر ليلة من الشهر الكريم كان القراء والمنشدون يحيونها بالقصر الشرقي الكبير والخليفة يستمع من خلف ستار وفي نهاية السهرة كان الخليفة ينثر على الحاضرين دنانير الذهب. وكانت الحركة التجارية تنشط في الاسواق ومن بينها "سوق الشماعين" بالنحاسين الذي كان من أهم الاسواق في القرنين الثامن والتاسع الهجريين. وكان رمضان موسم رواج كبير لما يسمى"الشموع الموكبية" التي تزن الواحدة "عشرة أرطال" وكان الاطفال يلتفون حول إحدى الشموع وبأيديهم الفوانيس يغنون ويتضاحكون ويمضون بموكبهم المنير في الحواري من بعد الافطار حتى صلاة التراويح. وكان هناك أيضا "سوق السمكرية" داخل باب زويلة الذي كان يعج بأنواع "الياميش و "قمر الدين" وكانت وكالة "قوصون" بشارع باب النصر التي ترجع للقرن الثامن الهجري مقر تجار الشام ينزلون فيها ببضائعهم من الزيت والصابون والفستق والجوز واللوز والخروب.

أما في عصر المماليك فقد كان السلاطين يتوسعون في أعمال البر والاحسان. فالسلطان برقوق اعتاد أن يذبح في كل يوم 25 بقرة يتصدق بلحومها بالاضافة إلى الخبز والاطعمة على أهل المساجد بحيث يخص كل فرد رطل لحم مطبوخ وثلاثة أرغفة وسار على سنته من أتى بعده من السلاطين فأكثروا من ذبح الابقار وتوزيع لحومها.

كذلك اعتاد سلاطين المماليك عتق 30 رقبة بعدد أيام الشهر الكريم بالاضافة إلى كافة أنواع التوسعة على العلماء حيث تصرف لهم رواتب إضافية في رمضان خاصة ما يصرف من السكر وقد بلغت كمية السكر في عصر السلطان الناصر محمد بنقلاون ثلاثة آلاف قنطار قيمتها 30 ألف دينار منها 60 قنطارا في كل يوم من أيام رمضان. أما السلطانة ملك أرملة السلطان حسين كامل فكانت تخرج في موكب لتوزيع نقود ذهبية على الاطفال وكانت ترتدي فستانا طويلا وتهدي كل طفل كيسا صغيرا من الحرير بداخله 10 ريالات ذهبية. د.ب.أ

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى