مع الأيــام..واكرباه..الكلّ أعرج ونسأل الله الفرج !!

> نجيب محمد يابلي:

> العالم الجليل حسن الكرمي الذي أتحف ملايين المستمعين من العرب في مشارق الأرض ومغاربها من خلال عطاءاته الغزيرة من سلاسل برامج تعليم اللغة الإنجليزية المتعددة المسافات وبرنامج «قول على قول»، وجمعت البرامج الأولى في كتب، وأما الثانية فجمعت في عدة مجلدات ناهيكم عن سلسلة قواميسه ومناجده.

أمتع الكرمي مستمعيه بصوته الرخيم عبر عقود من الزمن من القسم العربي في «هيئة الإذاعة البريطانية»BBC) ( التي فتحت قناة أخرى من قنوات المعرفة وهي «هنا لندن» (المشاهد السياسي حالياً)، والتي تفرد حيزاً منها في إعادة نشر ما أذيع عبر الأثير، ومن ضمن ما أعيد نشره من برنامج «قول على قول» في مجلة «هنا لندن» (ديسمبر، 1977م)، (الذي كان يبدأه في العادة بعبارتي: من القائل؟ وما المناسبة؟) سؤال وجهه أحد المستمعين وورد في سياق رد الكرمي: «إن أمير الكوفة (في فترة من فترات العصر الوسيط) القعقاع ابن سويد، كان أعرج وأن أمير الشرطة، عبدالحميد بن عبدالرحمن بن زيد كان أعرج ايضاً. تعرض سائل للأمير يسأله وكان السائل هو الآخر أعرج، فرأه الحكم بن عبدل، وكان أعرج، فقال ابن عبدل للسائل:

إلق العصا ودع التحامق والتمس ü عملا فهذي دولة العرجان

لأميرنا وأمير شرطتنا معا ü يا قومنا لكليهما رجلان

فإذا يكون أميرنا ووزيرناü وأنا فإن الربع للشيطان

فبلغت الأبيات الأمير فبعث إليه بمئتي درهم وسأله أن يكف عنه.

ذلكم هو واقع الحال قبل ألف سنة أو بعد ألف سنة وإسقاط تلك الواقعة وما تخللتها من أبيات شعرية صالح لزماننا هذا أو أي زمان قادم، كما هو صالح لأحوال بلادنا أو أحوال أي بلاد أخرى يحكمها قانون القوة، أما البلاد التي تحكمها قوة القانون، فإن أهلها يعيشون في سكينة واستقرار، لأن السكينة تبدد مظاهر الخوف والقلق، والاستقرار يوفر الرغبة للعمل والتضحية لصالح المجتمع، وفي التحصيل النهائي يجد المواطن نفسه مشدوداً لوطنه ويجد الوافد نفسه ضيفاً على تلك البلاد وأهلها وآمنا على روحه وماله ومطمئناً لمردود استثماراته ونموذجاً يحتذي به وافدون آخرون.

إذا مسّ ضرّ مواطنا من موظف أعرج، فلا أمل عندئذ يرجى من مسؤول أعرج ولن يتعشم خيرا من رجل نيابة أعرج وسيخرج بخفي حنين إذا لجأ إلى قاض أعرج، وسيجد نفسه في مفترق طريق، سيوصله إلى نتيجة عرجاء، فإذا قوّم الاعوجاج بقلبه سيكون بالتوصيف النبوي «أضعف الإيمان» وإذا اقتصّ لنفسه سيكون بالتوصيف السلطوي جانيا، على الرغم من براءة قضيته وسلامة موقفه ومرد ذلك إلى عدم استيعابه واقع بلاد العرجان.

حقيقة، إن الواقع العربي، ومن ضمنه الواقع اليمني مضطرب وسيتصاعد اضطرابه، لأنه واقع أعرج، ومصيبتنا أننا إما أننا لم نقرأ تاريخنا أو أننا لم نستوعب الدروس من تاريخنا، ومؤشر ذلك أن أخطاء الماضي هي نفسها أخطاء الحاضر. نزعم أننا مسلمون ونحن بعيدون عن الكتاب والسنّة،، وندعي أننا ديمقراطيون ونحن منغمسون في الشمولية، وإذا أخرجنا رواية كاذبة طلبنا من الآخرين تصديقها، رغبة أو رهبة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى