مع القرآن

> علي بن عبدالله الضمبري:

> يقول الله تعالى في سورة الأحزاب: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراًَ كثيراًَü وسبحوه بكرة وأصيلا ü هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما} 41-43 .

في هذه الآية المباركة دعوة ربانية مفتوحة من خلال الأمر الإلهي {اذكروا الله} وهي دعوة لتجديد الإيمان وزيادته لأن ذكر الله جل وعلا هو الوسط الملائم المناسب الذي ينمو فيه الإيمان ويتحرك ويتنفس ويقوى ويتعزز .. قال الإمام ابن حجر العسقلاني رحمه الله كما جاء في (فتح الباري 1/45) ما نصه : «وكان معاذ بن جبل يقول للرجل من إخوانه: إجلس بنا نؤمن ساعة، فيجلسان فيذكران الله عز وجل ويحمدانه، وكلام معاذ لا يُحمل على أصل الإيمان لكونه كان مؤمناً وأي مؤمن، وإنما يحمل على أنه يزداد إيماناً بذكر الله، وقال القاضي أبوبكر بن العربي : إنما أراد تجديد الإيمان وتجديد الإيمان إيمان».

إن ذكرنا لربنا جل في علاه له جائزة هي أن الله يصلي علينا وتشترك معه الملائكة، وهدف هذه الصلاة العلوية القدسية هي الانتقال بنا من ظلامية الوهم، إلى نورانية الفهم، ومن ظلمات الغفلة إلى أنوار الاذكار، ومن ظلم النفس إلى ضياء المغفرة ومن ظلام الشتات والتفكك إلى حالة الثبات والتذكر ولذلك قال المربي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم «مثل الذي يذكر الله والذي لا يذكره كمثل الحي والميت» وقال الحق جل في علاه {ألا بذكر الله تطمئن القلوب} الرعد 28 . والطمأنينة التي يهبها الذكر لقلب المؤمن هي شعور غامر بالسعادة وإحساس عامر بالرضا وفيض من السنا الروحي، والإشراق النفسي والرضا الوجداني.. إذ يستيقن المؤمن الذاكر بأن هذه الدنيا بكل بهرجها وزخرفها وزينتها «دار ممر» كما جاء في الحديث النبوي.. فيتزود من دار الممر بكل عدة وعتاد حتى يصل إلى «دار المقر» وهنا يمتلئ القلب بالرهبة الخاشعة والطمأنينة الصادقة، ومن خلال ثنائية الطمأنينة والخشية يتكون موقف شعوري ووجداني يرسخ قناعة عقائدية أو عقدية تدفعنا إلى البحث الدائم الدائب عن الوسائل والآليات العبادية التي نخرج بممارستها وأدائها {من الظلمات إلى النور} خصوصاً في أزمنة رمضان المباركة لتكون زاداً روحياً لأزمنة لاحقة، وقد علمنا النبي الاعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم أذكاراً عظيمة في غاية الايجاز والبلاغة والبيان وفي منتهى الخضوع والإخبات واليقين.. وكلها تهدف إلى تعميق التوحيد، وتثبيت الضمير، وتصحيح الاتجاه، فيكون الذكر هو مفتاح علاقتنا بالله، ومصباح هدايتنا إلى الله، ومعراج ارتقائنا الأخلاقي حتى نهدم كل أوثان الهوى، ونهزم أصنام الغرور، ونحطم نوازع التعالي، ونتطهر من أدران المعاصي، وأوساخ الآثام، وأقذار الشهوات.

اللهم طهر قلوبنا بعطايا كرمك، وأفض علينا من جودك ونعمك، واحفظنا من عذابك ونقمك، واجعلنا لك ذاكرين شاكرين.. آمين وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله الطاهرين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى