الاختلاف حرف

> زهير حامد لقمان:

> هو حرف واحد بين كلمتي السياسة والسياحة اللتين توضحان عدة دلالات ومفاهيم مختلفة عن بعضها البعض ولكنها متلازمة، فالسياسة والسياحة هما مفهومان مترابطان لتحقيق هدف مشترك هو تقوية الاقتصاد المحلي للدولة ولخلق عالم من الرفاهية الاجتماعية وهنا يجب أن تتوضح الأسس السياسية وأن تكون مستقرة وذات أهداف سامية، فالاستقرار السياسي لأي بلد هو استثمار سياحي له على المدى البعيد وليس بمقدور أي بلد بالعالم غير مستقر أمنياً أن يجعل من نفسه منطقة جذب للسائحين مهما امتلك من مقومات تاريخية وحضارية أو شواطئ ساحرة، فالأمن والأمان يمثلان العصب الأساسي للحفاظ على الاستثمارات في القطاعات الاقتصادية كافة ومنها قطاع السياحة، فالسياحة صناعة حساسة جداً تتأثر بأي ظرف سياسي أو اقتصادي، فمن يتطلع لجعل هذا القطاع رافداً مهماً لاقتصاده، فلابد له من السعي بجد في توفير العوامل المهيئة للاستقرار على المدى البعيد.

هنا في وطننا اليمن السعيد الذي يمتلك المقومات اللازمة بأنواعها المختلفة من التاريخ والشواطئ الجذابة، ناهيك عن الجزر والصحاري الخلابة وبالرغم من ذلك نجدها تهتز يوماً عن يوم بل بصورة ديناميكية مخزية وذلك بسبب ظاهرة اختطاف السياح الأجانب وآخرها فضيحة اختطاف الوزير الألماني وعائلته، هذه الأحداث كلها تمثل ضربة في وجه هذا الاقتصاد الذي يمكن أن يمثل الدجاجة التي تبيض ذهباً لبلادنا لو وجد المناخ الملائم لتنميته. فيخطف السياح الذين جاءوا إلينا آمنين لرؤية تاريخنا وحضارتنا ثم نجد أخبار اختطافهم في الصفحات الأولى من صحف بلدانهم وهنا نظهر أمام العالم بالارهابيين لا غير، ونجد أنفسنا ايضاً أمام هزة اقتصادية يصعب تعويضها عندما نسمع من الدول المعروفة بتصدير السياح، تحذيراً لرعاياها بعدم زيارة اليمن.

فلو نظرنا الى مدينة دبي تلك القابعة على شواطئ مياه الخليج العربي والتي تعد أصغر كثيراً من مدينة عدن والتي تعتبر من الأماكن القليلة في العالم التي استطاعت أن تختصر قروناً من الزمن ليس في مجال التقدم والرقي والازدهار بل في قطاع السياحة الذي دخلته بقوة رغم عمرها القصير في هذا المجال وسباقة في ابتكار وسائل جذب السياح إليها فهي تستقبل سنوياً ما يقارب أربعة ملايين سائح، لماذا؟ لأنها وفرت الأمن والنظام والعقل البشري النيّر ووجدت الدولة التي تعمل على طرح النظام الإداري الذي يسير الأمور بشكلها الصحيح، على الرغم من أن دبي بصفة خاصة والإمارات بصفة عامة ليست غنية بثراتها التاريخي وبمواقعها الأثرية وبالتعدد المناخي الذي يتمتع به اليمن، إلا أنها ركزت بشدة على سياحة مهرجانات التسوق والمؤتمرات وسياحة الصحراء للسياح المولعين بسحر الصحراء خاصة في فصل الشتاء للتزلج على الرمال وعلى شمسها وشواطئها لاجتذاب سياح ينفقون بكل سعة. وقبرص تلك الجزيرة الصغيرة في البحر المتوسط المقسمة إلى قسمين والتي تقدم البحر والجبل وقليلا من التاريخ، تستقبل سنوياً ما يقارب خمسة عشرة مليون سائح وأكثر لأنهم وجدوا الجمال الأخلاقي والأمان والخدمات الفندقية التي ليس لها مثيل في كثير من بلدان العالم وأشعروا كل سائح وطأ أرض جزيرتهم بأنه ملك متوج، الكل في خدمته وذلك إيماناً منهم وبدافع فخرهم ببلدهم وسعادتهم بكل من يزورهم مما يجعل من يأتي إليهم يفكر بتكرار الزيارة مراراً.

إننا اليوم نقف أمام وضع اقتصادي صعب فالبطالة وزيادة الأسعار وانحدار العملة المحلية أمام العملات الأخرى، هنا نؤكد أن التأثيرات السياسية الداخلية تلعب دوراً مهماً في التأثير على صناعة السياحة سلباً وإيجاباً حسب التوجهات والأهداف والغايات منها.

فالمطلوب هو خلق سياحة لبلدنا قائمة على اقتصاد متين وعلى دعامة أمنية قوية. نسأل الله التوفيق في ذلك.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى