مع الأيـــام..يا فاسد: إذا كان بيتك من زجاج فلا ترم الناس بالحجارة

> محمد عبدالله باشراحيل:

>
محمد عبدالله باشراحيل
محمد عبدالله باشراحيل
عنوان هذه المقالة مقولة عربية قديمة، وقد أطلقها فخامة الرئيس علي عبدالله صالح، عند لقائه بأعضاء اللجنة الدائمة في الاجتماع الذي سبق عشية جلسة افتتاح المؤتمر العام السابع للمؤتمر الشعبي العام بعدن، وأعلنها مدوية في حديثه الموجه إلى المسؤولين الذين يكررون بالقول شعار محاربة الفساد في دوائرهم، مع أنهم هم المفسدون بأنفسهم ويمارسون مختلف أنواع الفساد في وضح النهار وأمام أعين الناس دون حياء، متحدين القوانين وأخلاقيات المهنة والمشاعر الإنسانية، وهؤلاء يعتبرون الرشوة هدية واجبة وعلى المواطنين دفعها إذا ما أرادوا حل قضاياهم أو إنهاء معاملاتهم، واستمر المفسدون في طغيانهم لأنهم لم يجدوا من يردعهم ويوقفهم عند حدهم، والمشكلة أن عدوى الفساد انتقلت حتى إلى المواطن عبر المسؤول الفاسد وبصور مختلفة، ومن هذه الصور مثلا إذا كانت استحقاقات الدولة من المواطن 100.000 ريال فإن هذا المسؤول يضع المواطن أمام خيارين، الأول أن يدفع المبلغ كاملا وبفاتورة استلام رسمية، أو الخيار الثاني بأن يدفع 60.000 ريال ولكن تعطى له فاتورة رسمية بمبلغ 30.000 ريال فقط والمبلغ المتبقي له، فيختار المواطن غالبا الخيار الثاني وينجرف نحو الفساد مع الأسف.

وعليه فإنه من غير المقبول- كما قال الرئيس- أن يقوم المسؤول الأول في مرفق باتهام موظفيه بالفساد وهو المفسد الكبير، والشاعر يقول:

إذا كان رب البيت للدف ضارباً فشيمة أهل البيت كلهم الرقص

وفي اعتقادنا أنه من الضروري أن تترجم أقوال الرئيس في هذا الصدد إلى أفعال وأن تبادر الجهات ذات العلاقة والمعنية بوضع الآليات اللازمة لتنفيذها وبصورة عاجلة أو كما يقال «دق الحديد وهو ساخن»، لأنه في حالة تأخر الإجراءات ضد الفساد وبرود الحديد وعدم استغلال الفرصة والاستفادة من الوقت، فإن الحديد سيتصلب ثانية وسيصعب دقه في وقت لاحق ومتأخر، ونحن نقول«الآن الآن وليس غدا أبواب الفساد فلتدق وتدك» مع الاعتذار لأغنية فيروز.

ونرى ضرورة الإسراع باتخاذ الإجراءات التالية:

1- دعم الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، خاصة وأن بحوزته تقارير منها عن شركات ومؤسسات ودوائر حكومية وخاصة تتضمن مستمسكات واختراقات قانونية، ومنها عن أخرى تسوّف وتماطل لعدة سنوات بعدم تقديم حساباتها وبياناتها السنوية، ولم يستطع الجهاز النيل منها ومجازاتها قانونيا. والسؤال من هم المفسدون الذين يقفون وراءها ويقومون بحمايتها؟

2- إيقاف السطو على الأراضي وردع ومحاسبة القائمين بذلك.

3- إنهاء ما يسمى بحق الحماية من قبل بعض المتنفذين الفاسدين، والحالة الشائعة أنه عندما يتقدم المستثمرون بطلباتهم لإقامة مشاريعهم يظهر لهم هؤلاء المتنفذون مطالبين بحصة من رأسمال المشروع مقابل الحماية وتذليل الصعوبات، وهذا يعتبر أحد أبرز الأسباب المنفرة للاستثمار في البلاد.

4- عدم منح مناقصات المشاريع لأفراد بالاسم مهما كان مقدار جاهه من جهة، والحد من التلاعب فيها من جهة ثانية، وإخضاع المناقصات لقرارت اللجان الفنية المختصة وإبعاد المتطفلين عنها وضرورة تبسيط الإجراءات المالية وتقليص الروتين.

5- المحاسبة الفورية للمتلاعبين في الشأن المالي أكان في دوائر مكاتب وزارة المالية في المركز أو في المحافظات، أو في دوائر الضرائب أو الجمارك بوجه خاص، وفي بقية الدوائر الحكومية المختلفة بوجه عام.

6- إيجاد حلول للقضاء الفاسد وإرساء قواعد العدل والاطمئنان بين الناس ، والجدير بالإشارة أن القضاء النزيه عامل جاذب للاستثمار في حين أن القضاء الفاسد عامل طارد له.

7- إلزام البنك المركزي اليمني القيام بمهامه الرقابية الدورية على البنوك الأهلية والأجنبية، تجنبا لحدوث خروقات أو تجاوزات قد تؤدي إلى وضع اليد عليها أو إعلان إفلاسها وما لذلك من تبعات تتعلق بحجب ثقة الجمهور عنها وسحب أمواله المودعة فيها، وميله إلى الاكتناز الذي يساعد على الركود الاقتصادي وتقليص الاستثمار الداخلي.

وختاما فإننا مع الرئيس في محاربته للفساد ..ونقول للمسؤول الفاسد: إذا كان بيتك من زجاج فلا ترم الناس بالحجارة.. لأن من ترميهم من مفسدين في إدارتك سيرمونك بحجر أكبر على بيتك الزجاجي، الذي سيتحطم ويتكسر فوق رأسك ويقضي عليك، والمفروض أن تبدأ بنفسك. وربنا عز وجل يقول في محكم كتابه: {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم}.

والناس ينتظرون ما سيحل بالفساد ولا يكتفون بالقول وحده ولا يصدقون ولا يقتنعون إلا بما يشاهدونه ويلمسونه من إجراءات عملية تنفذ على أرض الواقع.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى