سوريا وحلفاؤها في لبنان يترنحون تحت شبهة القتل

> بيروت الأيام نديم لادقي:

>
مظاهرات يوم امس الجمعة في بيروت تشكر ميليس على التقرير
مظاهرات يوم امس الجمعة في بيروت تشكر ميليس على التقرير
لبنانية: كان وطني يحكمه مجموعة من القتلة سادتهم في سوريا أثار تقرير لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري وهو التقرير الذي يتهم أجهزة الامن السورية واللبنانية بالتورط في الجريمة ردود فعل متباينة في الشارع اللبناني تراوحت ما بين الغضب والارتياح.

وتعبر عن ذلك الشعور لينا سويد التي تعمل مندوبة مبيعات حيث قالت :"أنا أشعر بالسعادة والحزن في آن واحد..أنا سعيدة لاننا في طريقنا للتعرف على الحقيقة وحزينة إزاء الكيفية التي كان يحكم بها وطني على مدار سنوات من قبل مجموعة من القتلة الذين يتلقون أوامرهم من سادتهم في سوريا".

وأمام الرئيس السوري بشار الاسد وحكومته وحلفائها اللبنانيين السابقين أوقات عصيبة. حيث لم يسبق أن اقتربت العلاقات بين بشار الاسد ونظيره اللبناني المؤيد لسوريا إميل لحود من منحدر سياسي مثلما هما الآن .

وطالب حوالى الفي لبناني تجمعوا مساء أمس الجمعة في ساحة الشهداء في بيروت قرب ضريح رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، باستقالة الرئيس اللبناني اميل لحود بعد نشر تقرير لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الحريري الذي يشير الى تورط لبناني سوري.

كما ردد المتظاهرون هتافات ضد سوريا وشتائم ضد الرئيس السوري بشار الاسد وضد جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية (الاحباش) التي ورد اسم احد مسؤوليها في تقرير اللجنة.

ورفع المتظاهرون الذين ارتدى بعضهم قمصانا كتب عليها "احب ميليس" (آي لوف ميليس) لافتات كتب عليها "العدالة" و"بقاء لحود استمرار للجريمة" وصور الحريري، مرددين هتافات تطالب الرئيس اللبناني بالاستقالة.

وقال نادر النقيب رئيس المنظمة الطلابية في تيار المستقبل الذي دعا الى هذه التظاهرة ان "هذا التجمع هو للمطالبة بمحكمة دولية".

واضاف النقيب لوكالة فرانس برس ان "التحرك سيستمر حتى نحصل على هذا الحق".

من جهته، رأى النائب عاطف مجدلاني النائب عن كتلة الحريري "هذه اول مرة في لبنان نستطيع ان نصل الى حقيقة في اغتيال شخصية مهمة".

ورأى انه "لا توجد اي ردة فعل حتى الآن عن تسييس التقرير (...) والجميع اشادوا بتقنية التقرير".

وجرى التجمع بينما قام نواب من كتلة الحريري ومن كتلة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، بينهم وزيرا الاعلام غازي العريضي والاتصالات مروان حمادة بزيارة ضريح رئيس الوزراء السابق قبل ان ينضموا الى الحشد.

وقالت دانا سعد (18 عاما) التي تشارك في التجمع، لوكالة فرانس برس انها "جاءت وهي تبكي من اجل رفيق الحريري" الذي تجمع حول ضريحه عدد من المتظاهرين وهم يبكون.

واضافت ان "المستقبل من دونه لن يكون ابدا افضل من الماضي".

وكانت الصحف اللبنانية قد ارجأت طبع صفحاتها الى ما بعد منتصف الليل حتى يتسنى لها نشر خبر التقرير في صفحاتها الاولى.

وجاء في عنوان صحيفة المستقبل التي يملكها الحريري "تقرير ميليس يكشف الحقيقة".

وقالت صحيفة النهار في عناوين صفحتها الاولى "الحقيقة.. تورط الاستخبارات السورية واللبنانية في التخطيط والتنفيذ لمؤامرة اغتيال الحريري".

وكان الحريري ينتقد بشدة هيمنة سوريا على لبنان والكثير من اللبنانيين كانوا يشتبهون بعلاقة ما بين مقتله والسلطات السورية وحلفائها اللبنانيين.

وقال النائب اللبناني المعارض لسوريا جبران التويني لمحطة تلفزيون ال.بي.سي اللبنانية ان دور مسؤولي الامن السوريين يعني ان الرئيس السوري بشار الاسد أمر بقتل الحريري.

ولمح الياس عطا الله وهو نائب معارض آخر الى انه يجب محاكمة لحود.

وقدم المحققون أدلة على ان اللواء آصف شوكت صهر الرئيس بشار الاسد ربما يكون قد لعب دورا بارزا في المؤامرة اذ انه اجبر المتشدد المعروف احمد ابو عدس على تسجيل شريط فيديو يزعم المسؤولية عن الاغتيال قبل اسبوعين من حدوثه.

وكانت نسخة اولية من التقرير قالت ان شاهدا لم تتحدد هويته قال ان شوكت وماهر الاسد شقيق بشار الاسد كانا بين مجموعة من مسؤولي الامن اللبنانيين والسوريين "قررت اغتيال الحريري" في منتصف سبتمبر عام 2004 ثم خططت للاغتيال خلال سلسلة اجتماعات في دمشق. وقد حذفت هذه الاسماء من التقرير الختامي.

واشار التقرير الى احمد عبد العال عضو جماعة الاحباش الاسلامية المتشددة في لبنان التي لها روابط تاريخية قوية بالسلطات السورية بوصفه شخصية مهمة في مؤامرة الاغتيال اذ انه استخدم هاتفه المحمول مع "كل الشخصيات المهمة في هذا التحقيق." واضاف التقرير قوله انه جرت اتصالات عديدة بين عبد العال وامن الدولة اللبناني يوم الانفجار بما في ذلك العميد فيصل رشيد رئيس امن الدولة في بيروت وآخرين.

وقال التقرير ان محمود وهو اخ عبد العال "اجرى مكالمة قبل الانفجار بدقائق الساعة 47:12 الى الهاتف المحمول للرئيس اللبناني اميل لحود." وقال التقرير "يوجد سبب محتمل يدعو للاعتقاد بان قرار اغتيال (الحريري) ما كان يمكن ان يتخذ دون موافقة مسؤولي امن سوريين كبار وما كان يمكن ان يجري تدبيره دون تواطؤ نظرائهم اللبنانيين في اجهزة الامن اللبنانية." ويقول التقرير ان رستم غزالي رئيس المخابرات السورية في لبنان في ذلك الوقت لعب فيما يبدو دورا مهما في المؤامرة.

وقدم التقرير بالمثل ادلة بشأن الضباط اللبنانيين الاربعة الكبار الموالين لسوريا الذين اعتقلوا ووجهت اليهم تهم في وقت سابق فيما يتصل بمقتل الحريري بناء على توصية من ميليس.

واشار التقرير الى ان احد الشهود قال للمحققين انه التقى مع احد الاربعة وهو اللواء مصطفى حمدان قائد الحرس الجمهوري في اكتوبرعام 2004 .

وتحدث حمدان عن الحريري فذكره بسوء واتهمه بانه موال لاسرائيل. وقال الشاهد ان حمدان ختم المحادثة بقوله "سوف نرسله في رحلة. وداعا وداعا يا حريري." واضاف التقرير ان شاحنة ميتسوبيشي التي ربما استخدمت في التفجير قادها عبر الحدود السورية اللبنانية عقيد سوري قبل التفجير بثلاثة اسابيع.

وقال شاهد آخر ان السائق الذي فجر نفسه لقتل الحريري كان عراقيا تم اقناعه بان الهدف هو رئيس الوزراء العراقي اياد علاوي لانه تصادف ان علاوي كان في ذلك الوقت في بيروت قبل الاغتيال.

ومضى التقرير يقول ان السلطات السورية بعد ترددها في البداية في تقديم المساعدة تعاونت "الى درجة محدودة" لكن عدة افراد حاولوا تضليل المحققين "بالادلاء بتصريحات كاذبة او غير دقيقة." وقال التقرير انه حتى الرسالة الموجهة الى لجنة التحقيق من وزير الخارجية السوري فاروق الشرع "ثبت انها تحوي معلومات كاذبة." وقال التقرير ان نائبه وليد المعلم كذب ايضا في تصريح للمحققين بشأن ما قيل اثناء اجتماع مع الحريري في اول فبراير .

طالبت الولايات المتحدة أمس الجمعة بإجراء مزيد من التحقيقات لكشف ملابسات جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري داعية سوريا إلى إبداء التعاون في هذا الصدد.

وقال جون بولتون المندوب الامريكي لدى الامم المتحدة إن تقرير ديتليف ميليس رئيس لجنة التحقيق الدولية في الجريمة أظهر مدى التورط اللبناني والسوري في المؤامرة الخاصة بقتل الحريري ذلك السياسي المناوئ للوجود السوري في بلاده. وأضاف بولتون قائلا للصحفيين : "إن ذلك يكشف عن نموذج يتطلب المزيد من التحقيقات..نحن سنطلب تعاونا كاملا من قبل سوريا للوصول إلى أدق أسرار (الحادث) وللكشف عن الحقائق".

ومن جهة أخرى أشار الدبلوماسي الامريكي إلى أنه من قبيل "السخف" بالنسبة للسوريين أن يعتبروا التقرير ذا صبغة سياسية وغير جدير بالثقة.

وكان وزير الاعلام السوري مهدي دخل الله قد صرح للصحفيين فى وقت سابق قائلا إن "التقرير سياسي بامتياز ويعتمد على روايات شهود معادين لسوريا واتهموا سوريا بالجريمة منذ لحظة وقوعها". وأضاف أن التقرير "يتنافى مع أبسط شروط ووسائل وأسلوب التحقيق في قضية كبيرة ولا يمكن لمحكمة نزيهة أن تقبل بهذا التقرير الذي يستند إلي مجرد أقوال".

وأوضح دخل الله يقول إن سوريا ستدرس التقرير بشكل رسمي وتتخذ القرار المناسب بشأنه.

أما فيصل مقداد السفير السوري في الامم المتحدة فقد صرح للصحفيين قائلا إن حكومته تعاونت بشكل "كامل" مع ميليس الذي أجرى مع فريقه المكون من 30 محاميا جنائيا تحقيقات على مدار الاشهر الاربعة الماضية لتحديد المسئولين عن جريمة اغتيال الحريري.

وأشار مقداد مجددا إلى أنه تم تسييس تقرير ميليس قائلا في الوقت نفسه إن التقرير لم يتهم سوريا بشكل محدد في أنها تقف وراء جريمة الاغتيال.

وكان ديتليف ميليس قد أعلن في مؤتمر صحفي عقده في وقت سابق أمس بمقر الامم المتحدة أنه حجب عددا من أسماء الشخصيات السورية المشتبه في تورطها في جريمة اغتيال الحريري قبل تقديم التقرير للاعلام.

وقال ميليس إنه اتخذ القرار الخاص بحجب الاسماء مساء أمس الأول لانه علم برغبة الامم المتحدة في الاعلان عن نتائج التقرير على وسائل الاعلام. كما تم نزع ختم (سري) من على التقرير. ومن بين الاسماء التي حجبت من التقرير اسم آصف شوكت مدير الاستخبارات السورية وصهر الرئيس السوري بشار الاسد وهو المشتبه به الاول في الجريمة.

وشدد ميليس ردا على الاسئلة التي وجهت له بشأن ما إذا كان قد تعرض لضغوط من السكرتير العام للامم المتحدة كوفي عنان أو أي حكومة لحجب الاسماء انه "لم يؤثر أي شخص من خارج فريق التحقيق على القرار".

وأضاف أنه عرف بهذه الاسماء عن طريق الشهود الذين استجوبهم. وواجه ميليس أسئلة محرجة من الصحفيين الذين أرادوا معرفة سبب حجب هذه الاسماء.

ورفض ميليس مناقشة التفاصيل السرية للتقرير وقال انه سيناقشها مع أعضاء مجلس الامن في الاسبوع المقبل.

وفي بيروت واجه الرئيس اللبناني الموالي لسوريا إميل لحود أمس مطالب جديدة بالاستقالة بعد صدور تقرير الامم المتحدة بشأن نتائج التحقيق في جريمة اغتيال الحريري.

ونفى مكتب لحود على الفور ما ورد بالتقرير من أنه تلقى مكالمة هاتفية من أحد المشتبه بهم قبيل دقائق من وقوع الانفجار الذي استهدف موكب الحريري.

وأكد بيان رسمي صدر عن الرئاسة اللبنانية "ضرورة إنزال أشد العقاب بكل من ستثبت خلال المحاكمة مسئوليته المباشرة أو غير المباشرة في ارتكاب هذه الجريمة". وأفاد البيان بأن الرئيس لحود مستمر في مهامه وان المزاعم التي وردت في التقرير لا أساس لها من الصحة وتهدف إلى الاساءة إليه.

وفى الوقت ذاته قال النائب بالبرلمان اللبناني جبران تويني لوكالة الانباء الالمانية "بعد أن أشار هذا التقرير إلى المكالمة الهاتفية التي تلقاها لحود يوم وقوع الاغتيال من أحد المشتبه بهم .. أعتقد انه لم يبق أمام الرئيس أي خيار آخر سوى الاستقالة".

كما صرح الرئيس اللبناني السابق أمين الجميل بأن "لحود فقد مصداقيته ولم يعد ممكنا أن يبقى في منصبه لمدة عامين آخرين". وكانت الضغوط قد زادت على لحود بعد اعتقال أربعة من كبار مسئولي الامن الموالين لسوريا في الحكومة اللبنانية بتهمة التورط في اغتيال الحريري.

وصرح زعيم المعارضة المسيحية اللبنانية ميشيل عون الذي عاد إلى لبنان في أعقاب انسحاب القوات السورية بأنه لا يتعين على لحود الاستقالة تحت ضغوط الشارع اللبناني.

وقررت الحكومة اللبنانية نشر 10 آلاف جندي من قوات الجيش والشرطة في أنحاء العاصمة وقرب مواقع الوزارات والبنك المركزي اللبناني فور تلقي رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة نسخة من التقرير. وأكد تقرير ميليس أن قرار اغتيال الحريري "ما كان يمكن أن يتخذ بدون موافقة كبار مسئولي الامن السوريين وانه ما كان من الممكن الترتيب له بدون تواطؤ نظرائهم في أجهزة الامن اللبنانية".

وأشارت أصابع الاتهام في التقرير إلى تورط الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة الموالية لسوريا في لبنان، التي يتزعمها أحمد جبريل. وهو ما نفاه جبريل وقال إنه قد "فوجئ" بالتقرير الذي وصفه بأنه " ذا صبغة سياسية " وجاء نتيجة ضغوط مورست على ميليس وانه "أكذوبة كبرى ".

وأدانت الصحف السورية التقرير وصرح إلياس مراد رئيس تحرير صحيفة البعث الناطقة باسم حزب البعث العربي الاشتراكي بأن "التقرير سياسي يريد أن يتهم سوريا .. والاتهامات الواردة فيه افتراء وليس هناك أي سوري متورط." أما الكاتب والمحلل السياسي البارز ميشيل كيلو فقد قال إن التقرير "خطير أكثر مما كنت أعتقد أنا شخصيا ويجب أن يؤخذ بمنتهى الجدية." ولفت كيلو الانظار إلى أن تقرير ميليس يحتوي على ثغرات على المستوى السياسي والتنفيذي والتخطيطي.

وبالرغم من عدم تورط الرئيس السوري بشار الاسد رسميا في الجريمة إلا أن التقرير أشار إلى صهره آصف شوكت. وقال أحد الشهود إن شوكت أجبر أحد الاشخاص على تسجيل شريط مصور يعلن فيه مسئوليته عن اغتيال الحريري قبل 15 يوما من وقوع الجريمة.

وبالرغم من النفي السوري المشدد إلا أن التكهنات الخاصة بتورط سوريا راجت أيضا بعد إعلان انتحار غازي كنعان وزير الداخلية السوري الذي كان رئيسا لجهاز الاستخبارات السوري في لبنان.

وقال التقرير الذي يقع في 54 صفحة ويرتكز على 400 مقابلة إلى جانب مراجعة ستين ألف صفحة من الوثائق إن هناك "أدلة متقاربة تشير إلى تورط سوريا ولبنان في هذا العمل الارهابي".

وعلى جانب آخر تلقت الحكومة اللبنانية أمس موافقة الامم المتحدة على تمديد مهمة ميليس التي تنتهي في 24 من الشهر الجاري حتى 15 من ديسمـبر المقبل.

رويترز/ا.ف.ب/ د.ب.ا...شارك في التغطية اروين ارييف وايفلين ليوبولد في الامم المتحدة و هنري معمرباشي في دمشق و سليم ياسين من بيروت.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى