بسبب العشوائية وعدم التخطيط وغياب السلطة وإهمال المصلحة العامة..سوق الشعيب المركزي يتحول إلى سكن للمهمشين والمتسولين وعابري السبيل

> «الأيام» محمد الحيمدي:

>
سوق القات والخضار المركزي الذي بني عام 1987م وقد تحول الى اطلال يسكنها المتسولون والمهمشون الوافدون من خارج المديرية
سوق القات والخضار المركزي الذي بني عام 1987م وقد تحول الى اطلال يسكنها المتسولون والمهمشون الوافدون من خارج المديرية
نزولاً عند رغبة معظم أبناء مديرية الشعيب بمحافظة الضالع - مواطنين وتجاراً- لعرض قضية سوق المديرية القديم والسوق المركزي لبيع القات والخضار والفواكة، عبر صحيفة «الأيام» لعلهم يجدون حلاً شافياً وعادلاً لقضيتهم هذه التي قطعت مصدر رزقهم الوحيد وكبدتهم خسائر كبيرة بعد أن ملوا وكلوا من كثرة متابعة الجهات المسؤولة دون فائدة غير خسائر إضافية من الأموال وإهدار أوقاتهم هباءً بسبب التسويف والمماطلة من قبل هذه الجهات المسؤولة .. رصدت «الأيام» هذه القضية بالصورة والكلمة وخرجت بالحصيلة التالية.

رأينا قبل عرض المشكلة الاساسية أن نبدأ بهذه التوطئة .. مديرية الشعيب كغيرها من مديريات محافظة الضالع إن لم نقل كأغلب مديريات محافظات الجمهورية كافة تفتقر لأبسط مقومات التخطيط الحضري، فكل ما فيها عشوائي: شق الطرقات، بناء بعض المدارس، الكهرباء، الشوارع، المياه، الزراعة والري، بناء المساكن التي تبنى وتشيد وتشطب ليسكنها أصحابها أو المستأجرون ليبدأوا فيما بعد رحلة البحث عن مساحات لحفر البيارات التي غالباً لا توجد مساحات مناسبة للحفر فيها، وإن وجدت فهي تحفر بطريقة بدائية وعشوائية تستمر فترة قصيرة لتنضح بما فيها مسببة اضراراً جسيمة على الانسان والبيئة معاً.

اما قضيتنا موضوع استطلاعنا فهي السوق المركزي والسوق القديم اللذان اصبحا مغلقين ويستخدمان في غير ما بنيا له، وذلك بسبب نزوح التجار وأصحاب الفرشات والاكشاك إلى اماكن أخرى رأوا فيها مكاناً مناسباً لممارسة تجارتهم، فالسوق القديم أصبح سكناً للأشباح والكلاب الضالة، هذا السوق الذي بني في الستينات والذي يملكه مواطنو المديرية من مختلف القرى، عبارة عن دكاكين تصل تقريباً إلى مئتي دكان يمتلك كل مقومات السوق الحضاري والصحي، وكان يؤمه المواطنون من مختلف قرى المديرية لقضاء حاجاتهم بيسر وسهولة بسبب تخطيطه الحضاري الممتاز دون مشاكل أو زحمة، لأن كل السلع والمواد الاستهلاكية محدد مكانها ونوعها، وكل صاحب دكان يبيع سلعة أو مادة واحدة أو اثنتين ويشتهر بها ولا تتغير من هذا الدكان أو ذاك وإن تغير التاجر.. وفي الثمانينات في العام 1987م، تم بناء سوق القات والخضار والفواكة في مكان يبعد تقريباً نصف كيلو عن السوق القديم، وبسبب غياب وإهمال الجهات المختصة في المديرية وانتشار العشوائية وعدم وجود التخطيط وإلزام التجار كلاً بمكانه الأول، أخذ تجار السوق القديم يهجرون محلاتهم لأن السوق المركزي هو السوق الذي يقصده معظم المواطنين (الموالعة)، فبدأوا بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة يبحثون عن أكبر قدر من الارضيات القريبة من السوق المركزي، الذي تم تأجيره وتخصيصه لبائعي ومروجي القات والخضار والفواكة، حيث قاموا ببناء الكثير من المحلات والاكشاك والصيدليات بطريقة عشوائية يبيعون فيها مختلف المواد والسلع وحتى الثياب، كما انتشر الباعة المتجولون وأصحاب المفارش (البسطات) الذين انتشروا وحاصروا السوق من كل الاتجاهات حتى سدوا منفذه وجعلوا المواطن يذوق الأمرين حتى يقضي متطلباته من داخل السوق (سوق القات والخضار والفواكة) لا سيما وأن السوق ليس به سوى فتحة واحدة ضيقة.

دوام الحال من المحال والمعاناة تزداد
وهكذا استمر الحال معاناة في معاناة، فقد تمرد بعض بائعي ومروجي القات حيث بدأوا ينزحون من الاماكن التي حددتها لهم البلدية في السوق المركزي وبعقود رسمية إلى اماكن أخرى وبطريقة عشوائية، خاصة تلك الاماكن القريبة من الإدارات الحكومية حيث يكثر وجود المواطنين الذين يتابعون قضاياهم وشؤونهم داخل هذه الإدارات.

وهكذا وكما يقال دوام الحال من المحال فعند انتقال المرافق الحكومية، وبائعي القات من(سوق القات) إلى اماكن أخرى في قلب مدينة العوابل (عاصمة المديرية) وبجانب الطريق العام، نجد أن التجار يمارسون نفس السيناريو والطرق التي سبق وأن استخدموها عند بناء السوق المركزي، حيث أخذوا يعملون وبكل الطرق والوسائل للاستحواذ على أكبر قدر من المساحات وأقربها إلى هذه المرافق الحكومية وإلى الطريق العام والملعب الوحيد، حيث ازدادت عدد الدكاكين والمفارش والاكشاك العشوائية والباعة المتجولين وتجار الحراج والخضار والفواكة، لدرجة أن معظمها كانت تبنى في مساحة الطريق العام والطرق المتفرعة منه، وأصحاب المفارش وبائعو القات يفترشون كل مساحة الملعب الوحيد في المديرية، الامر الذي سبب اختناقاً شديداً في حركة السيارات التي تمكث طويلاً (احياناً نصف ساعة) حتى تمر وتشق طريقها، وكذلك حال المارة خاصة طلاب المدارس، حيث ادى هذا الوضع إلى حدوث عدد من الحوادث المرورية راح ضحيتها كثير من المواطنين لا سيما الاطفال، وتشويه المنظر الجمالي للمدينة، كل ذلك يحدث في حين يوجد سوقان القديم والمركزي، إلى جانب عدد من محلات المواطنين التي اصبحت خاوية مغلقة دون ان تستفيد منها خزينة المديرية أو المواطنين المساكين الذين تعتبر المصدر الوحيد لإعالة اسرهم وأطفالهم والذين أصبحوا الآن بدون دخل (عاطلين) علاوة على القمامة وما تخلفه المطاعم من بقايا ...الخ .. يحدث ذلك رغم الوضع المزري الموجود في السوق المستحدث من قبل التجار.

بائعو القات بسياراتهم في قلب ملعب المديرية لكرة القدم وتبدو القمامة خلف المرمى
بائعو القات بسياراتهم في قلب ملعب المديرية لكرة القدم وتبدو القمامة خلف المرمى
السلطة غائبة.. والمواطنون يشكون
وإذا تحدثنا عن دور الجهات المسؤولة في المديرية ازاء هذا الوضع، نجدها تقف موقف المتفرج (سلبية الموقف) فهي تترك الحبل على الغارب لهولاء التجار، والمهم عندها هو رسوم البناء (وحق بن هادي).. فلم تضع في حسبانها أن هناك عشرات الأسر اصبحت متضررة جراء نقل السوق وأن محلاتها اغلقت وأصبحت هذه الاسر بدون مصادر دخل تعينهم على الحياة وأعبائها، ولم تفكر ان المديرية متضررة من ذلك، فالتجار الصغار الذين أجّروا المحلات في السوقين ومالكو المحلات التي بجانب السوقين قد كسدت مواد تجارتهم وتعفنت جراء هذا النقل، أما المردود الذي تجنيه المديرية فهو مردود سلبي، حيث حرمت خزينتها من إيجارات باهظة وثابتة كانت تدرها من إيجارات ورسوم محلات السوقين المغلقين.

80% من المواطنين متضررون من نقل السوق
الجدير ذكره أن المواطنين المتضررين من نقل السوق إلى المكان الحالي هم الاغلبية حيث يشكلون 80 % وقد سبق وأن خاطبوا وناشدوا الجهات المسؤولة بالمديرية والمحافظة والتي وعدتهم بنقل السوق وإعادته إلى مكانه السابق، الا أن كل ذلك لم يتم حتى الآن، أي منذ خمس سنوات وأكثر! وهم حتى الآن ما زالوا يتابعون هذه الجهات وخاصة الجهات المسؤولة بالمحافظة التي بدورها وجهت السلطة المحلية بالمديرية بسرعة نقل السوق وإعادته إلى مكانه السابق.. الا أن هذه الأوامر كان مصيرها ادراج الرياح، ولا حياة لمن تنادي.

المواطن (محمد الحوشبي) مالك كشك في السوق القديم يحمل السلطة المحلية المسؤولية الكاملة عما يحصل معللاً أن سبب تماطلها وتسويفها، خاصة من قبل بعض المسؤولين أنهم يستلمون مبالغ مالية من قبل التجار الكبار المستفيدين من بقاء السوق في مكانه الحالي، وهم قلة قليلة، وذلك على حساب الاغلبية من التجار الصغار غير القادرين على دفع ما يدفعه التجار الكبار لهؤلاء المسؤولين، مختتماً حديثه بالقول: إن العملية اصبحت وكأنها عملية بيع وشراء لمن يدفع أكثر .. وهذا يتنافى مع روح المسؤولية المناطة بهم، ومن جانب آخر أن ذلك يضر بمصلحة المديرية التي حرمت من إيجارات عشرات الدكاكين التي اصبحت الآن مغلقة وخاوية وأفقدوا مدينة العوابل جمالها الحضاري كمدينة وعاصمة للمديرية بسبب عشوائية السوق المستحدث، الذي اساساً لم يخطط أن يكون سوقا وإنما التجار الكبار وعددهم قلة قليلة هم الذين جعلوه سوقاً من العدم، لأنهم وجدوا فيه مصلحتهم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى