لماذا نكتب؟

> عبدالقوي الأشول:

>
عبدالقوي الأشول
عبدالقوي الأشول
لا أمتلك إجابة شافية عن أهمية الكتابة في حياتنا ربما لأن الإجابة تبدو متباينة تباين أفكارنا وقناعاتنا نحن بني البشر إلا أن أهمية الكتابة تأتي من كونها مدعمة لمعنى وجودنا الإنساني.

وفعل القراءة والكتابة عند آخرين.. مصدر لطاقة متجددة تمنحهم الشباب الدائم فقد يدهشنا شخص تجاوز التسعين من العمر يتمتع بذاكرة ثرية قادرة على استحضار الأزمنة وكانه مازال عائشاً في قلب الحدث، فتلك هي ذاكرة نيقولا زيادة ومحمد حسنين هيكل، إذن.. القراءة والكتابة من مصادر ثراء الفكر الإنساني التي لا يمكن الاستغناء عنها.

إلا أن فعل الكتابة يبدو من الأعمال التي يتعذر القيام بها في مضمار الأعمال الروتينية التي يمكن إنجازها. فعل الكتابة سهل ممتنع.. يرتبط بالحالة النفسية للفرد، ذات الفرد الأكثر اقتراباً من قضايا واقعه الحياتي الأشد تأثراً بمحيطه الاجتماعي.

ولا أخفي أن فعل الكتابة لدي تحاصره سلطة الرقيب الذاتي.. حتى لا أضع نفسي وغيري في وضع المتجاوز للخطوط الحمراء والثوابت الكثيرة.. التي يجري تفعيلها والإضافة إليها كلما رأى أصحابها ذلك.

فإن فعل الكتابة الحذر سبيلي في التعبير عما في ذهني من أفكار ورؤى.. رغم أن تجربة الحياة علمتني أموراً كثيرة ربما أسقطت معها ما كان في ذهني عن شرف المهنة وقدسية الكلمة ونزاهة أصحابها.

فإذا كان الشائع في حالات مختلفة أن أقصر الطرق إلى الغنى هو بيع الجسد وهي الرذيلة التي تخالف تعاليم دياناتنا السماوية.. فإن في عالمنا رذيلة أخرى تكمن في بيع الضمير واختصار المسافات إلى عالم الغنى والثراء بفعل الكتابة الرخيصة المجافية للحقيقة وبغض النظر إن كان هؤلاء المتزلفون يؤمنون بطبيعة ما يقولونه أم لا.

قرأت ذات يوم لكاتب أمريكي لا يحضرني اسمه.. ما معناه «إن الشعوب بمرور الأزمنة تألف أنظمتها السياسية»، فهل فعل الألفة تلك أصاب ضميرنا الصحفي وجعلنا نبدو متماهين مع صور الظلم والبؤس من حولنا؟ حتى غدا فينا من لا يتوانى عن الدفاع عن خصال الواقع وخصائصه متجرداً من الضمير وشرف المهنة حين يجافي حقائق الأمور بفجاجة مطلقة ويمتطي صهوة الزمن أو هي اللحظة التي توصله إلى مآربه دون عناء.. عبر طريق الغاية التي تبررر الوسيلة وبطريقة فيها تجرد من الحياء وربما محاولة استغفال القارئ بطريقة تنم عن قدر غير مقبول ولا معقول من التلون. حال.. عندما تستوقفنا تجعلنا نعود إلى قاموس زملاء المهنة.. ممن ماتوا على الطوى دون أن يقبلوا على أنفسهم هذا القدر من الإذلال للذات. وجوه.. غادرتنا مخلفة وراءها ذكرى عطرة وسيرة حياة كريمة. ووسط هذا وذاك.. نفر مارسوا أقصر الطرق إلى الغنى دون أدنى اعتبار لذاتهم وشرف مهنة.. ظنوا يوماً أنهم من منتسبيها.

ومع ذلك نؤمن أن لكل زمن مفارقاته وعجائبه.. فكل يغني على ليلاه وسط هذه المعمعة.. وما يتراءى من حياة راكدة.. نمتلك يقيناً أن ضمير حملة الأقلام متجدد الحيوية إلى درجة تبدو معها الآمال معلقة على ضمائر الأمة وحملة مشاعل الفكر والتغيير.. المستعصين على التدجين.. المؤمنين أن الحياة لا يعيشها المرء إلا مرة واحدة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى