صومعة الشاطري عبر بدر

> «الايام» محمد الغربي عمران:

> محمد الشيباني .. هاني .. كنا ثلاثتنا قد تناولنا وجبة الغداء في مطعم بـ (الحبيلين) بعد أن انطلقنا من صنعاء.. كان الصباح بارداً .. كنا نستعد لمباهج عدن بشراء القات من سوق القرعي.. أصابع الجزر من قرية خاو.

عبرنا المفرق.. العند.. صفوف محلات الحلوى.. كثبان الرمال.. بساتين الحسيني.. أعناق النخيل على أطراف وادي تبن.. مجاري السيول العميقة.. جبال الطين.. أشجار المانجو.

نحن عند أطراف لحج.. (لماذا لا نزور الشاطري؟) قالها الشيباني سألنا عن قرية الشاطري عياش.. (يسكن في عبر بدر) أجاب أحد سكان الحوطة.. مشيراً إلى الشرق.. دخلنا الحوطة عاصمة محافظة لحج.

أزقة يملؤها التراب.. شوارع مهملة .. أسواق اكثر ما فيها النفايات والزبالة.. الحوطة مدينة مهانة لو نهض القمندان لرفع قضية ضد السلطة المحلية.. المجالس المحلية.. السكان .. لتساءل (لماذا حاضرة لحج مهملة؟) وحقيقة هو يتساءل من قبره.. ومن يزور الحوطة يبحث عن العديد من الاستفسارات:

1- الحوطة مدينة بمواصفات القرية.. لماذا؟

2- هل المحافظ يزور اسواقها؟

3- المجلس المحلي هل يعيش اعضاؤه فيها؟

4- لماذا المخلفات والزبالة في كل مكان؟

-الأرصفة مهترئة.

6- الشوارع مكسرة.

7- الباعة يحتلون الشوارع ويسدون المنافذ.

8- كل شيء عشوائي .. وقوف السيارات .. حركة المرور.

9- ماذا قدمت المحافظة؟ وما دور المجلس المحلي؟

العابر جوار الحوطة دون أن يدخلها.. اما ذاهب عدن او عائد منها .. لا يرى الا الزهور على اطراف الطريق.. لكنه اذا دخل الحوطة سيرى كارثة كبيرة .. مدينة تحتضر.. مدينة غارقة في الاهمال والعشوائية.. مدينة حولها المسؤولون من قيادة المحافظة.. إلى مجلس محلي.. إلى مكتب الاسكان.. إلى ادارة المرور وبقية المكاتب .. حولوها بكل اقتدار الى مدينة تحتلها عشرات الأطنان من الزبالة ويحتلها الارتجال.

من يوقظ هؤلاء؟ من يدعوها الى حملة المكانس كل صباح لتنظيف شوارعها وأزقتها؟ من يفرض عليها برنامجا يوميا لتنظيم المرور والباعة..؟

المعروف أن أي موظف يستلم مرتبا عليه بخدمة الناس فأين تلك الخدمة في لحج؟

هل يزور مسؤولو لحج مدينة عدن؟ هل يشاهدون نظافتها؟ هل يزورون تعز؟ وصنعاء وبقية المدن اليمنية هل سمعوا عن المكلا والحديدة؟

اين تذهب تلك الميزانيات المرصودة؟

الحوطة مدينة غالية وقطعة من الجنة وأهلها بحر من الطيبة.

المهم عبرنا مدينة الحوطة بعد أن سألنا عن الطريق التي تصلنا بقرية الزميل عياش الشاطري (غوركي)..

عبرنا عدة قنوات لتصريف السيول.. كانت الحقول خضراء .. مساحات لذرة الدخن .. مساحات للخضروات.. الريح تحرك السنابل .. تتماوج الأزهار.. عبير الحقول..

لازلنا نسأل عن عبر بدر.. الجميع يشير علينا (إنها قريب .. هناك وسط الحقول).

بيوت طينية متداخلة مع الحقول .. قنوات السيول تتقاطع.. وأناس يسيرون.. أطفال..

القاص الشاطري هناك يلوح لنا.. عليه ابتسامة تجعل عينيه أصغر حجماً.. صعدنا بعده سلماً خشبياً.. غرفة على السطح.. (هنا أجلس أمام ناظري الحقول) كان يحدثنا بعد أن صعدنا الى السطح المفتوح. أدخلنا غرفة تطل نوافذها على الأفق جلسنا .. البخور يعبق .. فناجين الشاي .. الماء المثلج .. ابتسامة متألقة .. أطفال بألوان الفراش وزهور الحقول.

كانت النسمات الباردة تأتي محملة بأريج الزهور.. مروحة السقف تدور في تكاسل..على الرفوف أعداد كثيرة من الكتب والمجلات القديمة.. على الطاولة أعمدة أخرى من الكتب.. على الأرض.. الكتب كائنات هرمة.. صورة الرئيس السوري بشار الأسد الى جوارها صورة الشاطري دون أثر للشعر الأبيض.. وسامة فاضحة.. يعود سرب الأطفال محملين بالزهور والشاي الملبن وضحكات مرحة.. (هذه ابنتي.. هذا ابن بنتي.. وهذه البيضاء ابنة ابني) يتحدث في سعادة.

سألناه عن الزملاء أدباء لحج: القاضي.. كرد السقاف .. المداوي ..الباشا .. منيعم .. جرادة ومحلتي. كنا نتمنى الجلوس اليهم.. وكان الأمل أن نلتقي بهم في مهرجان الأدب اليمني الخامس بعدن .

كان الوقت يمر والشمس تغادر الفضاء.. وكنا نستعد للرحيل إلى عدن، فنحن على موعد مع الأخوة أعضاء اللجنة التحضيرية لمهرجان الأدب اليمني الأساتذة: عبدالمطلب جبر.. عمشوش.. مبارك سالمين وعبدالرحمن عبدالخالق وهشام السقاف.. وعبده يحيى.. والعولقي وميفع.. وياسر عبدالباقي..

سنابل الذرة وأشجار الليمون والجوافة والمانجو كانت أمام أعيننا خلف منزل الشاطري.. تهزها نسمات المغيب.. أزهار شجرة البشام والجهنمية..

غادرنا لحج..

شكراً أيها الشاطري.. شكراً لصومعتك التي عند أطراف الخضرة.. عند حافة الحب والسعادة.. بعيداً عن تناقضات وإهمال الحوطة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى