اتحاد الادباء والكتاب بساحل حضرموت يحيي الذكرى السادسة لرحيل الشاعر الفذ حسين أبوبكر المحضار

> «الأيام» علي سالم اليزيدي:

>
جانب من الحضور في ذكرى رحيل المحضار السادسة
جانب من الحضور في ذكرى رحيل المحضار السادسة
أمسية الأربعاء 8 فبراير الجاري كانت ليلة تخليد الذكرى السادسة للشاعر الغنائي الراحل حسين ابوبكر المحضار في مدينة المكلا حيث احتشد باتحاد الادباء بالساحل جمع كبير من الادباء والمثقفين والمهتمين والمحبين وبرلمانيين ورجال سياسة وأعضاء المنتديات الثقافية بالمكلا والشحر والديس الشرقية والريدة والغيل لإحياء هذه الذكرى الغالية، وقدمت خلالها أبحاث وأحاديث لمعاصرين وأغان.

وتحت عنوان (المحضار حاضر فينا) جاءت الأمسية بديعة ومتممة لكل ما جال في خاطر الحضور بل وقدم المتحدثون نوعاً مختلفاً من حيث تجاوز التكرار واظهار نوعية المادة في خفايا ونماذج ثرية لم تظهر بعد في سيرة وشعر وغناء المحضار نفسه.

ومنذ البداية ظهر أننا سنطلع على ما لم يعرفه الحاضرون والقراء من طرائف وأشعار تستحق أن تكون موضوع هذه الامسية، وقام صديق المحضار والشخصية الأدبية والفنية وشاعر الأغنية المعروف الشاعر عمر أبوبكر العيدروس بإعطاء سرد شيق عن معاصرته ومعايشته لسنوات من حياة الشاعر الكبير الراحل وفتح صفحة جديدة جاءت حكايتها أثناء عمل الاثنين في مركز الآثار في سبعينات القرن الماضي حيث شغل الشاعر عمر العيدروس مديراً للمركز فيما رافقه المحضار موظفاً.. فقال: «عرف المحضار بأنه سريع البديهة وحاضر جداً، فإذا ماحدث شيء أمامه في الشارع يسجله بقصيدة ومنها أننا كنا نجلس في بيت الراحل السيد عمر سالم العطاس بحي الشهيد خالد بالمكلا وعلى ساحل سيف حميد ومعنا ايضاً عمر عبود باسعد.. معظم الليالي تقريباً، وهذا في فترة السبعينات وفي ليلة غاب واحد من الجلسة ولكن صديق الغائب حضر، وأدرك المحضار رحمه الله أن هناك جفوة حدثت بين الاثنين ومباشرة قال المحضار قصيدته الشهيرة (نوب من جبحه فرق، من بعد ماطالت مجانيه) ومن ثم أكمل القصيدة ولحنها ونحن في الجلسة ومثال آخر: سألت الشاعر حسين المحضار ذات يوم ليش ياسيد حسين ليش أنت راتبك أكبر من راتبي في الآثار مع أنني مدير عليك؟ فأجاب بقصيدة طريفة يقول فيها:

ذلا صحابي يوم وحلوا بي

وقالوا أيه بانلقي لبو محضار

اجتمعوا كلهم مرة

ولقونا مساعد ضابط الآثار

لا الآثار من شغلي

ولانا من عرب يهوون رسم الدار

لهم أغراض في الماضي

بتأويل الكتابة لي على الأحجار

ونا مشغول بالحاضر

وبالآتي وما يحويه من أسرار».

واستطرد الشاعر العيدروس أمده الله بالصحة وطول العمر يروي فقال:«أثناء تأسيس اتحاد الادباء اليمنيين في عدن 1971م وكان مسافر الى عدن لحضور المؤتمر وسألني ماذا أطلب، فقلت له (بغيت قات) وكان ممنوع عندنا آنذاك وإنما المحضار سيمرره معاه بالطائرة، وانتهى المؤتمر وعاد الجميع وتأخر الشاعر المحضار ولكن بعث لي رسالة مع صالح باعامر وبها هذه الابيات شعراً نقتطف منها:

الى مديري وابن عمي برسل رسالة معاك

العيدروس السيد الفاضل عمر بوبكر ذاك

كيف حال سويد وعوض والذي هم في حماك

أرجوك تعذرني وانا ما خلفت الا في رضاك

العسكرية ما تجمل شرت فيها واحتكاك

باطلع اليمدا لحتى التذكرة تبلغ بلاك

ونا حبك من زمن قبل ما يخرج حقاك

حبك لأنك شهم، ما حبك لذا اولاذاك

وكان يقصد أن الوفد عاد في طائرة عسكرية وبالصعوبة عليه تمرير القات لدقة التفتيش ولكنه سيصل في طائرة اليمدا لو يبلغ ثمن التذكرة (لاك) وهو ألف شلن تقريباً». وأضاف الراوي في هذه الأمسية أن المحضار يتحسس أصدقاءه ويحب مساعدة الناس وقريب من كل من حوله لبساطته وكشف عن ولادة الأغنية المشهورة المغناة (مالك ومال الناس ياعامر شوف الكون مهما تدعي معمور). وكان الشاعر المحضار قد توسط في طلب سفراء امرأة مقطوعة في الشحر الى أهلها بالخارج وكان السفر ممنوعاً آنذاك وذهب إلى وزير الداخلية حينها صالح مصلح، الذي أبدى ممانعة في طلب المحضار وهنا ولدت هذه القصيدة التي تقول ايضاً :

لا تقول قدنا الناهي الآمر

شف عادها تغباك بعض امور

شف عادها غلطات عندك في الدفاتر

راجع حسابك وافتح الدفتر

واختتم العيدروس حديث الذكريات الرائعة باعتزازه بعلاقته بالشاعر المحضار وكيف تتبع خطاه وحاكاه في شعره زمناً طويلاً.

أما الاديب والناقد د. عبدالله حسين البار رئيس اتحاد الادباء والكتاب اليمنيين فقد قدم بحثاً مشوقاً عن ظواهر في شعر المحضار لاتزال صالحة للدرس ومجالاً للتأمل ومنها ظاهرة (اللبس اللغوي) عند المحضار، وهو ما يقوله المتكلم فيلتبس على المتلقي، ومن هذا ايضاً تتسع الدلالة مثل قوله:

ورا ذي يحبوني بالامس عادوني

وقفوا حجر في طريق الحب من دوني

وراهم تحدوني وزعلوا على شانك

زمانك زمانك

وكيف يظهر هنا قراءات: وراهم تحدوني وزعلوا على شانك، او وراهم تحدوني وزعلوا على شانك، إذ لك أن تقرأها مرتين مرة بالاستفهام ومرة على أنها خبر، وقد فسر البار بدقة وتحليل (الاس الساكتة) التي يبنى عليها قول آخر في مجال الموسيقى، وجاء هذا البحث عميقاً ونوعياً ومدخلاً لكل الباحثين ايضاً للشاعر المحضار وثراء أشعاره وآثاره البديعة على مر الزمن. وخلال هذه الامسية الرائعة قدم ايضاً الباحث عبدالله صالح الحداد بحثاً ممتعاً تحت عنوان (محاولة في فهم قصة التلحين عند المحضار)، حيث قدم تفسيراً لعلاقة البيئة في الشحر وما تحويه من تنوع وثراء مدني وقبلي، وأوضح أن المحاضر يظهر لديه اللحن منذ البيت الأول للقصيدة وسرد بعدئذ أنواع ومزايا الألحان واتجاهاتها في الواقع، وتنوعت ايضاً العناوين، فقد صدح صوت الفنان الكبير عمر محمد غيثان وأطرب الحاضرين بأغنية (على ضوء ذا الكوكب الساري) وأغان أخرى واهتزت الرؤوس حنيناً ودمعت العيون وفاءً وهي ايضاً عودة لهذا الفنان صاحب الأغنية الشهيرة (نود نسنس) وشهدت الأمسية المحضارية مداخلة للاديب صالح سعيد بحرق وبحثاً للأستاذ صالح حسين الفردي وقصائد للشاعرين محمد عبدالله الحداد وسالم الفضلي. واختتمت الأمسية التي قادها الأديب د. عبدالقار باعيسى.. وفي رأس وصدر كل منا ذكريات تجمعه مع الشاعر حسين ابوبكر المحضار الذي أحسسنا وكأنما هو يحلق فوقنا ولسان حاله يقول: شفنا كما الطير لي هو دوب شادي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى