رمضان الدمشقي يعيش الماضي برداء الحاضر

> دمشق «الأيام» د.ب.أ:

> على غير العادة لم تشهد العاصمة السورية هذا العام "الاجتماع السنوي" الذي يعقد قبل شهر رمضان بثلاثة أيام بمشاركة جميع (المسحراتية) في دمشق. فلسبب أو لآخر فقد أولئك المسحراتية آليات التنسيق فيما بينهم في آخر إشارة لانقراض هذه المهنة التراثية. لذلك كان على مسحراتي (حي العمارة) أبو هيثم الداوودي أن يستعد وحده هذا العام معتمداً على آخر توزيع لاحياء دمشق تم بين المسحراتية السنة الماضية.

ويقول أبو هيثم "أنا أول شخص تتغير عليه الحياة عندما يأتي رمضان لأني أعود لعملي الذي أحبه كثيراً ولا أستطيع القيام به إلا هذا الشهر وهو المسحراتي الذي يستيقظ قبل موعد السحور ويضرب على طبلته ليوقظ أهل حارته وهو يغني وينشد للنائمين كي يستيقظوا ليأكلوا ويصلوا ليبدأ يوم صيام جديد." ويعمل أبو هيثم في باقي شهور السنة بائعاً جوالاً لكنك تستطيع أن تلتقط الفرحة في عينيه وهو يعد الايام حتى يأتي رمضان قائلا "إننا ننتظره من عام لعام." وأخرج أبو هيثم طبلته ونظفها وها هو بدأ بالضرب عليها مع حلول الشهر الكريم مرددا الاغاني والنداءات التي تجعل الناس تستيقظ سعيدة على نغمة صوته الذي يرن في منتصف الليل "اصحى يا نايم وحد الدايم."

ورغم أن شهر رمضان أصبح اعتيادياً في كثير من الاماكن لكن أهل دمشق مازالوا ينتظرون هذا الشهر القمري لأنه مازال يبدل نمط حياتهم كل عام. ويقول الطالب الجامعي كريم الحلبي (24 سنة) "هذا الشهر هو شهر العبادات وأنا أنتظره بفارغ الصبر حتى أمارس تلك العبادات. وأحضر نفسي للالتزام بالصلاة والصيام لاني أراه التزاماً كبيراً ويحتاج إلى تحضير روحي أيضاً بحيث أبدأ أبحث عن سلوكياتي الخاطئة لاحاول تجنبها في شهر رمضان." وفي مقهى "النوفرة" وهو أول مقهى في دمشق ويعود لما قبل 400 عام، فقد أعد المكان المرتفع الذي يجلس فيه الحكواتي (الذي يلقي الحكايات) رشيد الحلاق (أبو شادي) على كرسيه المطعم بالصدف. وقربه الطاولة التي تحمل مخطوطه الذي ورثه أباً عن جد. فقبل أن يوجد التلفزيون كان الحكواتي يجمع الناس على قصصه بعد الافطار لحكي السرديات العربية الشهيرة مثل الزير سالم وعنترة والملك الظاهر بيبرس. لكن مقهى النوفرة هو الوحيد الذي ينفرد بين مقاهي دمشق باحتضان الحكواتي على الطريقة القديمة. واستعد أبو شادي هذا العام لسرد حكاية قصة عنترة العبد الاسود الذي أحب سيدة من علية القوم وكان فارساً دافع عن قبيلته ونال حريته. لذا فإنه يحاول أن يختصر القصة التي تمتد إلى أربع سنين في شهر واحد من أجل المتابعين الذين يأتون في شهر رمضان فقط. ويأتي الحكواتي يومياً في رمضان ليتحدث ساعة كاملة وهو يحمل سيفه الطويل ويلوح به.

وعندما يتحدث الحكواتي فإن الجميع يصمتون ويجلسون مستمعين. وفي رمضان يتغير قليلاً زبائن القهوة اليوميين ليتحولوا إلى الطبقة التي تسكن خارج السور والتي يأتي أبناؤها ليتعرفوا على العادات القديمة ومنها الحكواتي كما يخبرنا نوري العلبي مدير القهوة. وقريباً من (النوفرة) يوجد الجامع الاموي وهو المسجد المفضل لدى الدمشقيين للصلاة به في شهر رمضان. ويقول فاروق الجاسم المرشد السياحي للجامع الاموي "بدأنا الاستعداد لرمضان منذ أكثر من شهر وقمنا للمرة الاولى منذ سنوات بغسيل كامل السجاد الموجود في المسجد الاموي والذي يتعدى الالف سجادة وضاعفنا طاقة شبكات الكهرباء ومصابيح الانارة". وتتراجع نسبة إقبال السائحين من العرب والاجانب على المسجد الاموي في رمضان لكن المصلين يتزايدون قادمين من كافة أحياء دمشق القريبة والبعيدة فتمتلئ قاعات المسجد ويضطر قسم كبير منهم للصلاة في باحة المسجد. ويصل أعداد المصلين ما بين 15 و20 ألف شخص.

ويقول فاروق الجاسم "إضافة إلى الفروض الخمسة للصلاة هناك صلاة التراويح اليومية وهناك دروس دينية حيث جهزت إدارة المسجد برنامجا غنيا بالمحاضرات اليومية حول الاسلام ومعاني شهر رمضان بمشاركة ثلاثة من أكبر علماء دمشق".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى