«الختايم» عادة رمضانية اجتماعية حضرمية قديمة:مجموعة من شباب المكلا يصبغون «ختم» هذا العام بالخصوصية والتميز

> المكلا «الأيام» فؤاد باضاوي:

> تتواصل عصرا ومساء «الختايم» لمساجد المكلا وضواحيها، وهي عادة رمضانية سنوية يحتفى بها في جميع مناطق حضرموت كل ليلة في أحد المساجد حيث بدأت في مناطق وادي حضرموت منذ الثامن من شهر رمضان في حين كانت بدايتها في عاصمة المحافظة (المكلا) منذ السادس من شهر رمضان وبشكل متواصل كل ليلة وتستمر حتى الثامن والعشرين من رمضان، وهي المرة الأولى التي تقام فيها «الختايم» ليليا بعد أن كانت تتخللها أوقات فراغ من يوم ليومين بين المسجد والآخر.

وتختلف طقوس الاحتفال نوعا ما بين الوادي والساحل، وتعطى هذه العادة الاجتماعية الرمضانية اهتماما أكبر في مساجد وادي حضرموت أكثر منه في مساجد المناطق الساحلية الحضرمية والتي بدأت بالركود في الأعوام الأخيرة ولم تعد الاحتفالات تلقى نفس الزخم الذي كانت عليه في الماضي.

و«الختايم» عند سكان المكلا الأصليين لها مكانة خاصة حيث تدعو الأسر التي يقام في مسجد حارتها «الختم» السنوي الخاص به، أهاليهم وذويهم وأصدقاءهم لتناول وجبة الإفطار والعشاء ومشاركتهم احتفالهم والتسامر معا في حين يتوجه الأطفال لشراء الحلوى والمكسرات وممارسة اللعب على المراجيح ويصلي الرجال في المسجد ويتم بعد أداء صلاة التراويح إقامة المولد والإنشاد الديني حتى يحين موعد «الزف» حيث تتجه الحضرة من حملة «الطيران» مرددين الأناشيد الدينية الى موقع أحد الصالحين وهي عادة لا تتم في جميع المساجد كما يقول السيد عبدالقادر الجفري، امام مسجد بازرعة بالمكلا الذي اكد لـ «الأيام» أن عادة إقامة «الختايم» في مساجد حضرموت لها فوائد عديدة ففيها يتم التزاور بين الأسر وذويهم ويجتمعون مع بعضهم البعض في ليالي رمضان المباركة، وهذا يزيد صلة الأرحام والألفة والمحبة وتندرج هذه العادة في اطار الأفراح، وكل ما يبعث الفرح والسرور في نفوس الناس ليس حراما.

ليلة فرح غير مسبوقة
وبهدف الحفاظ على العادات والتقاليد الرمضانية وبخاصة «الختايم» قرر مجموعة من شباب حي (السلام) بالمكلا الاحتفال بيوم «الختم» السنوي لمسجد حارتهم «مسجد الفلاح» بطريقتهم الخاصة، حيث نظموا «المخراج» كما اسموه، بعد صلاة العصر يتقدمهم حصان حاملين «الطيران» و«المراويس» و«المباخر» ومرشات العطور، مرتدين اللباس الصوفي، مرددين الأناشيد الدينية في تظاهرة رائعة شدت الأهالي الذين توافدوا بشكل كبير ليشاهدوا ذلك، وانطلقت التظاهرة من الشارع الخلفي لمستشفى باشراحيل بحي «السلام» حتى موقع مسجد «الفلاح» بمحاذاة الجبل وسط الأناشيد والزغاريد..

«الأيام» تواجدت هناك وسجلت هذه السابقة الأولى لـ «ختايم» المساجد في مدينة المكلا ووجهت سؤالها للسيد عبدالقادر الجفري، امام مسجد بازرعة الذي كان موجودا، عما يشاهد فقال: «إنه شيء جيد، جلب الفرح والسرور في نفوس الناس وجهد شبابي يستحق الشكر، فهم بذلك يحافظون على عاداتنا وتقليدنا وطوروا «الختم» الخاص بمسجدهم، مع ان هذه التظاهرة تتم في الأصل في وقت متأخر من الليل في كل مسجد يقام «الختم» الخاص به، وتسمى «الزف» وكما تشاهد انوار الزينة وسعف النخيل في اركان البيوت على امتداد الشارع المؤدي الى المسجد وتشاهد الباعة يفترشون مواقعهم في الساحة المواجهة للمسجد منذ وقت الظهيرة، كل هذه الأجواء الفرائحية الجميلة تدعو الى الحفاظ على عاداتنا وموروثنا الثقافي والديني، ونتمنى ان تكون مثل هذه المبادرات عند الحارات الأخرى.

بجهود الشباب نجحنا
عقب انتهاء هذه التظاهرة توجهنا الى الأخ وسيم حسين النهدي، رئيس لجنة «الختم» الخاص بمسجد «الفلاح» وسألناه عن الهدف الذي تم من أجله ذلك، فقال: «هي فكرة نفذناها منذ العام المنصرم، ولكنها لم تصل الى هذا المستوى، فقد كنا نفكر في تقديم شيء جديد في «الختم» الخاص بمسجد حارتنا ونعيد ما كان يتم في «ختايم» السنوات القديمة، فشكلنا لجنة من شباب حي السلام بجهود ذاتية ووفرنا الشكات الكهربائية وسعف النخيل وتزيين الشارع بشكل كامل وإنارته بتعاون الأهالي ووفرنا الفوانيس والبخور و«الطيران» والملابس التي تستخدم في هذه المناسبة واستأجرنا الحصان ليمتطيه واحد من شباب المنطقة، وخلال التحضير تبلورت الأفكار فكانت هذه التظاهرة الرائعة، وأهم شيء أننا اسعدنا الناس ولم نخرج عن التعاليم الإسلامية ومثلما رأيتم هذا العدد الكبير من الحضور أظنه شهادة على نجاح فكرتنا».

وعبر عدد من المثقفين الذين تواجدوا في موقع الاحتفال عن سعادتهم وتأييدهم لمثل هذه المبادرات الشبابية الجميلة التي تدعو للحفاظ على موروثنا الشعبي وعاداتنا وتقاليدنا، ووجهوا الشكر والتقدير لشباب حي السلام بالمكلا على جهودهم الطيبة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى