مع القرآن

> «الأيام» علي بن عبدالله الضمبري:

> يقول الله عز سلطانه: {يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تَيَمّموا الخبيث منه تُنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تُغمِضوا فيه واعلموا أن الله غني حميد} البقرة 267 .

إن الإنفاق والبذل والسخاء في سبيل الله للفقراء واليتامى والمحتاجين وذوي الاحتياجات الخاصة - سواء في رمضان أو غيره- هذا البذل السخي من الطاعات التي يلقى المؤمن أو المؤمنة عليها الثواب العاجل كالبركة في الرزق وحسن الخاتمة وسد أبواب البلاء، فيكون لها الثواب الآجل في الآخرة رضا من الله، ودخولاً إلى الجنة.. وهذا كله لن يكون إلا إذا اتبع المنفق آداباً وأخلاقاً معينة ولعل من أهم هذه الاخلاقيات ما يلي:

أولاً: وجوب الانفاق من الطيبات لقول النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم : «إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً» رواه مسلم بشرط أن يكون هذا المال الطيب حلالاً لا شبهه فيه.

ثانياً: العودة إلى الأرض وتسخيرها، واكتشاف خيراتها المذخورة زراعة ومعادن ونفطاً، مع وجوب أداء زكاة الأموال لأنه «ما منع قوم الزكاة إلا منع الله عنهم قطر السماء».

ثالثاً: تحريم أن يتصدق المتصدق بطعام تالف، أو مال مسروق، أو أشياء خبيثة محرمة.

رابعاً: رفض إهانة الفقراء وإذلالهم واستغلالهم بهذه الصدقات لأن المال - في الأصل - مال الله.

إن المال والغنى فتنة وابتلاء واختبار.. وإن صاحب كل مال سوف: «يسأله الله عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه» الحديث.

يقول الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي- الأستاذ بكلية الشريعة بجامعة دمشق - في كتابه(من أسرار المنهج الرباني) صفحة45: «إن الله تعالى عندما فاوت بين أرزاق الناس، وابتلى الغني منهم بغناه، والفقير منهم بفقره ثم أمر الأغنياء بالانفاق من فضول أموالهم على الفقراء لم يكن يريد من ذلك أن يتخذ الأغنياء من مبدأ الإنفاق هذا وسيلة لأن يتعالوا بذلك على الفقراء ولا أن يجعلوا منهم مثابة يطرحون عليها فضلات أرزاقهم مما قد تبرموا به أو استخبثوه أو استنفذوا أغراضهم منه... فهذا العمل إن لم يكن في حقيقته سبباً لغضب الله تعالى وسخطه، فإنه لا يمكن بحال أن يكون سبباً لأجر يناله أربابه عليه.. إن سلوك هذا السبيل من الإنفاق، من شأنه أن يحمل أقوى معاني الجرح والإيذاء لأولئك الفقراء والمحتاجين، ولئن كان إلى جانبه شيء من النفع المادي للفقراء فإن النفس الإنسانية لأكرم من أن تقبل الإيذاء في سبيل نيل لقمة من طعام، ولا يريد الله تعالى لعباده أن يتعودوا إلا على مزيد من الكرامة والإباء في حياتهم، وإذا كان الفقراء (من حظ هؤلاء) فإن الفقر مع توفر الكرامة لصاحبه خير عندالله وأفضل من أن يتحول إلى غنى في المال وفقر في الكرامة والعزة الإنسانية.

إنني أوجه نصيحتي للأغنياء وبيوتات المال، والمؤسسات والجمعيات بأن يضعوا نصب أعينهم قول الحق المعطي الوهاب {لا تُبطلوا صدقاتكم بالمنّ والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس} البقرة 264 وقوله سبحانه: {قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى} 263 .

اللهم اجعلنا من السابقين إلى المكرمات الباذلين للصدقات المسارعين إلى الخيرات الساعين إلى رفيع الدرجات.. آمين.

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله الطاهرين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى