رجال في ذاكرة التاريخ

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

> علي عبدالله عبده: صاحب بصمات بارزة رغم خروجه من تحت .. الولادة والنشأة: يعد «قسم/جيم» (C) أحد أقسام الشيخ عثمان الاربعة (A,B,C,D) فيما كانت «الشيخ الدويل» تشكل القسم الخامس وهو (E) وكان قسم (C) يمثل جزءاً من التجمع السكاني لمدينة الشيخ عثمان، حيث ضم ذلك القسم فنانين ومسرحيين ورياضيين وتربويين ووطنيين ونقابيين وفتوات وتجاراً وغيرهم.

في هذا القسم كانت ولادة علي عبدالله عبده في 12 أغسطس 1938م من أسرة فقيرة وتلقى مبادئ القراءة والكتابة وحفظ القرآن في كتّاب (معلامة) الفقي جازم خلال الفترة من عام 1946م حتى عام 1948م، وهو الكتاب ذاته الذي التحق به الشخصيتان الاجتماعيتان والعامتان المعروفتان محمود عبدالله عراسي وإحمد محمد قعطبي.

مسواط مديراً وجرادة مدرساً وشمشير تاج زميلاً:
كان علي عبدالله عبده أحد طلاب «مدرسة النهضة العربية» في الشيخ عثمان خلال الفترة 1948م-1954م وكان مديرها آنذاك نابغة زمانه، الراحل الكبير محمد سعيد مسواط ومن طاقم تدريسها الشاعر الكبير محمد سعيد جرادة وأحمد شريف الرفاعي، أحد فرسان الصحافة والتربويان الجليلان محمود محمد سليمان ومنيعم، ومن زملاء دراسته: علي عبدالله اسماعيل وشمشير تاج محمد (الدكتور لاحقاً والمقيم حالياً في نيوزيلندة).

مع الكابتن عبدالله عبده علي في المعهد التجاري العدني:
التحق علي عبدالله عبده بالمعهد التجاري العدني بكريتر، الذي أسسه المغفور له الحاج ياسين راجامنار وكان مدير المعهد التربوي والرياضي الكبير مصطفى عبدالكريم بازرعة ومن أعضاء هيئة تدريس المعهد آنذاك بحسب ذاكرة المترجم له الأساتذة: عقيل ومحمد سالم رباطي وباركر (هندي) ومن الزملاء الذين رافقوه في المعهد الشخصية الرياضية المعروفة الكابتن عبدالله عبده علي. أمضى علي عبدالله عبده خمس سنوات في المعهد التجاري العدني خلال الفترة 1954م-1959م.

قال لي علي عبدالله عبده: مشوار تعليمي بإجماله بمقاييس تلك الأيام تدنو قليلاً من سنة رابعة ثانوي، لكنها عند المفاضلة أرقى بكثير من الثانوية العامة.

مع عبدالله باحشوان في مكتبه ليك:
في العام 1959م، التحق علي عبدالله عبده بمكتبه ليك LAKE LIBRARY (مكتبة الطفل حالياً) بكريتر وكانت تتبع «بلدية عدن» العريقة وعرفت المكتبة باسم «مكتبة مسواط» في ستينات القرن الماضي ومكتبة «باذيب» في السبعينات وتعرف حالياً باسم «المكتبة الوطنية».

كان علي عبدالله عبده والمغفور له عبدالله باحشوان نائبين للسيدة جن MRS. GUNN قرينة المستر جن، أحد مسؤولي بلدية عدن الذي كان يتكلم العربية بطلاقة. لم تكتف المكتبة بإعارة الكتب للمشتركين من خلال مقرها وإنما عملت بنظام المكتبة المتنقلة التي كانت تتحرك بواسطة قاطرة.

كانت مكتبة ليك بداية رحلة طويلة لتعامل علي عبدالله عبده مع الكتاب والتي تحولت الى عشق للكتاب وهي الحقيقة التي يصل إليها المرء عند زيارته له في بيته.

علي عبدالله عبده في تلفزيون عدن:
قدم علي عبدالله عبده استقالته من مكتبة ليك في العام 1965م بعد عام واحد من افتتاح تلفزيون عدن 1964م، فقدم طلباً للعمل في تلك المؤسسة وقبل طلبه وكان الوظيفة الشاغرة في ادارة مخازن التلفزيون والعمل المخزني علم وفن، فعشق علي عبدالله عمله الذي يتناغم مع عشقه للنظام والانضباط.

مارس علي عبدالله مهمام عمله المخزني باتقان وتفان وأهله ذلك لشغل منصب مدير المخازن بدرجة مدير عام حتى عام 1997م، عام تقاعده ودعت الحاجة إلى خدماته وخبرته، فواصل مهام عمله بالتعاقد حتى عام 2000م وتميز خلال مشوار عمله الطويل بالانضباط وحسن الأداء وبراءة الذمة وكرّمه مرفقه بشهادتين تقديريتين قبل الوحدة (1976م) وبعد الوحدة.

علي عبدالله عبده ورياضة الملاكمة:
تشير الوثائق التاريخية لمدينة عدن إلى أن البعثات التبشيريةMISSION تحملت جزءاً لا يستهان به من رسالة التعليم إما مباشرة من خلال مدارس أو غير مباشرة ضمن نشاط البعثة، ومن ذلك مشروع البعثة التبشيرية الاسكتدلندية ببناء مستشفى في مدينة الشيخ عثمان، والذي أنجزه ايون كيث فالكنرION KEITH FALCONER في 12 يناير 1887م مع زميله الدكتور سيتوارت كوين COWEN في فترة ولاية الجنرال هيج، المقيم السياسي البريطاني في عدن، وبعد وفاة فالكنر في 10 مايو 1887م عن عمر ناهز 31 عاماً عرفت البعثة ببعثة كيت فالكنر وعرف عامة الناس المستشفى بمستشفى عفارة، نسبة إلى العطر الذكر الدكتور أحمد سعيد عفارة وقد خدم هذا المستشفى سكان عدن والمناطق الريفية بل وحتى من المناطق الشمالية ووردت اشادة غير عادية بالمستشفى ودكتوره عفارة في كتاب «رياح التغيير في اليمن» للعلامة أحمد محمد الشامي.

توسع نشاط بعثة فالكنر ليشمل المستشفى والمدرسة التي درست فيها هامات وقامات أمثال عبدالله فاضل فارع والمستشار حسين الحبيشي والفنانان اسكندر ثابت ومحمد مرشد ناجي وفارس الكلمة محمد سعيد مسواط وفارس الصحافة محمد أحمد بركات والاداري الكبير محمد نايف صالح وعشرات غيرهم وامتد نشاط البعثة إلى ساحة الرياضة التي شملت كرة القدم والملاكمة وتنس الطاولة والكرة الطائرة اضافة إلى مكتبة عامرة بأمهات الكتب العربية والانجليزية.

في حديث خاص معه في بيته، قال لي الاخ علي عبدالله:«عندما كنت طالباً في المعهد التجاري العدني استهوتني لعبة الملاكمة وشاركني رغبتي صديقي وابن حارتي عبدالله محمد سيف، فقمنا بزيارة صديقنا عادل عبدالله محمد عولقي (كان والده يرحمه الله من أفراد الطاقم الفني في مستشفى عفارة ويسكن في أحد بيوت المستشفى) وأبلغناه برغبتنا وقام ثلاثتنا بزيارة نادي الميشن MISSION CLUB وشاهدنا نشاطاً عارماً في مختلف الالعاب.

يمضي الاخ علي في حديث ذكرياته العذب :«مدرب الملاكمة في النادي كان اسمه «بيتر» (بطرس). مارسنا اللعبة وكان معي عبدالله محمد سيف (الذي أصبح من الأطباء المرموقين من خريجي بريطانيا منهم عادل عولقي وسالم عبدالخالق وخالد علي قاسم ووجدان لقمان وحافظ لقمان وجعفر علي عزيز وعبدالله عبدالولي وعبدالله ميسري ومحمد مهيوب سلطان وقيس غانم وغيرهم) وأدخلت معي جعفر حسن هندي ومحمد حسن هندي.

لاحظ المدرب الاسكتلندي بيتر تفوقي في اللعبة وأجازني مساعداً له في التدريب ودربت عدداً من الاصدقاء منهم عبدالرحمن فخري وعلي عمر العطار (الذي أصبح مدلكاً والمحتسب عند ربه) وعبيد سعيد ناصر».

علي عبدالله وتجربة التعليم المتبادل:
«كان المدرب الاسكتلندي بيتر على وشك السفر وكان من المبتدئين في تعلم العربية وعند اقتراب موعده مع السفر إلى بلاده طلب مني تقديم دروس بالعربية لممرضة استكلندية اسمها «اليكسا» وبالمقابل ستقدم لي دروساً بالانجليزية فتكون المنفعة متبادلة».

كنت أتردد على مسكن الممرضة اليكسا مرتين أسبوعياً وكان المسكن ضمن حرم المستشفى وكانت اليكسا تقيم مع مديرة التمريضMARTON واسمها الآنسة كاويMS. KAWI . أبدأ بتدريسها العربية لمدة نصف ساعة وتأخذ استراحة لمدة ربع ساعة وندردش حينا بالعربية وحينا آخر بالانجليزية فنتعاطى الحديث والقهوة معاً ثم يحين دورها لتدريسي الانجليزية.

إزدهار الرياضة في عدن في ظل الإدارة البريطانية:
شهدت عدن في أواخر القرن التاسع عشر نشوة الحركة الرياضية في مجالات كرة القدم والهوكي والسباحة والتنس الارضي وتنس الطاولة وبناء كمال الاجسام والملاكمة وغيرها وبلغ عدد أندية كرة القدم في عموم عدن عام 1965م حوالي 62 نادياً وكان أحدها «نادي الوحدة الرياضي» في الشيخ عثمان، الذي تأسس في النصف الثاني من خمسينات القرن الماضي وكان قسم (c) قلعته المنيعة وكان علي عبدالله عبده من أبناء تلك القلعة، التي ضمت: علي أحمد حقان (الذي برزت شهرته في نادي الهلال) ومحمد حسن هندي وجعفر حسن هندي ومحمود حسن هندي وعبدالله علي عطيل ومحمد أحمد نعمان وجميل يوسف وأحمد يوسف والحربي ومحمد الصلوي وعلي مقبل الاوبلي (الذي برزت شهرته في نادي الشبيبة المتحدة - الواي) وعبدالعزيز مجذر (الذي برزت شهرته في نادي الهلال الرياضي).

علي عبدالله ودور إيجابي للوالد عبده علي أحمد:
قال لي الاخ علي عبدالله: «كنا قد أسننا نادي الوحدة الرياضي قبل التحاقي بـ «نادي الميشن». جاءت فكرة الاستيلاء على النادي، لأن المدرب الاسكتلندي بيتر قال لي قبل سفره بأنني ساكون مدير النادي».

«قمت بزيارة الوالد عبده علي أحمد سكرتير الجمعية الرياضية العدنية وكان رحمه الله لطيف المعشر ومهذباً وربطتني علاقة زمالة سابقة بنجله الكابتن عبدالله عبده علي، الذي سهل لنا ترتيب مباريات على ملعب «المدرج البلدي» (الشهيد الحبيشي حالياً) وتحسنت موارد نادينا (نادي الوحدة الرياضي) وفتحنا حساباً للنادي في البنك الاهلي وجريندليز، فرع الشيخ عثمان وكان مدير الفرع المغفور له عبدالقادر حسرت».

«طرحت على الوالد عبده علي أحمد ادخال عبارة مقوسة الى تسمية النادي الذي كنت أشرف عليه والمقيد في سجل الجمعية الرياضية تحت اسم نادي الارسالية المتعارف عليه عند العامة باسم نادي الميشن، وطلبت منه اعتماد الاسم على النحو التالي: نادي الارسالية (نادي الوحدة) ووافق على ذلك بعد تردد.

فتاة الجزيرة: علي عبدالله عبده رئيساً والواقص مفتشاً عاماً:
نشرت صحيفة «فتاة الجزيرة» في عددها 2520 الصادر في 9 مايو 1964م أن أعضاء فريق نادي الوحدة الرياضي في الشيخ عثمان عقدوا جلسة في مساء الاثنين، الموافق 27 ابريل 1964م وتم انتخاب هيئة ادارية جديدة مشكلة من التالية أسماؤهم: علي عبدالله عبده، رئيساً، وعبدالله علي ناصر، مساعد الرئيس، وثابت أحمد سعيد، سكرتيراً وأبوبكر أحمد عبده، مساعد السكرتير، وعبده محمد سالم، أمين المال ومحمود حسن عبدالعزيز، مساعد أمين المال ومحمد حسن عبدالعزيز، قائد فريق ومحمد أحمد حيدرة، مساعد قائد فريق وعلي عوض واقص، مفتشاً عاماً.

علي عبدالله يتحف تلفزيون عدن ببرامج أنيقة:
اختزل علي عبدالله عبده جزءاً من مكتبته الرحبة وعصر قراءاته التي ساحت برامج تلفزيونية مثمرة من تلفزيون عدن، كان أولها «الحديث الادبي» خلال عامي 1975/1976م ثم برنامج «أعلام ورواد» خلال الفترة 77/1978، تألقت في تقديمها المذيعة النابهة نبيلة حمود وساعدها لاحقاً، الشاعر المبدع هاني محمد سعيد جرادة.

خلال الفترة الممتدة من مبتدأ عام 1978م وحتى نهاية 1979م قدم علي عبدالله عبده برنامج «وحي الادباء كتاب وشعراء» تألقت في تقديمه المذيعة اللامعة فتحية بيضاني.

واصل علي عبدالله عبده عطاءاته عبر تلفزيون عدن القناة الثانية، حيث أعد برنامجاً جديداً في أواخر عام 1999م أسماه «أدب وطرب وأقوال مختارة» سجل منه 12 حلقة قدمتها السيدة المعطاءة لولة محفوظ وهنا يقول الاخ علي:«الا أنه نتيجة خلاف طرأ بيني وبين ادارة البرامج حينذاك صرفت النظر عن المضي في هذا البرنامج وتنازلت عن استحقاقات مالية مقابل امتناع القناة التلفزيونية عن بث أي حلقة من حلقات برنامجي».

نادي الوحدة الرياضي حالياً قام على اكتاف نادي الوحدة السابق:
يسرد الاخ علي عبدالله عبده حديث ذكرياته ويقول بأن ناديه (نادي الوحدة الرياضي) أكثر نوادي الشيخ عثمان استقراراً وكلفه ذلك الشيء الكثير جراء تغيير اسم النادي من «نادي الارسالية» (الميشن) إلى »نادي الوحدة الرياضي» وجاء القس ريتشي من بريطانيا ليعتب عليه اتخاذ مثل هذا الاجراء الذي علم به من أحد أعضاء النادي. قال الاخ علي: «هذا القس ريتشي كان رجلاً مثقفاً ومتعمقاً في الادب العربي ونال اجازة في الحقوق ولم يكن من النوع المتعصب وكان حجته أنه كان ينبغي إشعاره. كانت الظروف السياسية والامنية قد أجبرت البعثة على مغادرة البلاد».

بعد نيل الاستقلال تم ضم نادي الوحدة ونادي الاهرام مع نادي الجمهور لتصبح الفرق المدمجة تحت لواء «نادي الفيحاء الرياضي» ولم يكن مع تلك الفرق شيء يذكر مثلما ماهو مع نادي الوحدة الرياضي: مقر+أصول منقولة (معدات ورصيد في البنك) وفي العام 1972م دمج نادي الفيحاء مع نادي الهلال مع بقاء تسمية الاخير وفي العام 1975م دمج نادي الواي مع نادي الهلال تحت لواء «نادي الوحدة الرياضي».

علي عبدالله عبده متزوج وله سبعة أولاد، الذكور منهم: قيس، مروان، هاني وأربع بنات. تتراوح مؤهلات أولاده بين الثانوية العامة والبكلاريوس.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى