مع القرآن

> علي بن عبدالله الضمبري:

> يقول الله تقدست أسماؤه، وعظمت كلماته في الآية 35 من سورة الإسراء {وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا}.

لعل من أهم أسباب هزائم الأمة الإسلامية في عالمنا المعاصر هو (تطفيف المكيال والميزان) ابتداءً من دكاكين التجارة حتى دهاليز السياسة التي تحولت إلى دكاكين نتنه عفنه قامت على «بطر الحق وغمط الناس».

وتلك الآية السابقة تدعو إلى الوفاء في الكيل والميزان، وهذا الوفاء النادر أصبح عملة صعبة في ظل معاملة قاسية صعبة تقع على كاهل المسلمين، ويتعاون على ممارسة هذا «التطفيف» الظالم بعض المؤسسات والشركات وبيوت المال والتجارة التي تتحكم في أقوات الناس وأدويتهم وملبوساتهم دونما رقابة من ضمير، ولا وازع من دين، ولا رادع من نظام.. فالتجار «الفجار» يتلاعبون بالمكاييل والموازين والأسعار وخصوصاً في المواسم المشهودة كما نراه في بلادنا خلال شهر رمضان.

إن الله تعالى قد هدد وتوعد بالويل والثبور لكل أولئك اللصوص الذين يأكلون أموال الناس بالباطل فقال {ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون} سورة المطففين 1. ثم قال {ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين}.. وهذا السؤال المرعب الموجه من {رب العالمين} يوضح أن هؤلاء المجرمين قد غاب عن وعيهم وإدراكهم وتصورهم أنهم {مبعوثون ليوم عظيم} ينتقم الله فيه من الشاة القرناء للشاة الجلحاء - التي بدون قرون - وينتقم الله القائل {إنّا من المجرمين منتقمون} السجدة 22 . ينتقم انتقاماً أبدياً سرمدياً دائماً من الذين {يأكلون أموال اليتامى ظلما} النساء 10، ومن الذين يسرقون أقوات الشعوب قسراً وقهراً واستغلالاً واحتكاراً وخداعاً وغشاً رغم أن نبينا الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم قد أخرجهم من دائرة المسلمين فقال : « من غشنا فليس منا».

إن الربح الذي يجنيه هؤلاء بواسطة الغش والتطفيف والابتزاز سحت موقوت ممقوت ينبت في الجسد لحماً عفناً نبت من حرام «فالنار أولى به» كما قضى بذلك سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

ويبقى الاحتكار وصمة عار على جبين التجار الفجار يجعلهم ملعونين عند الله ورسوله والناس أجمعين لقول النبي الأعظم «المحتكر ملعون» بل يدفعه هذا الاحتكار الآثم الظالم، حتى يدخله نار جهنم فقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم من احتكر على المسملين طعامهم أقعده الله بعظم من النار. ويلحق بذلك كل تاجر كاذب غشاش يحلف اليمين الكاذبة لكي يكسب الزبائن، ويتجاهل أن اليمين منفقة للسلعة، ممحقة للبركة.

إلى متى ستظل الشعوب المقهورة تأكل الدجاج الفاسد، والقمح التالف، والدواء المغشوش؟ أيها المفسدون الغافلون تذكروا عذاب القبر قبل أن تفكروا في «الهبر». اللهم اطعمنا طيباً، وارزقنا حلالاً، ونجّنا من المال الحرام حيثما كان وأينما كان واحفظنا من أهل الغش والكذب والبهتان .. آمين. وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله الطاهرين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى