> «الأيام» أحمد مقبل ناصر /الحود - الضالع

البخل هو الإمساك عما يحسن السخاء به، وهو ضد الكرم، والبخل من السجايا الذميمة والخلال الخسيسة الموجبة لهوان صاحبها ومقته وازدرائه، وقد عابها الإسلام وحذر منها تحذيرا رهيبا. قال تعالى: {ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء} وقال تعالى: {الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله وأعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً} وقال تعالى: {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيراً لهم بل هو شر لهم سيطوّقون ما بخلوا به يوم القيامة}.

فالظالم قد يتوب ويستغفر ويرد الظلامة إلى أهلها، أما الشحيح إذا شح مُنع الجنة أن يدخلها فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم «أن السخي قريب من الله قريب من الناس قريب من الجنة والبخيل بعيد من الله بعيد من الناس قريب من النار». وقال علي بن أبي طالب: عجبت للبخيل يستعجل الفقر الذي منه هرب ويفوته الغنى الذي اياه طلب فيعيش في الدنيا عيش الفقراء ويحاسب في الآخرة حساب الأغنياء. ومن مساوئ البخل أنه سجية خسيسة وخلق لئيم باعث على المساوئ في دنيا الإنسان وآخرته، وأما خطره الدنيوي فإنه داعية للمقت والازدراء من القريب والبعيد وربما تمنى موت البخيل أقربهم إليه وأحبهم، والبخيل بعد هذا أشد الناس عناء وشقاء يكدح في جمع المال والثراء ولا يستمتع به.

والبخل وإن كان ذميما مقيتا بيد أنه يتفاوت وتتفاقم مساوئه باختلاف صوره وأبعاده، فأقبح صوره وأشدها إثما هو البخل بالفرائض المالية التي أوجاها الله على المسلمين تنظيما لحياتهم الاقتصادية وانعاشا لمعوزيهم، وتختلف معائب البخل باختلاف الاشخاص والحالات فبخل الاغنياء أقبح من بخل الفقراء والشح على العيال أو الاقرباء أو الاضياف أبشع وأذم منه على غيرهم، والتقتير والتضييق في ضروروات الحياة من طعام وملابس أسوأ منه في مجالات الترف والبذخ، أعاذنا الله من جميع صوره وأشكاله.