يوم من الأيــام..وأخيراً وصل الفيد إلى «الحاج لا لا»

> محمد فارع الشيباني:

>
محمد فارع الشيباني
محمد فارع الشيباني
في إحدى مقالاته كتب صديقي وأخي إبراهيم حسين عن الذين يتباكون على عدن وحينها قلت له إننا لا نتباكى على عدن، بل نبكي عليها لأن التباكي يحمل معنى النفاق والزيف والكذب ولكن الإنسان يبكي عند فقدان شيء أو شخص عزيز عليه، معبراً بذلك عن ألمه وحزنه ونحن فعلاً نبكي على عدن لأننا نحس أنها تضيع منا قليلاً قليلاً ومع الزمن فإنها سوف تستمر في حمل اسم عدن وسيكون فيها كل شيء إلا عدن.

عندما دخلت ما أطلق عليها قوات الشرعية إلى عدن عام 1994م وقع نظر المتفيذين (وللذين لا يعرفون معنى كلمة الفيد فهي النهب والسرقة والخلع الذي تقوم به القبيلة المنتصرة على أفراد وممتلكات القبيلة المهزومة) أقول وقع نظر المتفيذين على موقع مؤسسة الملح حالياً والإيطالي الحاج (لا لا) سابقاً فوجدوا أن موقعها الفريد بين بحر من الشرق وبحر من الغرب يسيل له لعاب كل متفيد ونافذ وحاجب سلطة والذي منع هؤلاء حتى الآن من الاستيلاء عليها كان الرمز الكبير الذي تمثله، فالمملاح جزء من تاريخ مدينة عدن وكان رمزاً للمدينة خاصة طواحين الهواء وقد ألفت كتب كثيرة حول هذا المملاح منذ أن كان الملح يستخرج منها بالأيدي ثم ينقل بالحمير والجمال وتوسعت مدينة عدن وحاصرت المملاح لكن أحداً لم يجرؤ حتى الاستعمار البريطاني أن يمس أراضي المملاح لأن الكل عرب وعجماً ونصارى ينظرون إليه بقدسية لا لأنه رمز لمدينة عدن بل لأنه بحد ذاته تاريخ مقدس، من هذه الهالة التي منعت عند دخول المتنفذين إلى عدن من المساس بهذا الصرح العظيم رغم أن لعابهم كان يسيل لها وبعد سنوات وبعد أن لم يبق في عدن بقعة أرض تنهب أو جبل يدك أو بحر يردم بدأ القضم في أطراف مملاح الحاج (لا لا) وبدأت أسوار من البردين تحاصره من الجهة الشرقية فرضت بالنفوذ وبالحديد وبقوة الأطقم المسلحة وضج سكان عدن وتظاهروا وهتفوا إلى هنا وكفى ولكن الأمر الواقع كان قد فُرض وتوقف قضم الحاج (لا لا) وظن أهلعدن أنهم انتصروا في المعركة ولكن رجال الفيد وخبراءه المتنفذين اعتبروا ذلك انسحاباً تكتيكياً مؤقتاً لكي يستولوا على المملاح كاملاً بدلاً من القضم وبضربة واحدة وبطريقة فنية يبدو فيه الاستيلاء على المملاح تطويراً له فتخرس الأصوات بعدما يدمر الحاج (لا لا) ويحول إلى قطع تباع بأثمان غالية تبنى عليها مبان قبيحة يطلق عليها سكني تجاري، وحان الوقت وبدأ التنفيذ في بداية العام الجديد وطرد العمال ولم تسلم لهم حتى رواتبهم لشهر ديسمبر وسلم الحاج (لا لا) للمؤسسة الاقتصادية.

وللذين لا يعرفون هذه المؤسسة فإنها مؤسسة غريبة لا مثيل لها في العالم كله فهي لا تخضع لأي سلطة في الدولة لا تخضع أو تتبع أي وزارة ولا حتى رئيس الوزراء فهي تكاد تكون دولة مستقلة داخل الدولة تأخد وتبسط على أي أرض تريد ولا أحد يستطيع منعها، تبني ما تريد من عمارات ومصانع ومنازل وقت ما تريد وحيث ما تريد، تستورد أي شيء تريد من القمح إلى أجهزة الإلكترونيات الدقيقة، الخلاصة تبيع وتشتري ما تريد يديرها عسكر ولكنهم لا يتبعون وزارة الدفاع، هذه المؤسسة بحجة أو أخرى أو تبرير أو آخر استولت على الحاج (لا لا) وأقول لكم إن أحداً لن يستطيع منعها من الاستيلاء لأن خطة الفيد قد تمت وبدأ بتنفيذها وقد بدأت الخطة بالإعلام أنه سوف يتم بناء مملاح جديد في ساحل عمران بعد البريقة وتلك كانت الخطوة الأولى أو كلمة السر لبدء الفيد في حاج (لا لا) ومرة أخرى سوف يتشرد عمال وعائلاتهم وسوف يقال لهم كلام كثير وتعطى لهم وعود كثيرة ولكنهم سوف يجدون أنفسهم في الشارع كما حصل لعمال مؤسسات عامة سبقتهم.. لك الله يا عدن وأرجو أن يفهم أخيراً صديقي وأخي إبراهيم حسين، لماذا نبكي على عدن وأخشى يا عزيزي إبراهيم أن يأتي يوم لانستطيع فيه حتى البكاء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى