سبيت في قراءة شعرية وفنية في كتاب (من تاريخ الأغنية في لحج وعدن وأبين)

> «الأيام» صالح عقيل بن سالم:

> إن ما كان لافتاً لنظري ومحبباً للقراءة لكتاب (من تاريخ الأغنية في لحج وعدن وأبين) للأستاذ محمد بن ناصر العولقي، تناوله مجموعة من أقطاب الحركة الأدبية والفنية في ثلاث مدن عامرة بالحياة الحضارية والفنية، فكان ذا قيمة علمية، يفتح آفاقا واسعة للباحثين في دراساتهم للحياة الأدبية والفنية في تلك المدن.

وقد كان الشاعر الكبير عبدالله هادي سبيت ضمن تلك الأقطاب التي تناولها، وكانت البداية عبارة قالها سبيت تحمل اهتمام والده وخوفه عليه، وهي:«كان والدي يحس أنني سأتعب في حياتي، وأنني قد لا أصلح للحياة إلى حد أنه كان خائفاً من أن أنتحر فجأة بسبب انعزالي عن الناس منذ الطفولة».

فقد هزت هذه العبارة مشاعر سبيت وجعلته في تفاعل مع حياة الطفولة والصبا، فالفوارق الاجتماعية (الغنى والفقر) هي السبب في انعزال الشاعر عن الناس، ولولا السيد محمد علي الجفري، مؤسس رابطة أبناء الجنوب العربي، لكانت حياة الشاعر على جرف هاو، فهو الذي تقرب منه وأخرجه من عزلته، وسار به إلى مجالس العلم والأدب.

ومثل ما كانت طفولته معقدة، فقد كانت بدايته مع الشعر معقدة، فأسرته لا تشجعه على قول الشعر لخوفها عليه من التدمر والتحطم، وهو مازال رطباً. غير أنه أحب هذه الحياة وحاول التستر عليها حتى استطاع أن يتغلب على ظروفه.

كما كان معجباً بالشاعر أحمد شوقي إعجاباً كبيراً، ويليه أبو الطيب المتنبي، فقد تأثر بهما في قول الشعر الفصيح وتأثر بدرجة كبيرة بالشاعر الفنان أحمد فضل بن علي (القمندان) في الشعر العامي.

وإذا انتقلنا إلى الطرف الآخر من تجربة الشاعر (الحياة الفنية) فنجد بدايته هي تلك الجلسات التي قال فيها الشعر، وكانت تعقد في بيوت آل الجفري، ثم خرجت إلى نطاق واسع، وتجاوزت البيئة المحلية، فسجلت في إذاعة لندن، وصوت العرب. وكانت لقصائده الوطنية نصيب الأسد، واستنهضت همم الناس تجاه الواقع، ومن تلك القصائد المغناة (والله إنه قرب دورك يا بن الجنوب) التي منها:

والله الموت يا هذا ما يمحي الرجال

إلا العيش في ذله تحت النعال

ذا شر لك أرضك ملك لك وحدك

ماهيه حد

ذي مهما استبد

قد موته على يدك مهما استعد

ذا أضر

والله إنه قرب

دورك يا بن الجنوب

وبديهي أن يتأذى الشاعر بتلك القصائد الوطنية، فقد تشرد وتغرب خارج البلاد، وكانت حياته مليئة بالمعاناة والأحزان. وقد أكد أن تلك الظروف كانت سبباً في تأخره عن الزواج مبكراً.

كما تمثل الشاعر تجارب الآخرين، فأغنيته (حبيتك وأنا ما أعرفك) هي عبارة قالتها امرأة حينما رأت شاباً وسيماً متجهاً إلى مخدرة (حفل زواج).

وتمثل الآخرون عبدالله هادي سبيت بالحب والأغنية والشهادة، منهم الشاعر الرومانسي لطفي جعفر أمان، إذ كان معجباً بأغانية العامية حيث قال:«تمنيت أن لا يقول الأستاذ عبدالله هادي سبيت إلا العامية، لأنه من تربة هذا الوطن وخير من يعبر عن الوجدان الشعبي، ويأتي بأسلوب وكلمات منتقاة رغم أنه لا ينتقيها ، وتأتي طبيعية».

وبذلك تكتمل تجربة الشاعر، ويبقى سبيت علماً من أعلام الأدب والفن في اليمن والوطن العربي، قدم ورفد وملأ الحياة الأدبية بإنتاجه الغزير المتميز، أجمل ما فيه الشعر الديني، من وجهة نظر الشاعر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى