رجال في ذاكرة التاريخ

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

> 1- عبدالله عبدالكريم الملاحي: الفارس الكبير الذي رحل في زمن الصمت..الولادة والنشأة..ورد في البيانات المقدمة من الاستاذ عبدالرحمن الملاّحي ان الراحل الكبير عبدالله عبدالكريم الملاّحي من مواليد مدينة الشحر بحضرموت عام 1930م (اما تاريخ الولادة الرسمي استناداً الى بطاقته الشخصية فهو عام 1933م). التحق عبدالله الملاّحي بـ «عُلْمة» (معلامة) المعلم سالم باصالح بالشحر، وفي العام 1937م اخذ حظه من التعليم النظامي في مدرسة مكارم الاخلاق الابتدائية بالشحر، ثم انتقل الى مدينة الحامي لاكمال دراسته الابتدائية.

تلقى عبدالله الملاّحي دراسته المتوسطة في متوسطة المكلا ولمدة عام واحد خلال العام الدراسي 43/1944م ثم انتقلت المدرسة بكامل تلاميذها ومدرسيها الى مدينة غيل ابي وزير (غيل باوزير) في العام الدراسي 44/1945م وفي متوسطة غيل باوزير أنهى عبدالله الملاّحي دراسته المتوسطة في العام الدراسي 48/1949م.

مشوار الملاّحي مع مكارم الاخلاق في «مدرسة مكارم الاخلاق»

اتسمت السنوات الست التي تلت تخرج عبدالله الملاّحي في عام 1949م بعدم الاستقرار، حيث بدأ معلماً بمدرسة مكارم الاخلاق بالشحر وبعد فترة قصيرة قدم استقالته وشد الرحال الى المملكة العربية السعودية فلم يطب له المقام هناك وعاد الى الوطن.

حمل الملاّحي عصا الترحال تارة اخرى وكانت وجهته عدن، ومنها الى بلدة زارة بأرض العواذل، حيث عمل سكرتيراً لدى سلطانها ولم يطل مقامه هناك وعاد أدراجه الى حضرموت وطرق باب التدريس ثانية، وعين معلماً بمدينة صبيخ بوادي دوعن ليسر في العام الدراسي 55/1956م، وتنقل الملاّحي بين مدن حضرموت: صبيخ، الشحر، دمون، الحامي وغيل ابي وزير(غيل باوزير) وحورة وامتد مشواره مع التدريس حتى عام 1967م، تقلد خلالها ادارة مدارس تلك المدن ماعدا صبيخ.

الملاّحي رائد صندوق تطوير المحافظة

بعد نيل المحافظات الجنوبية استقلالها في 30 نوفمبر 1967م تم تعيين عبدالله الملاّحي سكرتيراً لمحافظة حضرموت وأحدث تغييراً جذرياً للصندوق القائم آنذاك (صندوق الخيرية) وأسماه (صندوق تطوير المحافظة) الذي اتسعت اهدافه لتشمل مساعدة الفقراء وتطوير المحافظة بغرض رسم زهيد على البضائع الواردة الى موانئ حضرموت وبرزت بصمات الصندوق بفضل طهارة اليد ورجاحة العقل (سمتان نادرتان في هذه الأيام).

اضطربت القرارات الرسمية بشأن التعيينات خلال الاعوام 1968/1971م والتي تقلد خلالها عبدالله الملاّحي عدة مناصب، حيث عمل سكرتيراً لمحافظات حضرموت والمهرة وأبين ومحافظاً للحج.

الملاّحي يعود الى أرض الوطن بطلب من الرئيس علي ناصر محمد

في العام 1972م تم تعيين عبدالله عبدالكريم الملاّحي سكرتيراً لمجلس الرئاسة بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ونشط خلال فترة تقلده ذلك المنصب حتى عام 1977م، فنشط من خلال عضويته في اللجنة الثقافية ضمن لجان الوحدة اليمنية، كما ارسله الرئيس الاسبق سالم ربيع علي الى نظيره الشمالي القاضي عبدالرحمن الارياني وتصادفت الزيارة مع خطوة 13 يونيو 1974م التي ازاحت القاضي الارياني جاءت بالرئيس ابراهيم محمد الحمدي.

كما ترأس عبدالله الملاّحي وفوداً رسمية لتفقد احوال المغتربين اليمنيين في كل من الصومال وكينيا وتنزانيا وتشرف الملاّحي ايضاً بمرافقة الرئيس الاسبق سالم ربيع علي في زياراته الرسمية الى الصين ومصر وبلدان أخرى.

انتقل عبدالله الملاّحي في العام 1977م الى وزارة الخارجية حيث عين في نفس العام سكرتيراً اول لسفارة اليمن الديمقراطية في الرياض، وبعد احداث 26 يونيو 1978م آثر الملاّحي الركون الى الظل وقرر الاستقرار في ربوع المملكة العربية السعودية دون ان يطلب حق اللجوء السياسي، وشمر عن ساعديه وافتتح (مكتبة ابو وليد) بجدة بمساعدة المشايخ آل بقشان وآل بادحمان ومارس نشاطه من خلال المكتبة ببيع الكتب والصحف والمواد القرطاسية.

في العام 1982م استجاب عبدالله الملاّحي لطلب الرئيس الاسبق علي ناصر محمد بالعودة الى ارض الوطن، وفور عودته تم تعيينه نائباً لمدير عام المركز اليمني للابحاث والآثار والمخطوطات وظل يمارس مهام منصبه حتى عام وفاته 1997م.

الملاّحي مع حيدرة العطاس وآخرين في حركة القوميين العرب

كان عبدالله عبدالكريم الملاّحي من الرعيل الاول لحركة القوميين العرب بمدينة الشحر عام 1958م الذي ضم حيدر ابوبكر العطاس ومحمد علي مخارش وسعيد سالم جيشان وعبدالله عمر عيديد وعبدالله سالم سلومة وسعيد عوض حسينون وعبدالرحمن عبدالكريم الملاّحي وكان المناضل الوطني اسكندر اسماعيل مشرفاً على تلك المجموعة (الخلية) وكان رحمه الله يعمل في ادارة التعاون والتسويق فرع المكلا.

كان عبدالله الملاّحي واحداً من الذين التحقوا بتنظيم الجبهة القومية منذ تأسيسها وكان عضواً قيادياً في التنظيم بمدينة الشحر، وكان لتوليه ادارة المدارس وقيادة المؤسسات الرياضية والادبية في مدينته ومدن اخرى عمل بها تاركاً وراءه بصمات بارزة كان لها تاثيربارز في رفد التنظيم بالعديد من الدماء الجديدة، وظل الملاحي وفياً لتنظيمه وشارك في عدد من مؤتمراتها وكانت اولى مشاركاته في مؤتمر زنجبار عام 1968م (المؤتمر الرابع).

الملاّحي من رواد الحركة الثقافية والرياضية

كان عبدالله عبدالكريم الملاّحي عضواً بنادي كوكب الصباح الرياضي بالشحر منذ عام 1954م وتولى رئاسة النادي في ستينات القرن الماضي حتى نيل البلاد استقلالها، وحقق النادي تحت رئاسته نتائج بارزة قفزت به الى موقع الصدارة بين الفرق الرياضية بحضرموت. كما كان عبدالله الملاّحي من الناشطين في النادي الثقافي بالشحر وأحد الذين رفدوا بنشاطاتهم النادي الثقافي الرياضي بدمون وكان لا يبخل بمساهماته في كافة الانشطة الاجتماعية لمدينته ونسج علاقات متميزة مع المبدعين، لا سيما الشعراء منهم وعلى سبيل المثال لا الحصر حسين ابوبكر المحضار، والشاعران المعلم حميدان وعوض سالمين باصالح.

على امتداد المشوار الثقافي والابداعي لعبدالله الملاّحي، احتضنت صحيفة «الطليعة» الحضرمية منذ تأسيسها عدداً من قصائده، وفي مرحلة لاحقة اودع الملاّحي اعماله الشعرية في صحيفة «14 اكتوبر » ومجلة «الحكمة» لسان حال اتحاد الادباء والكتاب اليمنيين.

الملاّحي في اول مؤتمر عام لاتحاد الادباء والكتاب اليمنيين

عقد اتحاد الادباء والكتاب اليمنيين مؤتمره العام الاول بقاعة الفنون الجميلة بعدن خلال الفترة 21-24 فبراير 1974م وتم انتخاب عبدالله البردوني رئيساً وعبدالله فاضل فارع، سكرتيراً عاماً وعبدالرحمن فخري، سكرتيراً ادارياً وعمر الجاوي، سكرتير النشر والاعلام وعبدالله الملاّحي، اميناً للمال.

ظل عبدالله الملاّحي ناشطاً داخل الاتحاد حتى وفاته وشارك في كل فعالياته في الداخل وشارك في فعاليات خارجية في الجزائر وسوريا وبلدان أخرى، وارتبط بعلاقات حميمة مع عدد من الادباء والمفكرين اليمنيين ومن أقربهم الى قلبه: عبدالله فاضل فارع ومحمد سعيد جرادة وحسين باصديق وعبدالله محيرز ويوسف الشحاري وأحمد المروني وعبدالعزيز المقالح.

اعماله الشعرية

1- ديوان ثورة الحرمان، 2- السفر الى مدن الحب والسلام، 3- مجموعة شعرية بعنوان «قصائد» مطبوعة على استنسل. له ايضاً قصائد مغناة اداها سعيد عبدالمعين وعمر غيثان وعوض بايعشوت وعبدالله مخرّج.

الرحيل وتقدير لا يسمن ولا يغني من جوع

بعد مشوار معطاء وسخي دام لاكثر من نصف قرن، رحل الرجل الكبير عبدالله عبدالكريم الملاّحي في 24 يونيو 1997م ونال حظاً من التقدير ابرزه وسام 30 نوفمبر من الدرجة الثالثة وشهادات تقديرية من جهات شتى لا تعني شيئاً لافراد اسرته التي تتلقى معاشاً شهرياً من مكتب الرئاسة بعدن قدره 26 ألف ريال.

خلف وراءه سجلاً ناصعاً وولداً واحداً هو «وليد» ويعمل بمكتب آل شامي التجاري قطاع خاص، وثلاث بنات كبراهن متزوجة وتعمل رئيسة قسم الولادة بمستشفى الوحدة التعليمي (الصداقة سابقاً) بعمر المختار مديرية الشيخ عثمان (عدن)، وتعمل المتوسطة بمكتبة جامعة عدن اما الصغرى فمركونة في البيت مع درجتها الجامعية في التدبير المنزلي.

2- عبدالرحمن عبدالكريم الملاحي: رصيد كبير ومتنوع في دوحة التعفف..الولادة والنشأة..عبدالرحمن عبدالكريم الملاّحي من مواليد عام 1936م في مدينة الشحر ويسمونها ايضاً «سمعون» و«سعاد» معشوقة الشاعر الكبير حسين ابوبكر المحضار ونشأ فيها وعشق جغرافيتها وتاريخها ومنحه ذلك العشق مقومات الفن والابداع حيث أخذ في التدرج مع التحصيل بدءاً من العُلْمة (الكتاب أو المعلامة) ومروراً بالمدرسة الابتدائية وانتهاء بدار المعلمين عام 1953م.

عبدالرحمن الباني احد شهود العصر

الاخ العزيز عبدالرحمن عوض الباني، نائب رئيس جمعية الصاغة بمحافظة عدن حرص كثيراً على تقديم شهادته للتاريخ طالماً ان الحلقة معنية باستاذه الجليل الشيخ عبدالرحمن الملاّحي الذي ربطته به علاقة التلميذ بالمعلم خلال السنوات 52- 53- 1954م حيث ورد في شهادة الباني أن استاذه الشيخ كان متعدد المواهب ومنها براعته في الخط وأعماله شاهدة على براعته وموهبته في مسجد وجامع الشيخ عبدالرحيم عمر باوزير بغيل باوزير.

يمضي الباني في شهادته بأن استاذه الشيخ عبدالرحمن الملاّحي كان رساماً تشكيلياً ومبدعاً في الاعمال اليدوية HANDI CRAFTS الورقية والطينية وانه اخذ على يديه ايضاً دروساً في العلوم الدينية وقد كان - متعه الله بالصحة وطول العمر- محاضراً متمكناً في علوم الدين. يختتم الباني شهادته بان استاذه عبدالرحمن الملاّحي قد جاد بكل ما عنده من علوم وفنون في مدارس حضرموت وان آخر عهده كان في المعهد الديني بغيل باوزير.

مشوار طويل في صومعتي التربية والثقافة

عمل الاستاذ عبدالرحمن عبدالكريم الملاّحي في سلك التربية والتعليم خلال عقدين من الزمان، امتدا من عام 1953م حتى عام 1973م وتدرج في الوظيفة، حيث بدأ معلماً وانتهى مديراً وتنقل في مواقع الوظيفة لتشمل مدارس شتى في انحاء حضرموت سواء في عهد السلطنة القعيطية او في عهد جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وقبلها جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية. في العام 1973م عمل الاستاذ عبدالرحمن الملاّحي مديراً للمراكز الثقافية بوزارة الثقافة والسياحة وانتهت مهام منصبه في العام 1975م عندما تم تعيينه مديراً لمكتب الثقافة والسياحة بمحافظة حضرموت خلال الفترة 75-1980م وتفرغ بعد ذلك خلال الفترة 81-1991م لكتابة الابحاث والدراسات.

الملاّحي ومواقع في الابداع

يعتبر الاستاذ عبدالرحمن الملاّحي من الاعضاء المؤسسين لاتحاد الادباء والكتاب اليمنيين وليد المؤتمر العام الاول الذي انعقد خلال الفترة 21-24 فبراير 1974م، وورد اسمه في قائمة الاعضاء من الكتاب المسرحيين منهم عمر عوض بامطرف وعبدالمجيد عبدالله القاضي وعلي صالح الدعمكي وعمر احمد السباعي.

شغل الاستاذ الملاّحي منصب الامين العام لاتحاد المسرحيين اليمنيين الديمقراطيين خلال الفترة 73-1975م وعمل رئيساً لاتحاد الادباء والكتاب اليمنيين فرع حضرموت خلال الفترة 77-1980م.

الملاّحي .. بصمات ومشاركات

مثل الاستاذ عبدالرحمن عبدالكريم الملاّحي بلاده في فعاليات خارجية منها: 1- مؤتمر المسرح للوطن العربي بدمشق عام 1973م، 2- ندوة النشاط المسرحي بالمانيا الديمقراطية عام 1976، 3- مؤتمر المسرح للوطن العربي ببغداد عام 1988م.

كما شارك في عدد من الندوات العلمية والثقافية القطرية ومارس كتابة القصة القصيرة منذ بواكير الستينات من القرن الماضي ولا يزال، كما ان عدداً من مسرحياته قدمت على مسارح الجمهورية.

للاستاذ الملاّحي جملة ابحاث في المسرح والتاريخ والاجتماع وله ايضاً جملة ابحاث مخطوطة في الملاحة البحرية والهجرة اليمنية وتاريخ المدن ومواضيع تاريخية أخرى.

من أعاله المطبوعة

1- الدلالات الاجتماعية واللغوية والثقافية لقصائد ختان صبيان قبائل المشقاص (ثعين والحموم)، 2- الحضارم في ممباسا ودار السلام 1930/1960م.

من مؤلفاته المخطوطة

1- معارف ملاحي جنوب الجزيرة العربية في القرن التاسع عشر: روزنامات الربان بامعيبد (تحقيق).

2- التداخل المعرفي بين ربابنة اليمن وعمان، 3- حرية المرأة في مسرح المحضار الغنائي، 4- الوجيز في تاريخ مدينة الشعر الحديث والمعاصر.

قيد الاعداد

5- صفحات من تاريخ مدينة الشحر

كلمة أخيرة:

الاستاذ عبدالرحمن عبدالكريم الملاّحي حائز على وسام الثلاثين من نوفمبر من الدرجة الثالثة وهو تقدير رمزي لنضاله الطويل والاصيل في تاريخ الحركة الوطنية، وسبق وأن تطرقنا لها في الجزء الخاص بشقيقه الاكبر الراحل الكبير عبدالله عبدالكريم الملاّحي.

وسؤالنا: ماذا تحقق له بعد هذا المشوار؟ وماذا يقدم له حالياً لانجاز اعماله؟ هل سيرحل في ظل صمت مطبق كما رحل شقيقه عبدالله وغيره؟

اقدم جزيل الشكر وخالص العرفان للاستاذ عبدالرحمن الملاّحي الذي لم يبخل بتقديم بيانات مفيدة وهامة خدمتني كثيراً عند إعداد هذه المادة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى