> استدعيته بعد أن تأكدت أنه لاعب، وبعد أن كنت أظن أنه مجرد متفرج، وحينذاك كانت الجولة الخامسة قد شارفت على الانتهاء وكان هدفي أن أسأله عن عمره ومجمل مشاركاته في البطولات، فكانت المفاجأة الأولى تتمثل في أنه تعامل بطريقة الكبار المثقفين رغم أن عمره لا يتجاوز عشر سنوات فقط.. تحدث بأدب، وعندما سألته كم حقق الفوز؟ ضحك واستحى أن يقول لي فزت في واحدة فقط من أصل خمس مواجهات، علماً أنه يشارك لأول مرة في بطولة كأس الرئيس علي عبدالله صالح الدولية الرابعة للشطرنج، التي أقيمت مؤخراً في عدن، ولأول مرة يحتك ويشارك مع الكبار، فهو بطل تصفيات محافظة ذمار لسن عشر سنوات، وشارك مرتين فقط في بطولة الجمهورية في هذه الفئة دون الخوض في غمار بطولات النخبة للاعبيين اليمنيين الكبار، وهنا فضلت أن أشير إلى أنه أصغر لاعبي البطولة، وقد تكون الإشارة قد شكلت دافعاً قوياً له في اليوم التالي ليحقق فوزه الثاني، لكنه قبل ذلك ودع الحوار القصير معي بالقول: أية خدمات ثانية؟

والآن وأنا أتحدث عن الشبل محمد العسودي من محافظة ذمار الذي شارك مع كبار الشطرنج وعمالقتها، وفاجأ الجميع في الجولة السابعة والثامنة اللتين أقيمتا في يوم واحد، وحقق فيهما انتصارين متتاليين رفع بهما رصيده إلى أربع نقاط لينافس على جوائز البطولة الخاصة بالأشبال والبراعم، كيف تتوقعون من هذا الشبل الذماري فاكهة البطولة أن يختتم مشواره؟ وبالفعل اختتم مشواره بتحقيق مفاجأة من العيار الثقيل والنادر، عندما شدد الخناق على الأستاذ الدولي الكبير العراقي محمد علي الكناني وفاز عليه ليكسب حب واحترام الجميع، وعلى رأسهم الأخ محمد الأهجري، الأمين العام للجنة الأولمبية اليمنية، الذي شاءت الأقدار أن يصادف مجيئه إلى الصالة بينما كان العسودي يخوض المعركة مع العراقي الكناني بصحبة عبدالكريم العذري، رئيس الإتحاد العام للشطرنج ثم حصل على الميدالية الفضية ومبلغ الأربعين ألف ريال وهي جائزة المركز الثاني بعد رؤوف الأول وقبل محمد جميل الثالث.

محمد العسودي (10 سنوات) كان مفاجأة وفاكهة البطولة، حيث فرض نفسه بقوة، وحصل على خمس نقاط مثلما حصل عليها كبار البطولة اليمنيين (البعض طبعاً)، بينما البعض الآخر حصل على أقل ممن لهم خبرة طويلة وبفارق نقطتين فقط عن كبار وأوائل البطولة الأجانب، ولذلك نعتبر (العسودي) الصغير هو بطل بطولة الرئيس الدولية الرابعة للشطرنج، التي اختتمت مؤخراً في عدن قبل أيام.