مائدة رمضان في مصر كثير من الطعام قليل من الزهد والحرمان

> القاهرة «الأيام» ياسمين حسين:

> ترتبط المناسبات الدينية وغير الدينية في مصر بالطعام والشراب بحيث أصبح لكل مناسبة في أي بيت مصري أكلة معينة لا تكتمل الفرحة إلا بها بدءا من البيض والفسيخ يوم "شم النسيم" وحتى الكعك في عيد الفطر واللحم الضأن في عيد الاضحى. ورغم الارتفاع المتزايد في أسعار السلع الغذائية بمصر مع ثبات دخول السواد الاعظم من المصريين إلا أنهم يستقبلون رمضان بنفس المنطق ألا وهو حشد المؤن الغذائية والاطعمة استعدادا لهذا الشهر الذي يفترض أنه شهر الصوم والتقشف والزهد. وحتى قبل استطلاع هلال رمضان تبدأ الاسر المصرية وضع ميزانية خاصة بمائدة الافطار والسحور كل يوم. وقد يكون الاهتمام الزائد بالطعام في رمضان مقبولا بعض الشيء لانه شهر كامل يقضي المسلمون نهاره صائمين ممتنعين عن أي طعام وشراب وبالتالي تسيطر عليهم حالة نفسية توحي بضرورة تعويض هذا الحرمان بمجرد انطلاق "مدفع الافطار". ولمائدة الافطار في مصر طقوس خاصة وأصناف لا تكتمل الوجبة إلا بها. وبشكل عام يميل المصريون بمختلف طبقاتهم الاقتصادية إلى اللحوم الحمراء والطيور التي دونها يشعر البعض بأن مائدة الافطار ليست على المستوى الذي ينشده. وحتى لو اشتملت مائدة الافطار على الاسماك فإن غالبية المصريين لا يشعرون بالرضا الكامل رغم ارتفاع قيمتها الغذائية.

ومن أساسيات مائدة الافطار الرمضانية في مصر مشروبات بعينها مثل "الخشاف" و "قمر الدين" والعصائر. ولا يمكن إغفال أهمية طبق الطرشي )المخلل( المصري الشهير الذي يفترض أنه يفتح شهية الصائمين التي عادة ما تكون مفتوحة أساسا بعد حوالي 13 ساعة من الصيام. وتقول ناهد جلال وهي أم لاسرة مصرية مكونة من أربعة أفراد: "لا يمكن أن تخلو مائدة الافطار لدي من اللحوم أو الطيور إلى جانب طبق السلطة الذي اعتبره من أساسيات الوجبة. أما السحور فعلى عكس كثير من الناس لا أهتم بالفول بالقدر الذي اهتم فيه بالزبادي مثلا". وتتفق سوسن حسن وهي ربة منزل أخرى مع ناهد في ضرورة وجود نوع من أنواع اللحوم والطيور على مائدة الافطار. وتقول: "تنفق أسرتي المكونة من خمسة أفراد على الطعام فقط في شهر رمضان حوالي ألف جنيه مصري فنستهلك حوالي ستة كيلوجرامات من الزبد و20 كيلوجراما من اللحم و15 كيلوجرام أرز و15 فرخة )دجاجة( وخمسة كيلوجرامات من المكرونة تقريبا". ولا تقل وجبة السحور أهمية عن الافطار فهي بمثابة إعداد للصائمين ليتحملوا الجوع والعطش في اليوم التالي. وكالعادة يكون للسحور في مصر مذاق مميز سواء داخل البيوت أو خارجها في المطاعم والخيام الرمضانية المنتشرة. ورغم اختلاف مائدة السحور وفقا للمستوى الاقتصادي لكن طبق الفول المدمس يظل محتفظا بعرشه مع إضافات مختلفة تصل في بعض الاحيان إلى اللحم المفروم وعيش الغراب. ويشمل السحور أيضا طبق الزبادي والطعمية )الفلافل( المصرية الشهيرة. أما الحلويات فلها مكانة خاصة ومميزة على مائدة الافطار وربما السحور أيضا. ورغم توافر الكنافة مثلا طوال العام إلا أن وجودها على مائدة رمضان لا غنى عنه بالنسبة لكثير من المصريين بجانب أنواع أخرى من الحلوى مثل القطايف و "لقمة القاضي" وغيرها. وربما لا تبدي البيوت المصرية اهتماما بالغا بالحلوى في الايام العادية ولكنها تتمسك بها في رمضان باعتبارها جزءا من التراث الذي يحرص عليه المصريون منذ أيام الفاطميين مثل فانوس رمضان والمسحراتي. ومن الظواهر المميزة لرمضان في مصر ما يعرف بالياميش والمكسرات والذي يشمل التمر )البلح المجفف( وعين الجمل والبندق واللوز و "القراصيا" وغيرها. ويتم استيراد معظم هذه السلع من دول مثل تركيا وسوريا. ورغم ارتفاع أسعارها إلا أن المصريين يحرصون على شرائها حتى ولو تباينت كميتها ودرجة جودتها. وفي سياق مهرجان الاطعمة المصرية في رمضان ربما يكون من الانصاف الاشارة إلى طبق مصري عريق وشهير شاءت الاقدار لسبب أو لاخر أن يكون هو كبش الفداء للاطعمة الرمضانية. هذا الطبق هو "الكشري" الذي يحتل في غير رمضان عرش الاطعمة الشعبية المصرية. فلاسباب عديدة تغلق محال الكشري في مصر أبوابها طوال الشهر. ومن أهم هذه الاسباب أنها لا تجد إقبالا يحقق لها الربح المنشود نظرا لصوم المصريين طوال النهار وتناولهم الكثير من الطعام على الافطار.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى