قصة قصيرة بعنوان (دائـرة)

> «الأيام» عبدالله سالم علي النهدي:

> ارتد الباب الكالح اللون.. منغلقاً بقوة وراءه,لمحت عيناه في الظلمة الأبدية وجوها تائهة.. تفحصها جيداً.. لم يرها من قبل.. وكأنما قد رآها من قبل.. وجوه خُلقت في لحظة خلق وجهه هو .. هكذا أحس.. هكذا أيقن.

سارت خطواته.. وما يشعر بشيء.. الوحشة والكآبة فرت من أعماقه قبل أن تصل لما رأى هاتيك الوجوه.. أَلِفها.. العيون تتابعه وهو يخطو في رتابة منتظمة.

جلس في ركن منزوٍ. ولا شيء يسيطر عليه.. رمقته الأعين وتناثرت مهزومة في الظلمة الأبدية.

عيناه تومضان.. فيهما بريق أمل.. تكلم للأشباح المبعثرة أمامه عما كان قبل أن يأتي.. عن العالم الذي يتوحش خلف الجدران.. ثرثر عن العالم الذي يتآكل.. تكلم كثيراً.. والأعين تنسحب رويداً رويداً رعباً في الظلمة.

تكلم كثيراً حتى شعر بالتعب.. لم تعد ثمة أعين تتابعه.. أسند ظهره للجدار.. تلمسه بأنامله.. ثم تحسسه بوجهه بشغف.. الآن هو الأقرب إليه.. همس له عن العالم الآخر القابع خلفه.. عن بشر لم يعودوا بشرا..

همس طويلاً للجدار.

انتُزع منه لسانه وفمه.. لم يعد يمتلك سوى عينين لا أمل فيهما.. تلفان المكان حوله.. لا أحد.. وحيداً مع كائنات متخشبة. خفت بريق عينيه.. واختفى في الظلمة الأبدية.

آخر ما أبصرته عيناه .. شبح يدلف من الباب البارد الكالح اللون لينغلق بقوة وراءه.. وله عينان تومضان.. وفيهما بريق أمل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى