التاريخ لا يخفى ولا يعدل ولا ينقح

> «الأيام» حسين احمد الدحيمي:

> صودرت أراضي وممتلكات العبادل أيام العهد الشمولي، أقول الشمولي مثلما يلوكها الآخرون رغم أنني لا استسيغ هذه التسمية، لأن التاريخ نفسه لم يستسغها فقد قرأنا وعرفنا أن التاريخ يذكر باسم الحاكم الذي حكم فيه فإذا كانت فترة عدل ورفاهية نسبها إليه وإذا كانت بطشاً وقتلاً نسبها إليه كأيام فرعون وأيام نيرون وأيام هولاكو وأيام هتلر وهكذا في كل الحضارات والديانات والأزمنة حتى يومنا هذا.

المهم خرج العبادل صفر اليدين وأعطى بعض الأفراد لأنفسهم الحق في البسط والاستيلاء والتوزيع والبيع والشراء على أراضي العبادل، قابل ذلك صمت من جانب السلطة هو أقرب إلى الرضى وفي أغلب الحالات من قبل عسكريين أرسلتهم السلطة وادعت أنهم يمثلون مؤسسات عسكرية أمنية سيوفرون الأمن والامان للناس وممتلكاتهم.

العبادل هم من أكثر سلاطين الجنوب طيبة وكرماً وتنويراً ومشاريعهم في لحج خير شاهد كما كانوا لا يتوانون في تقديم المساعدة لمن يطلب من حكام الجنوب أو مواطنيهم في ذلك الزمان، وللعلم فإن أراضي العبادل موثقة من عام 1898م من خورمكسر إلى الحوطة إلى جبل احسان.

ليس هذا هو الموضوع الذي أردت أن أكتب عنه وإنما هو مدخل إلى موضوعي المعني بهذا المقال، والمدخل والموضوع مرتبطان ببعضهما، كله بسط في بسط وبدون وجه حق حيث شمل البسط هذه المرة موضوعا لا يقل أهمية عن الأرض هو الكتب والتاريخ.

عندما كنت أتجول في بعض المكتبات في صنعاء لفت نظري كتاب أنيق جداً مكتوب عليه «هدية الزمن في أخبار ملوك لحج وعدن» ولأنني قرأت الكتاب في طبعته الأولى وطبعته الثانية من الغلاف إلى الغلاف ومحتفظ به في مكتبتي كأحد الكتب العزيزة علي.

لكن هذا الكتاب الجديد الأنيق ليس بحجم «هدية الزمن» المعروف، طلبت الكتاب وقلبت صفحاته. أنا لم أقرأ الكتاب في تلك اللحظات البسيطة لكن بدا واضحاً أن الكتاب قد تمت شقلبته آخر شقلبة وقد بدا واضحا على الصفحة الأولى حيث كتب ابو حسان خالد أبو زيد الاذرعي أنه قام بالتنقيح والإضافة، هل ابو حسان يعرف تاريخ العبادل أكثر من القمندان؟ هل هدية الزمن بحاجة الى إضافة؟! قرأ هذا الكتاب الآلاف من عام 1932م عند صدور أول طبعة وبمختلف مستوياتهم ومنهم من هو أكثر ثقافة واطلاعاً من الأخ الاذرعي ولم يقولوا سوى الثناء والاعجاب بهذا الكتاب وما احتواه وبالأسلوب الفريد والسلس وكذا أكثر المعلومات التي احتواها.

أنا أكتب هذا الموضوع وغرضي أن أعرف هل هناك أحد من ورثة القمندان أعطى للاذرعي الحق في هذا التصرف بالكتاب وإصداره؟ وكذا مطبعة الجيل الجديد بصنعاء التي قامت بطبع هذا الكتاب؟ وربِّ الكعبة إنني توقعت ذلك من قبل عدة سنوات، نعم قبل عدة سنوات بأن يقوم احد الجهلة بوقف نشر هذا الكتاب، وأقول احد الجهلة المعقدين لأنه لايمكن أن يقوم بمثل هذا العمل إلا جاهل ومعقد، ويبدو أن هذا كان صعبا فكان إعادة طبعه بعد تحريفه أسهل لكن هذا يعتبر سطو وقرصنة غير مشروعة إذا لم يكن هناك إذنٌ من ملاك الكتاب الحقيقيين. للعلم أن المرحوم أحمد فضل القمندان قد ألـَّف هذا الكتاب بعد ما رأى أن ما يكتبه الكتـُّاب عن بلاده لا يخلو من الاغلاط الخفية والجلية كما ذكر ذلك في مقدمة الطبعة الأولى من «هدية الزمن» الصادرة سنة هـ 1315 أي عام 1932م تقريباً، وأضاف أيضاً أن أهل مكة أدرى بشعابها في نفس المقدمة. وقد كان حدسه في مكانه. هذا الكتاب ألـّف في فترة زمنية لها منظورها الخاص و«التاريخ لا يخفى ولا يعدل» ومن أحس في نفسه ضيقا أو مرضا فإن عليه أن يعدِّل نفسه ولا يعدِّل التاريخ.. وقد كان القمندان صادقا في كل ما ذكره في هذا الكتاب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى