العثور على سفاح البلقان ميلوسيفيتش ميتا في زنزانته

> لاهاي «الأيام» رويترز/د.ب.ا:

>
من اليسار الى اليمين: سلوبودان ميلوسوفيتش، ابنته ماريا، زوجته ميريانا ماركوفيتش، ابنه ماركو في صورة من الارشيف خلال حفل تنصيبه كرئيس ليوغسلافيا السابقة في 23 يوليو 1997
من اليسار الى اليمين: سلوبودان ميلوسوفيتش، ابنته ماريا، زوجته ميريانا ماركوفيتش، ابنه ماركو في صورة من الارشيف خلال حفل تنصيبه كرئيس ليوغسلافيا السابقة في 23 يوليو 1997
قالت محكمة جرائم الحرب التابعة للأمم المتحدة امس السبت إن الرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوسيفيتش توفي قبل أشهر من توقع انتهاء محاكمته بتهم الإبادة الجماعية وارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب خلال حرب البلقان في تسعينات القرن الماضي.

وقالت المحكمة في بيان "عثر على ميلوسيفيتش متوفى على سريره في زنزانته."

واضافت المحكمة ان مسؤولا طبيا أكد الوفاة وانه تم استدعاء الشرطة الهولندية ومحقق هولندي وبدأ تحقيق. وصدرت اوامر باجراء تشريح كامل واختبارات للسموم وتم ابلاغ اسرة ميلوسيفيتش. وفي وقت لاحق قالت المحكمة انها رفضت طلبا من محامي سلوبودان ميلوسيفيتش لاجراء تشريح جثمان ميلوسيفيتش في موسكو بدلا من لاهاي.

وامتنع مسؤول بالمحكمة ايضا عن التعليق على ادعاء محامي ميلوسيفيتش بان موكله تعرض للتسميم اثناء سجنه.

وكان ميلوسيفيتش (64 عاما) قد صعد الى قمة الساحة السياسية اليوغوسلافية في ظل فراغ السلطة الذي نجم عن وفاة المارشال جوزيب بروز تيتو دكتاتور يوغوسلافيا بعد الحرب العالمية الثانية.

وأجرت صربيا تحت قيادته أول انتخابات متعددة الاحزاب منذ أكثر من 50 عاما ولكن آراءه الوطنية ذات النزعة العدائية كانت تثير القلق.

وفي 28 يونيو عام 1989 تعهد ميلوسوفيتش لمواطنيه وأعدائه بشن "ما هو أكثر من مجرد معارك سياسية" في كوسوفو التي تسكنها أغلبية ألبانية وتتمتع بقداسة في الاساطير الصربية.

وخلال 12 عاما لاحقة تورطت صربيا في حروب في سلوفينيا وكرواتيا والبوسنة وكوسوفو مما انتهى بأن تصب طائرات حلف شمال الاطلسي حممها على يوغسلافيا عام 1999 .

وفي منتصف العام نفسه خسرت صربيا كل المعارك التي خاضتها والاراضي التي سعت للسيطرة عليها وصارت دولة منبوذة بجانب عدد قليل من الدول الاخرى مثل العراق وروسيا البيضاء (بيلاروسيا).

وأطيح بميلوسيفيتش خلال أعمال شغب واسعة النطاق وقعت في أكتوبر عام2000 . وبحلول الذكرى الثانية عشرة لخطابه في كوسوفو كانت صربيا سلمته إلى المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغسلافيا السابقة لمحاكمته بتهمة جرائم الابادة الجماعية وغيرها من الجرائم التي ارتكبت تحت قيادته. وارتكب نظام ميلوسيفيتش عددا من الاعمال الوحشية مثل قصف فوكوفار وسراييفو في كرواتيا والبوسنة والمذبحة التي راح ضحيتها ثمانية آلاف مسلم في بلدة سربرنيتشا البوسنية ونقل المدنيين من ألبان كوسوفو سرا إلى صربيا وكذلك عمليات الدفن الجماعي.

ولم يشهد الصرب معاناة كتلك التي قاسوها في عهد ميلوسوفيتش حيث مزقت بلادهم بالحروب والعقوبات والاقتصاد الضعيف والارتفاع غير المسبوق في نسبة التضخم بالاضافة إلى جرائم القتل والفساد ولكن شعب ميلوسوفيتش حمل الغرب مسؤولية كل تلك المحن.

ومارس نظام ميلوسوفيتش القمع على نطاق واسع حيث انتزع الاموال من الناس وقضى على المعارضة في السياسة والاعلام عن طريق الضغط والفساد والاكراه والقتل ولكنه لن يحاكم على أي من تلك الجرائم.

وقال معارضو ميلوسيفيتش إنه أمر باغتيال معلمه السابق الرئيس الصربي إيفان ستامبوليتش والصحفي سلافكو كوروفيا وآخرين.

ولم تتوقف عمليات القتل بعد الاطاحة بميلوسوفيتش في أكتوبر عام 2000 لان آليات القمع التي استخدمها كانت شديدة القوة بحيث لا يمكن القضاء عليها بسهولة.

ويحاكم ضباط الاستخبارات الذين أتى بهم ميلوسوفيتش إلى السلطة بتهمة اغتيال رئيس وزراء صربيا الاصلاحي زوران جينجيتش قبل ثلاثة أعوام.

وتزوج ميلوسوفيتش من ميريانا ماركوفيتش الهاربة من العدالة في صربيا والتي يعتقد أنها أثرت عليه بشكل كبير. كما يطالب المدعون في بلجراد بالقبض على ابنه ماركو وابنته ماريا.

وقال وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي للصحفيين إن ميلوسيفيتش توفي لأسباب طبيعية.

وفي بيان صدر خلال اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الاوروبي بعد تأكيد أنباء وفاة ميلوسيفيتش قال بلازي "بوفاة ميلوسيفيتش غادر أحد أهم الذين لعبوا دورا في حرب البلقان في أواخر القرن العشرين إن لم يكن الأهم الساحة."

ووجهت الى ميلوسيفيتش 66 تهمة بالإبادة الجماعية وارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في اطار لائحة اتهامات معقدة تغطي الصراع الدموي الذي دار في البوسنة وكرواتيا وكوسوفو مع تفكك الاتحاد اليوغوسلافي في تسعينات القرن الماضي.

وكان ميلوسيفيتش يعاني من مشاكل في القلب وارتفاع في ضغط الدم مما أدى مرارا إلى تعطل سير محاكمته في لاهاي التي بدأت في فبراير 2002 وكان يتوقع ان تنتهي هذا العام.

وقال ديفيد اوين مبعوث السلام السابق الى منطقة البلقان لهيئة الاذاعة البريطانية "من المؤسف ان العدالة بشكل ما لم تأخذ مجراها. كان اول رئيس دولة يقدم لمحاكمة وقد حصل على محاكمة عادلة جدا استغرقت وقتا طويلا بشكل غير عادي. "

وقالت متحدثة باسم المحكمة انه ليس بوسعها التعليق على سبب الوفاة قبل استكمال التشريح لكنها اضافت "ليس لدينا اي علامة على انه انتحار."

وكان اخصائي الامراض القلبية الذي يعالج ميلوسيفيتش في لاهاي قد حذر من انه عرضة لخطر الاصابة بمشكلة تهدد حياته يمكن ان يلحق فيها ارتفاع ضغط الدم اضرارا بالقلب والكلى والنظام العصبي المركزي.

وفي الشهر الماضي رفضت المحكمة طلب ميلوسيفيتش السفر الى روسيا للعلاج مشيرة الى ان محاكمته المستمرة بالفعل منذ اربع سنوات في مراحلها الاخيرة وانه ربما لا يعود لاستكمالها.

ومع انتشار انباء وفاة ميلوسيفيتش قال زوران انديلكوفيتش المسؤول في حزب ميلوسيفيتش الاشتراكي "ننتظر من المحكمة ان تقدم تفسيرا لكيفية حدوث ذلك وان توضح سبب عدم سماحها بسفره للعلاج في روسيا."

وعلق مسؤول آخر في الحزب الاشتراكي تم الوصول اليه على هاتف سيارته بقوله ببساطة "الاوغاد .. قتلوه."

وكان ميلوسيفيتش ابرز المتهمين في محاكمة لاهاي التي ما زالت تلاحق ستة متهمين من بينهم زعيم صرب البوسنة السابق رادوفان كارادزيتش وقائد جيشه راتكو ملاديتش اللذان يواجهان اتهمات بالابادة الجماعية.

وفي الشهر الماضي قال ميلوسيفيتش ان صحته تتدهور. وكان ميلوسيفيتش وهو دارس للقانون يدافع عن نفسه. وكان قد نقل الى لاهاي في يونيو 2001.

وقال ستيفن كاي احد المحامين الذين عينتهم المحكمة لمساعدة ميلوسيفيتش في

اعداد مرافعاته إن موكله أبلغه قبل اسابيع انه ليس لديه نية الانتحار بعد المجهود الذي بذله للدفاع عن نفسه.

وأضاف كاي لتلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية "لدى اسرته تاريخ من عمليات الانتحار .. انتحر والداه . لكن بالنسبة له .. كان موقفه معي على عكس ذلك تماما. كان عازما على مواصلة قضيته."

ويعيش برونيسلاف شقيق ميلوسيفيتش في روسيا ويشك ممثلو الادعاء في ان زوجته وابنه يعيشان هناك ايضا. ورفض الادعاء الافراج عنه رغم وعد روسي باعادته.

واستهلك ميلوسيفيتش نحو 80 في المئة من 150 يوما مخصصة لمرافعات الدفاع مما يشير الى ان القضية كان من الممكن الانتهاء منها في غضون الاشهر القليلة القادمة الا اذا حدثت اي تاخيرات جديدة.

وكان القضاة سيحتاجون آنئذ عدة اشهر من المداولات قبل اصدار حكم.

وفي الاسبوع الماضي انتحر ميلان بابيتش زعيم صرب كرواتيا في زنزانة الحجز بالمحكمة. وشهد بابيتش ضد ميلوسيفيتش وكان في لاهاي للمثول في جلسة لمحاكمة مسؤول كبير آخر من صرب كرواتيا.

ويعد الرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوسيفتش رابع شخص يموت في وحدة اعتقال تابعة للامم المتحدة في شخيفينينج بالقرب من لاهاي.وانتحر رئيس صرب كرواتيا ميلان بابيتش في زنزانته يوم الاحد الماضي.

وكان الرجل البالغ من العمر 50 عاما يقضي حكما بالسجن مدته 13 عاما في دولة لم يجر الكشف عنها فرض عليه من قبل المحكمة في 2004 لارتكابه جرائم ضد الانسانية ضد المدنيين غير الصرب خلال الحرب التي دارت رحاها في الفترة بين 1991 و 1995 في منطقة كرايينا بكرواتيا.

وأحضر للادلاء بشهادته في لاهاي في قضية أخرى.

وفي 1998 انتحر سلافكو دوكمانوفيتش وهو زعيم آخر لصرب كرواتيا عندما شنق نفسه في زنزانته.

وفي 1998 أيضا توفي ميلان كوفاسيفيتش وهو من صرب البوسنة اتهم بإقامة معسكرات اعتقال في منطقة بريدور في شمال غرب البوسنة متأثرا بنزيف في المعدة.

شارك في التغطية دوجلاس هاملتون من بلجراد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى