عيون العراقيين تسمرت أثناء محاكمة صدام ما بين شامت وغاضب

> العراق «الأيام» الوكالات:

>
من اليمين الى اليسار في الصف الاول: عوض حامد البدار، صدام حسين وفي الخلف عبدالله جاسم ، مزهر عبدالله رويد،طه ياسين رمضان، وفي الصف الثالث برزان ابراهيم التكريتي، علي دايم علي ومحمد عزاوي
من اليمين الى اليسار في الصف الاول: عوض حامد البدار، صدام حسين وفي الخلف عبدالله جاسم ، مزهر عبدالله رويد،طه ياسين رمضان، وفي الصف الثالث برزان ابراهيم التكريتي، علي دايم علي ومحمد عزاوي
تابع بعض العراقيين بارتياح بدء محاكمة الرئيس المخلوع صدام حسين أمس الاربعاء لمحاسبة الرجل الذي اشقاهم على مدى ثلاثة عقود,وهون آخرون خاصة من الاقلية العرب السنة بغضب من المحاكمة بوصفها محكمة "كنجرية" لا تراعى فيها مبادئ القانون تسيطر عليها الولايات المتحدة واعلنوا انهم لا يعترفون بالدعوى ضد رجل ما زال يصف نفسه مفتخرا بانه "رئيس العراق".

وبثت محطات التلفزيون الرئيسية في العراق احداث محاكمة صدام حسين ليرى العراقيون الدكتاتور السابق وهو يقدم للمحاكمة امام محكمة في بغداد حيث يواجه اتهامات بارتكاب جرائم ضد الانسانية.وبالنسبة لعراقيين كثيرين فإن العدل حلو وان تأخر.

وقال حميد حسين البالغ من العمر 25 عاما وهو يشاهد المحاكمة على شاشات التلفزيون في متجر للالكترونيات في مدينة النجف الشيعية الجنوبية "الشيء الجميل انه يجري بثها على الفور .. جاءت في وقتها .. الآن نبدأ محاكمة المجرمين." وكانت المشاعر محتدمة لدى آخرين يتجرعون آلام محنهم ويكبتون غضبهم.

وقال كراف ناهد الذي اعدم والده عام 1991 عندما سحقت قوات صدام حسين تمردا في النجف بعد حرب الخليج "اتمنى لو استطعت ان احاكمه بيدي.. ما اريده هو الثار." وتتعلق الاتهامات التي يواجهها صدام بأحداث الدجيل التي تبعد 60 كيلومترا شمالي بغداد حيث حاولت مجموعة من شبان البلدة لهم صلة بحزب الدعوة الشيعي اغتياله عام 1982 اثناء مرور موكبه بالبلدة.

ويقول الادعاء ان صدام حسين اصدر اوامر بالانتقام وطلب من رجاله ملاحقة وتعذيب وقتل اكثر من 140 شيعيا من الدجيل.

وقالت اسر واصدقاء الذين قتلوا في احداث الدجيل أمس الاربعاء انهم يأملون ان تسفر المحاكمة عن ادانة سريعة واعدام.

وقال ليث عبد المهدي وهو رجل في منتصف العمر أمام منزله الصغير في الدجيل "هذه نهاية كل طاغية .. لقد أذانا وأذى أقاربي وأذى أقرب أصدقائي." لكن آخرين يرون ان المحاكمة ما هي إلا محاولة لإضفاء طابع قانوني على الإطاحة بصدام عام 2003 على يد القوات الأمريكية.

وقال أبو حامد وهو من سكان المنطقة وقد علت ابتسامة وجهه "لا تهمني المحاكمة. لقد أدين صدام حسين عندما أسقط تمثاله وشاهدنا ذلك في التلفزيون." وبدا صدام حسين متحديا أمس الاربعاء متعاليا على المحكمة التي شكلت لمحاكمته قائلا انه ما زال الرئيس الشرعي للعراق. وانتهى الامر بقوله انه غير مذنب وتأجلت المحاكمة الى 28 نوفمبر.

واعرب بعض العراقيين عن احباطهم لسوء مستوى البث.

وتساءل عدنان حامد البالغ من العمر 35 عاما الذي كان يشاهد المحاكمة في مدينة الموصل الشمالية "اذا كانت الحكومة لا تستطيع ضبط حتى جودة الصوت عند بث حدث كهذا فكيف يمكن ان تدير البلاد." وفي تكريت معقل السنة ومسقط رأس صدام حسين التي تبعد 175 كيلومترا شمالي بغداد نزل المحتجون الى الشوارع يهتفون لاظهار ولائهم.

واحتشد عشرات الشبان ورددوا هتاف "يعيش صدام حسين" وحملوا لافتات كتب عليها "يسقط الاحتلال" ووصفوا الحكومة الجديدة بانها دمية في يد المحتلين.

رئيس المحكمة القاضي الكردي زركار امين محمد
رئيس المحكمة القاضي الكردي زركار امين محمد
وقال الطالب داود فرحان (18 عاما) "المحاكمة ظالمة.. يجب ان يحاكموا الذين يمزقون العراق وشعبه." وراقبت الشرطة العراقية ما يحدث عن كثب لكنها لم تتدخل.

وكثيرون من العرب السنة الذين جرى ابعادهم منذ الغزو الامريكي في تمرد علني ضد الحكومة الشيعية الكردية التي يخشون انها تسعى لوضع نهاية دائمة لوضعهم المتميز الذي كانوا يتمتعون به في ظل حكم صدام حسين.

وتجمع الناجون من هجوم عام 1988 بالاسلحة الكيماوية على بلدة حلبجة الكردية في المقاهي التي فتحت خصيصا في نهار شهر رمضان لمشاهدة محاكمة صدام حسين على شاشات التلفزيون.

وقال كثيرون من الناجين من هذه المذبحة انهم كانوا يودون لو رأوا الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين مشنوقا.

وقال بخشان محمد حاما مارد الذي فقد ثلاثة من أبنائه في الهجوم الذي تعرضت له البلدة بالغازات السامة والذي يتوقع ان يكون اساس اتهامات تالية بارتكاب مذابح يمكن توجيهها الى الدكتاتور السابق "ما دام صدام حيا فإن معاناتنا لن تنتهي." وفي كربلاء المدينة الشيعية القريبة التي عانت مثل النجف من حملة قمع بعد حرب الخليج 1991 قال بعض السكان ان عرض محاكمة صدام لن يفعل لتصحيح اخطائه.

وردا على سؤال حول ما اذا كانت مهتمة بما قد يقوله صدام حسين في دفاعه قالت حسنة جابر البالغة من العمر 43 عاما "جاءت المحاكمة متأخرة جدا .. كان يجب ان تتم فور تشكيل الحكومة الجديدة. يجب ان نعدمه دون حتى ان نستمع اليه." وفي بغداد احدث ظهور الرئيس السابق صدام حسين على شاشات التلفزيون امام المحكمة صدمة لدى انصاره الجالسين في احدى المقاهي خلافا لمدينة الصدر حيث لم يبد احد اكتراثا للامر.

وتمتم احد الزبائن الدائمين وهو يدخن سيجارته بعصبية، رغم رمضان، في مقهى الفردوس "بطلنا يتعرض للاهانة" اثناء مشاهدته التلفزيون الذي وضع على كرسي مرتفع.

وكانت الساعة حوالى 30،12 ظهرا عندما عرضت التلفزيونات صدام وهو يصل الى قاعة المحكمة مما احدث صدمة وذهولا بلغ حد الافتتان لدى الزبائن الذين يتابعون الحدث.

وقبل ذلك بقليل، كان هؤلاء يمارسون لعبة النرد او غيرها لا شيء يحيد انظارهم عنها.

صدام حسين اثناء مجادلته رئيس المحكمة امس
صدام حسين اثناء مجادلته رئيس المحكمة امس
ويقع المقهى القديم وسط ناحية الكرخ بمواجهة تمثال عدنان خيرالله، صهر الرئيس السابق والذي ما يزال منتصبا في مكانه لم يمسه احد بسوء بعد سقوط النظام.

ويقصد اعضاء حزب البعث المنحل المقهى بحيث يبدو كأنهم يريدون حراسة التمثال. وينظر الى صاحب النصب الذي تزين الاوسمة صدره كبطل في الحرب مع ايران. وقد لقي حتفه في حادث تحطم مروحية غامض عام 1989، بعد سنة على انتهاء الحرب.

وجذبت شاشة التلفزيون زبائن المقهى الذين تسمرت انظارهم عليها خلال المحاكمة. وقال شاب استبدت به الحماسة "اسمك هز امريكا" مستعيدا الشعار الذي تكرر قبل الغزو. الا انه رفض ذكر اسمه على غرار الحاضرين.

وبدا الارتياح واضحا على وجوههم عندما رفض صدام الرد على اسئلة رئيس المحكمة حول اسمه الثلاثي وتأكيده انه ما زال يعتبر نفسه "رئيسا للعراق".

ونال صدام اعجاب الحاضرين عندما فعل ذلك لدى ظهوره للمرة الاولى امام القضاء مطلع يوليو 2004، وقال "لا اجيب المحكمة واحتفظ بحقي الدستوري كرئيس لجمهورية العراق". واضاف "لا اعترف بالعدوان وكل ما يبنى على باطل هو باطل".

وفي الوقت ذاته، تجمهر عدد من المارة امام متجر للادوات الكهربائية في حي المنصور حيث تسكن البرجوازية الصغيرة، لمتابعة الحدث.

ولم يخف مالك المتجر ابو مازن العاني استياءه لمشاهدة صدام امام المحكمة لكنه رفض قول المزيد.

وخلافا لذلك، لم يثر ظهور صدام على التلفزيون في احد مقاهي مدينة الصدر ذات الغالبية الشيعية سوى تعليقات متهكمة.

ولم يحظ صدام بأي شعبية في الحي المكتظ والفقير. وقال احد الشبان "يكفي ارتكابه جريمة قتل المرجعين محمد باقر الصدر ومحمد صادق الصدر لكي يتم شنقه دون محاكمة".

وبعد ربع ساعة من مشاهدة وقائع الجلسة، تفرق الحاضرون الذين فقدوا الاهتمام بما يجري في المحاكمة التي جرت في احد مباني المنطقة الخضراء المحصنة في بغداد.ويحاكم صدام حسين (68 عاما) مع سبعة مسؤولين آخرين بتهمة قتل 143 قرويا من الدجيل الشيعية (شمال بغداد) وتدمير ممتلكاتهم وجرف اراضيهم اثر تعرض موكبه لمحاولة اغتيال عام 1982. اما في بلدة حلبجه التي ضربها صدام بالاسلحة الكيماوية أعاد البث الحي لصدام في محاكمته أمس الاربعاء إلى الناس ذكريات الهجوم الذي تعرضت له هذه البلدة الكردية بالاسلحة الكيماوية عام 1988 والذي كاد أن يفتك بكل ما فيها.

وكان الكثير من الناجين من هذه المذبحة يودون لو رأوا الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين مشنوقا.

وقالت برخشان حاما مارد التي فقدت ثلاثة من أبنائها في الهجوم الذي تعرضت له البلدة بالغازات السامة عام 1988 وفقدت زوجها في العام التالي في الحرب العرا قية الايرانية "ما دام صدام حيا فإن معاناتنا لن تنتهي." وفي 16 مارس عام 1988 توفي 5000 من المقيمين في حلبجة حينما غطيت البلدة بالغاز السام.

ويقول الاكراد ان حكومة صدام أمرت بالهجوم لمعاقبتهم على السعي للحصول على مزيد من الاستقلالية في شمال العراق أثناء الحرب مع إيران.ومثل الرئيس السابق أمام المحاكمة أمس متهما بارتكاب جرائم ضد الانسانية لضلوعه المزعوم في قتل أكثر من 140 شخصا في بلدة الدجيل إلى الشمال مباشرة من بغداد بعد محاولة فاشلة لاغتيال صدام عام 1982. وتتضاءل قضية الدجيل التي قد تكون اسهل بالنسبة لممثلي الادعاء للفوز فيها أمام الهجوم على حلبجة الواقعة قرب الحدود مع إيران.ونفى صدام هذه الاتهامات.ولكن أهالي حلبجة مقتنعون ان صدام كان وراء استهداف بلدتهم بالاسلحة الكيماوية.

وقال أحمد (34 عاما) الذي فقد أباه وأمه وشقيقاته الخمس واثنين من ابناء عمومته في الهجوم الكيماوي "لو استطعت أن أمسك بصدام لمزقته إلى أشلاء ولكن هل هذا حل.." ويقول أهالي حلبجة ان الناجين من المذبحة يعانون من أمراض كالسرطان والربو وغيرها جراء التعرض لغاز الخردل.

وتسمرت العيون أمام شاشات التلفزيون يتابعون المحاكمة. ولكن لم يتركز كل الغضب على شاشات التلفزيون.

فبعض الناس اشتكوا من ان حلبجة ما زالت مهدمة ومهملة وان القيادة العراقية الجديدة لم تفعل شيئا يذكر لضحايا هذه الحادثة. اما في مناطق الاكراد وتحديداً اربيل تباهى الاكراد بتولي قاض كردي رئاسة المحكمة العراقية الخاصة لمحاكمة صدام حسين وتابعوها باهتمام وارتياح شديدين.

فمنذ ساعات الصباح الاولى بدا المواطنون في اربيل (350 كلم شمال بغداد) متابعة محطات التلفزة المحلية والاجنبية في الاماكن العامة والمؤسسات الحكومية ومقرات الاحزاب لمشاهدة المحاكمة وسط لهفتهم لرؤية صدام حسين في قفص الاتهام.

وازدادت نسبة الاهتمام مع شيوع نبأ تولي القاضي زركار امين محمد رئاسة المحكمة بحيث تباهى المواطنون بذلك مفتخرين بان كرديا سيقرر مصير صدام حسين.

كما ابدت الصحف الكردية الصادرة امس في مدن اربيل والسليمانية ودهوك (المدن الرئيسية لاقليم كردستان) اهتماما واسعا بالموضوع وخصصت صفحاتها الاولى "للجرائم" التي ارتكبها النظام العراقي السابق ضد شعبه.

وقال سلمان رعد (23 عاما) ان النظام السابق "اعتقل جدي ووالدي وعمي واثنان من اخوالي وكان عمري سنة واحدة (عام 1983) وامر جيد ان يحاكمه كردي".

واعرب عن امنيته بان "يحاكم صدام محاكمة عادلة وليس اعدامه وانما تركه يتعذب نفسيا لان الاعدام لا شيء مقارنة بالمعاناة التي واجهها الكثير من اقاربنا الذين اعدموا".

ومن جهتها، قالت بيمان شاكر (40 عاما) التي اعتقل شقيقها عام 1987 ولم يعرف مصيره حتى اليوم "اتمنى ان يدين العالم اجمع جرائم صدام وعقوبة الاعدام هي اقل ما يستحقه مقابل جريمة الانفال التي ارتكبها بحق اهلنا".

وادت حملة الانفال في 1987-1988 الى مقتل نحو 182 الفا من اكراد العراق في عمليات تهجير جماعية ومجازر نفذها نظام صدام حسين في القرى الكردية، بحسب حصيلة معتمدة.

بدورها، قالت سوسن محمد (33 عاما) ان النظام السابق اعتقل 33 من افراد عائلتها بينهم والدها وشقيقيها واعربت عن سرورها بمتابعة مجريات المحكمة عبر الفضائيات وقالت "نريد ان يحاكم الدكتاتور امام الناس ليكون عبرة لغيره".

واضافت ان "الاكراد سيحققون العدالة وفقا للقانون" في اشارة الى القاضي محمد.

من جانب آخر، عدد نوري طالباني، قانوني وعضو المجلس الوطني لكردستان، "الجرائم التي ارتكبها صدام ضد الاكراد" ذاكرا "تدمير المئات من القرى الكردية" و"ممارسته سياسة التطهير العرقي" و"مذبحة حلبجة" و "تهجيره لاكثر من اربعة الاف كردي فيلي (شيعي) من اماكن سكناهم".

وكان الطيران العراقي قام في 1988 خلال الحرب الايرانية العراقية بالقاء مواد كيميائية على حلبجة (شمال شرق) مما اسفر عن مقتل نحو خمسة آلاف من اكراد العراق معظمهم من النساء والاطفال.

وطالب القانوني الكردي الذي توقع ان يعاقب صدام ومن معه بالاعدام ، بان تجري المحاكمة بصورة "شفافة وان يسمح للمتهم ومحاميه بممارسة حقهم القانوني خلال مراحل التحقيق والمحاكمة".

وفي السليمانية (330 كم شمال)، بلغ التباهي والفخر اوجه لان القاضي يتحدر من المدينة بحيث انتظر الاكراد المحاكمة منذ الصباح.

وقال جينر حبيب (20 عاما) "هذا اسعد ايام حياتي لانني اشاهد صدام في القفص امام حاكم كردي".

ومن جهته، قال زانكو احمد لدى مشاهدته صور المحاكمة ان "محاكمة صدام خطوة ايجابية اخرى في بناء عراق ديمقراطي جديد" موضحا ان القاضي محمد "يعرف باستقامته الاخلاقية والقانوية".

وبدورها، قالت سردار محمد (40 عاما) اثناء متابعة المحاكمة "اعتقد ان المحاكمة ستؤدي الى تكوين المجتمع المدني في العراق، لان اصدار حكم على هذه الطغمة المجرمة التي جعلت العراق بلاد المقابر الجماعية يبشر بظهور عصر جديد في العراق والمنطقة".

اما سروة محمد الموظفة في وزارة الزراعة حيث كانت تشاهد مع صديقاتها في الوزارة التلفزيون يبث وقائع المحاكمة فقالت "كان صدام يمنعنا من اطلاق طاقاتنا الاذاعية لكن انهيار نظامه فتح الآفاق، لذا نرجو ان يختفي الى الابد".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى