صالح مفتاح : «الأيام» علمتني القراءة وكتابة الشعر

> «الأيام» مختار مقطري:

>
صالح مفتاح
صالح مفتاح
انسان بسيط لا يبدو على جسده المنهك وتجاعيد وجهه التي اضاعت تقاطيعه سوى شقاء السنين الطويلة ومعاناة المبدع الأصيل، هكذا يراه من لا يعرف قدره كشاعر غنائي مقتدر، انه مبدع حقيقي اسمه صالح عبدالله مفتاح، شاعر وافر العطاء، مطبوع على قول الجيد من الشعر الغنائي، فغنى من كلماته عدد غير قليل من فنانينا واشهرهم.. عبدالرحمن الحداد، فيصل علوي، عوض احمد، العزاني، امل كعدل وغيرهم.

وأعترف أن بعض مما ذكرته كنت اعرفه عنه الا اني لم اكن قد التقيت الرجل من قبل.. ثم التقينا.. ثم ذهبت الى منزله المتواضع في شارع السودان بالشيخ عثمان لأستلم منه قصيدتين وصورة، كنت على عجل فلم يدم لقاؤنا اكثر من ربع ساعة بجانب الباب، ربع ساعة قال خلالها اشياء كثيرة ولم يقل شيئا، عزة نفسه منعته من تصوير معاناته واسباب بؤسه ومرارة احزانه، فتركني استشف كل ذلك، لم يطلب مني ان اكتب عنه ولكني كتبت، سألته أن اهدي قصيدته اذا نشرتها «الأيام» لفنان معين فقال :(لا)،.. قالها مغلفة بأسى كأنه يعاتب، فنحن في زمن لم يعد فيه المبدعون يسألون عن بعضهم، عرفت من نبرات صوته ومن كلمتين او ثلاث شردت من فمه انه يعيش ظروف مادية صعبة للغاية وأنه حزين لضياع حقوقه الأدبية والمادية عن معظم قصائده المغناة، وحزين لأن أحدا لا يذكره سواء في الأجهزة الرسمية او في الجمعيات والمنتديات الأدبية، ومن جملة قصيرة عرفت أن صداقة وعلاقة حميمية ربطته بالراحل الكبير محمد سعد عبدالله.

ذكر لي أنه من ابناء لودر بأبين، التحق بالقوات المسلحة في سن صغيرة، وكان حظه من التعليم يسيرا جدا، يفك الخط بالكاد، لكنه اولع بالقراءة وخصوصا قراءة الصحف، «فتاة الجزيرة» وبعدها «الأيام» ومن «الأيام» استفاد كثيرا وصقل موهبته الشعرية بالاطلاع على ما كانت تنشره بانتظام من جيد الشعر الفصيح والغنائي لكبار الشعراء، ومن خلالها وبمثابرته على قراءتها تعلم القراءة بشكل جيد وتطورت مقدرته على الكتابة. صالح مفتاح.. شاعر غنائي مقتدر.. ومبدع اصيل نساه وتناساه الجميع.. وانا اول هذا الجميع، فانزوى في بيته ليحافظ على كرامته وماء وجهه . وهو اليوم له عشرات القصائذ الجميلة غير المغناة والجاهزة للتلحين كما قال، وكما لم يقل فإنه يتوق لإصدار ديوانه الشعري، ولن يتحقق ذلك الا بتولي مكتب الثقافة بعدن هذه المهمة، وصالح مفتاح شاعر يستحق مبادرة المكتب، ودون شك لن يتوانى مديره العام الشاعر عبدالله باكدادة عن القيام بهذا الصنيع الجميل.

ومن احدى القصيدتين اخترت هذه الأبيات، فالقصيدة طويلة الا أن الاطالة لم تفقدها جمالها وحيويتها ووحدتها العضوية.

من عاب في من يحبه

حذرك اذا قال تاب

العيب عايش بدمه

حتى يوارى التراب

ياذي تبكوا عيرني

ما شان هذا العذاب

قلت انكم ترحموني

حتى يشيب الغراب

واليوم ما شي تبوني

من بعد ما الراس شاب

عاقبتني يا زماني

يكفيك فيني عقاب

اسقيتني الحلو علقم

ما ذقت غيره شراب

هذا زمان الصحايب

خطاه يصبح صواب

ومن كذب فيه صادق

والصدق ما له جواب

ويلي ويا ويل قلبي

ذي من حبيبه مصاب

في عمق عمق السويدا

رمى بسهمه وصاب لا طب يشفي جروحي

ولا دعاة الكتاب

بصبر على جرح جرحي

لا يوم يوم الحساب

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى