الباخرة (دوتش لاند) ما بين تطور ميناء وغياب رؤية سياحية

> «الأيام» محمد فضل مرشد:

>
الباخرة (دوتش لاند)
الباخرة (دوتش لاند)
(مرحبا) و(مع السلامة) و(زورونا مجددا).. عبارات بالتأكيد لا يقام لها وزن في عالم الاقتصاد مهما كانت النوايا حسنة وصادقة,فهذا الجانب الرئيس من جوانب الحياة والركيزة الاساسية في تنمية البلدان لا يقوم إلا على شبكة متكاملة ومترابطة من الوظائف والمهام والواجبات والخدمات المناطة بكل جهة من جهات المنظومة الادارية للمدينة أو البلد كلا بحسب تخصصها.. وهنا يبرز السؤال: كيف تنهض مدينة عدن اقتصاديا وما زالت كافة الجهات ذات العلاقة تتعامل مع الفرص الاقتصادية القادمة إليها على طريقة (مرحبا) و(مع السلامة) و(زورونا مجددا)؟! دعونا هنا - وحتى لا يكون حديثنا انشائيا- نستعرض نموذجا للفرص المهدرة يمكننا من الوقوف على مكامن الخلل،وليكن الباخرة السياحية العملاقة(دوتش لاند) وكيفية التعاطي معها كأول رحلة سياحية بحتة على مدى الأعوام الثلاثة الماضية تقصد عدن كمحطة أساسية في برنامجها السياحي وليس كنقطة عبور أو تزود بالوقود والمؤن.

لقد كانت (دوتش لاند) التي رست صباح 19 نوفمبر وعلى متنها 286 سائحا في رصيف السياح بمدينة التواهي الباخرة السياحية رقم (13) التي يستقبلها ميناء عدن الدولي خلال عامنا هذا ليرتفع معها عدد السياح التي استقبلتهم مدينة عدن في نفس العام الى (1093) سائحا أجنبيا، الأمر الذي يكشف عن فرصة حقيقية تشهدها عدن حاليا في الجانب السياحي لا سيما وأن مقارنة بسيطة مع عدد البواخر السياحية والسياح الوافدين الى ميناء عدن الدولي خلال العامين الماضيين تؤكد أرتفاع مؤشرات هذه الفرصة في القطاع السياحي حيث أن اجمالي عدد السفن السياحية الوافدة الى ميناء عدن في العام 2004 السابق لم يتعد (3) سفن فقط تقل على متنها فقط (180) سائحا أما في العام 2003 فقد بلغ عدد السفن السياحية الوافدة الى ميناء عدن الدولي (صفرا) وعدد السياح ايضا (صفرا) وبالتأكيد هناك فرق إن لم يكن كبيرا فملموسا ما بين الرقمين (صفر و3) والرقم (13) فهل تنبهت الجهات المختصة الى ذلك؟ الحقيقة التي بين ايدينا تقول خلاف ذلك، فالبرنامج الذي استقبل به الفوج السياحي الذي اقلته (دوتش لاند) الى مدينة عدن اقتصر على جولة روتينية عابرة للفوج لعدد من المعالم التاريخية في المدينة لم يجدوا عقب انتهاء ساعاتها التي لم تذهب الى أكثر من منتصف النهار، والتي لم يلمسوا خلالها شيئا يذكر من مقومات صناعة السياحة، سوى حزم حقائبهم ومغادرة عدن، الأمر الذي يوضح غياب رؤية اقتصادية متكاملة ومترابطة ما بين كافة الجهات الرسمية المعنية بالنشاط السياحي، وتؤكد ذلك مقارنة ما بين البرنامج السياحي الذي استقبل به هذا الفوج السياحي في مدينة عدن وذاك الذي استقبل به في مدينة دبي بالامارات العربية المتحدة، فهناك عمدت الجهات المختصة بالسياحة والتسوق في دبي بالتواصل مسبقا مع الشركة المسئولة عن الفوج السياحي الذي تقله الباخرة (دوتش لاند) وهي ما تزال بعد على مشارف عدن والتعرف على كافة التفاصيل المتعلقة بالفوج واعداد برنامج متنوع لكافة أفراده بالتنسيق والتعاون مع شركات السياحة والفندقة الخاصة فكانت نتيجة تلك الرؤية الاقتصادية السليمة مكوت (دوتش لاند) وفوجها السياحي أسبوعا كاملا في دبي بينما لم تكمل نصف نهار في عدن.

ان نهوض مدن الموانئ، وعدن احداها، مرتهن اساسا على مستوى التكامل ما بين كافة الجهات في تقديم خدمات راقية للوافدين إليها، ومتى ما غاب هذا الترابط والتكامل اهدرت كل فرصة للنهوض، وتلك هي الحلقة المفقودة حاليا في مشروع تنمية مدينة عدن حيث نجح الميناء بفضل ادارة وكوادر مشهود لهم بالكفاءة والخبرة المتميزة في ادارة الموانئ في اعادة تأهيل وتحديث المرافق الخدمية في الميناء سواء على صعيد تحديث الآليات البحرية أو محطات الرسو والتموين وكذا استعادة السمعة العالمية للميناء واعادته الى خط الملاحة العالمي وخفض نسبة الخطورة فيه الى درجة الصفر رغم فداحة الضرر الذي لحق بحركة الملاحة فيه عقب تفجير الناقلة الفرنسية (ليمبورج) قبالة سواحل المكلا، إلا أن فرصة النجاح هذه تهدر بسبب غياب تعاون الجهات المختصة بالسياحة مع ميناء عدن بينما تعد السياحة خير مروج لسمعة الميناء والمدينة سواء بالايجاب أو السلب وصناعة باتت تعتمد دول على عائداتها.. فهل يدرك المعنيون الأمر قبل أن يبدأ العد العكسي من الـ (13) الى الـ (صفر).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى