كل الجثث مطلوبة ما قبل الانتخابات!

> علي سالم اليزيدي:

>
علي سالم اليزيدي
علي سالم اليزيدي
كنا عددا من الأصدقاء نتحادث، بيننا المتعلم والسائق والبحار والنجار، ليس أصحاب خلية فكرية واحدة ولكننا أبناء مدينة واحدة، ولا بيننا مندس سياسي حزبي مرسل ولا لدينا موقف من هذه الجهة أو تلك، وأيضاً جميعنا - وهذا سر علاقتنا- يعرف ما في جيب الآخر وكم هي الأيام للراتب ولا سواه، ومن هو على باب الله، ومن دون الانتظار لحوالة ما من أي جهة، حديثنا تم حول: كم هو المطلوب من كل محافظة أو دائرة انتخابية أو منطقة ساحلية أو جبلية تقديمه من الجثث، أو الرفات أو العظام البشرية على طريق الانتخابات القادمة، أو ترحيباً بها، أو كقطع الطريق أمام السياسيين الذين تربطهم علاقة- إن وجدت- بالمقابر وهذه الجثث حسب مناطقهم وليس انتمائهم السياسي، وقال سعيد النجار وهو يحمل شهادة جامعية: حضرموت ستخسر من أول جولة، ومعها المهرة وسقطرى، وقال ناصر البحار: نحسب كم مقابر في حضرموت من أيام العصر الحجري، وهو هنا لم يفهم لضعف التعليم وقلة مجالسة السياسيين أن المقصود الرفات والعظام والمقابر لفترة محددة وفي تتبع الصراع في جنوب اليمن ومن هم الذين اندفنوا ومن الباقون على قيد الحياة والمقصودون بتهمة القتل والحرب والتشريد.. وحينما شرح له ذلك السائق فرج، نظر إلي وهز رأسه فقط.

ومع هذا تركنا الطرفة تأخذ طريقها في حديثنا عن ظاهرة تقديم الأموات السياسيين والعسكريين والمختطفين والذين غاب خبرهم ونُسيوا في تداول الأيام، فقد فند أحدنا المسألة بالآتي.. صحيح أن الصراع حدث في عدن، ولكنها لن تفوز، لأن معظم الأموات من كل البلاد..!

وصفقنا لهذا الذكاء الحي، وعلق آخر فقال: لدينا في حضرموت بعض من هذه الدراما أو التراجيديا. ولكن ربما تفوز شبوة، وتساءلنا لماذا؟ في شبوة لديهم مقابر منذ فجر التاريخ، لكنهم لا يخلفون رفاتا سياسيا معروفا!

وأوضح صديقنا فقال: جثث الصوماليين التي تتكاثر على ساحل بئر علي وبلحاف، والمقابر هناك منذ اندلاع حرب الصومال، إذا حسبناها لصالح شبوة، الفوز بيدها والتألق مع تضامن شبوة أيضاً في الدوري!

ولكن هذه الفرضية سقطت والسبب أن كل الجثث المرمية على هذه السواحل والمدفونة لا تحسب في لعبة الانتخابات التي انطلقت منذ عدة أشهر وعلى أساس مقابر بملابس الميدان، ومخطوفين من مقاهٍ معروفة أو شوارع وبساتين، ولا تدخل معارك الحرب الأخيرة صيف 1994م في السباق حالياً، وهذا مؤجل إلى تطور قادم ورجال حكم قادمين في المستقبل كثقافة لأطفالنا حالياً، شبابنا غداً، وأيديولوجيا الوطن في التذكير بالقتل والإعدامات والخطف، بدلاً من زراعة الزهور وطي كل ما له صلة بالقبور.

حديثنا تواصل مرة أخرى، وعندها حضر معنا شيخ طاعن في السن، وضحك من الموضوع، وقال: كان أحدهم يصيح منادياً آخر بالقرب من مقبرة، فرد عليه ذلك الشخص بأنه مستعجل ولديه كثير من المواضيع، فعقب الأول بقوله: انظر إلى هؤلاء في القبور، ماتوا ولديهم ما يكفي من المشاغل، ولا داعي لكل هذه الافتعالات والانشغال بأمور الدنيا.. فكل الأموات سواسية، وقاطعه صاحب الدكان فقال: ولو حدث أن شُحنت جثث ورفات واشترتها محافظة حتى تفوز في الانتخابات! نظرنا إليه وسكتنا فهذه تجارة جديدة والرجل تاجر، ومن حديثنا عرف أن نبش القبور وإظهار الرفات واستقدام الجثث، ربما هي اللعبة الرائجة، وبضاعة يستعد على أساسها مفكرو ورجال الخبث السياسي حتى تصبح الانتخابات هزيمة الآخر..من المقابر!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى