مع القرآن

> «الأيام» علي بن عبدالله الضمبري:

> يقول الله- تعالت عظمته-: {ولاتجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس والله سميع عليم},حينما تجيء (لا) الناهية الجازمة فإنها تحمل نهياً أكيداً شديداً عن أمر معين، والآية التي نحن بصددها تنهي كل الذين يجعلون اسم (الله) أداة سهلة يتوصلون بها إلى تبرير أكاذيبهم، وتمرير أساليبهم على الآخرين ليصدقوهم..هذا عمل غير صالح، هذا عمل شائن يشين صاحبه، وهو عمل خائن يخون به صاحبه إخوانه المؤمنين، ويخون الله المطلع على خفيات الضمائر ومكنونات السرائر لأنه يبتذل اسم (الله) ويستخدمه في كل شاردة وواردة وقد حذر الله تعالى اسمه من ذلك فقال {واحفظوا أيمانكم} المائدة 89.

ولعل حكمة ذلك تكمن - والله أعلم- في الآتي:

أولاً: أن أسماء الله يجب أن تكون محل تقدير وتقديس في نفس المؤمن والمؤمنة حتى يكون الجميع من {الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} الأنفال 8.. فيجب استحضار إحساس الخشية والهيبة والتعظيم لأسماء الله حتى يكون لها تأثير حيوي وروحي رائع.

ثانياً: لا يجوز إقحام اسم (الله) في كل حق وباطل، أو جد وهزل من أجل ترويج بضاعة، أو إنفاق سلعة، أو تمرير معاملة كاذبة خاطئة يسترها بيمين غموس يغمس صاحبه في نار جهنم، فضلاً عن يمين كاذب يستحق صاحبه لعنة الله.

ثالثا: إن هؤلاء لا يذكرون اسم (الله) إلا عند مصالحهم الخاصة وتجاراتهم الزائلة ومناصبهم الآفلة، ودرجاتهم الآيلة للسقوط في جهنم، لأنهم يحلفون على الكذب وهم يعلمون، وهذا دليل على سوء الأدب مع الله الذي إذا ذكره المؤمن اطمأن قلبه. {إلا بذكر الله تطمئن القلوب}.

رابعاً: إن أسوأ يمين هي تلك اليمين التي نسمعها من بعض المفسدين والمتاجرين بالمبادئ الذين يقسم الواحد منهم على(خدمة الشعب)، و(رفع المستوى المعيشي للجماهير)، و(الدفاع عن المواطن والوطن) ثم ينسى كل هذا. والقرآن يقول {ولا تطع كل حلاف مهين} القلم10.

خامساً: إنما شرع الحلف باليمين ليتحرى الناس الصدق في أقوالهم ومعاملاتهم لأن الحالف باليمين يجعل الله شاهداً على ما يدعي ويقول والمؤمن الصالح الصادق لن يجرؤ على أن يشهد الله على يمين كاذب، الا ما دل عليه المثل العامي المصري (قالوا للحرامي احلف، قال: جاءك الفرج)!!

إن الناس قد بلغت بهم الجرأة الوقحة الى استخدام اليمين الغموس في كل أمر وشأن حتى دفع قيمة الشاي أو أجرة السيارة فضلاً عن الحلف بيمين (حرام طلاق)، الذي ينتشر على ألسنة العوام.. وهذا يعرض اسم الله للاحتقار، ويعرض المجتمع للفوضى والاضطراب وقد قال الإمام الشافعي رحمه الله (لا تحلف بالله صادقاً ولا كاذباً) حرصا منه على صون هذا الاسم المقدس المعظم عن أن يكون وسيلة من وسائل الكذب المموه المغطى؛ نعوذ بالله من أن نقول زوراً أو نغشى فجورا.

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله الطاهرين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى