قاض لم يصدر حكما.. وأمين لم يكتب.. ونيابة لم تحضر.. كيف هذا ؟ تزوير بالإعدام.. فاجعة تكشف خبايا للقضاء وما خفي يصعّد القلوب إلى الحناجر

> «الأيام» فضل علي مبارك:

>
محمد سعيد محمد
محمد سعيد محمد
بعد أن قرأت ملف القضية أصبحت أخاف أن أجد أحكاما صدرت ضدي بالسجن أو الجلد أو الاعدام لذنب لم اقترفه ودون دراية مني.. وقد شاطرني عديد من الحاضرين كانوا معي عندما عرض علينا الأخ محمد سعيد محمد المرقشي، أوراق قضيته.

وإذا كانت الامور قد بلغت إلى هذه الدرجة من السوء والاختلال وأصبحت حياة وأرواح الناس مجرد جرة تزوير بـ (زائد - ناقص) أو لغرض في نفس يعقوب.. فماذا عن الحقوق الاخرى؟ لا شك أن التزوير في الاحكام القضائية عندما يصل لدرجة الاعدام يصبح التزوير في الامور الاخرى كالاستحواذ على الاراضي، الممتلكات الاخرى، السجن، الجلد، الغرامة، امراً سهلاً وبسيطاً جداً حد العبث وإمكانية التزوير فيها يمكن أن تتم مثل أن تشرب الماء وتغسل يديك في مغسلة مطعم شعبي.

وإذا ما اسقط بين ايدينا ان (اخوات) لهذه القضية التي تكشفت ظواهرها والسعي مرهون لدى وزير العدل وهيئة التفتيش القضائي، لتجلية بواطنها باعتبارهم مسؤولين عما يلحق بالناس من ضرر باسم القانون.. وبذلك فإن الامور تعيدنا الى التساؤل: كم هي الاحكام القضائية التي نفذت بحق اناس ابرياء وكانت مزورة ولأن المحكوم عليهم لا حول لهم ولا قوة لم يستطيعوا اثبات عكس ذلك، وكم من اناس مظلومين وقف لهم حظهم العاثر بالمرصاد، ولم تقدهم الصدفة كما قادت محمد المرقشي الى محكمة زنجبار لغرض آخر ليفاجأ بأن حكما بالاعدام صدر بحقه وحبس خصوما آخرين له قبل نحو عام ونصف في قضية لم تطأ أقدام خصومها يوما المحكمة ابدا.

وإن لم تكن الصدفة وحدها قادت محمد المرقشي وتسارعت خطوات (النفر الغامض) وأكمل مشوار مسعاه الى درجات المحاكم وكان له ما أراد.. هل تزهق روح حرم الله قتلها الا بالحق؟!

هول من الفاجعة والفجيعة والاستغراب ينتاب من يقرأ ويقف على تفاصيل هذه القضية.. ويزداد الامر تعقيدا واندهاشاً بالوقوف على تأكيدات محاميي وخصوم محمد المرقشي الذين أكدوا انهم لم يحركوا القضية من النيابة وأنهم قد فضلوا الصلح مستغربين ومتفاجئين بحكم كهذا.

والأغرب من ذلك تأكيدات امين سر الجلسة الخضر عبدالله الخطية، التي قال فيها بصريح العبارة: «اقر بان القضية الجنائية هذه لا علم لي بها ولم أحضر اي جلسة فيها مع القاضي محمد سالم إبراهيم، وقد تفاجأت بصدور الحكم غيابيا ولم تعقد أي جلسة في هذا الملف»!!

ويا ليت الأمر وقف عند هذا الحد من العبث والاستهجان بأرواح الناس أو وصل الى حد تأكيدات عضو النيابة القاضي سمير السيد، الذي ورد اسمه في منطوق الحكم كممثل للنيابة بأنه لم يحضر اي جلسة في أي محكمة كانت سواء زنجبار او غيرها لمحاكمة محمد المرقشي والآخرين سواء في هذه القضية أو سواها.

اذن بقي معنا فضيلة القاضي الذي صدر الحكم تحت اسمه وتوقيعه وختم المحكمة التي كان يعمل فيها.

تملهوا واكتموا غيظكم.. وخذوا نفسا عميقا قبل ان تواصلوا سلسلة المفاجأت التي قد تثيركم لكنها تغدو عند آخرين مثل حكايا المسلسلات والافلام.

فضيلة القاضي محمد سالم ابراهيم، يؤكد بالفم المليان وبخط يده ما نصه: «أنا القاضي محمد سالم إبراهيم علي الحريبي، رئيس محكمة قفل شمر الابتدائية أقسم بالله العظيم وأؤكد لكم بأني طيلة عملي قاضياً لدى المحاكم الابتدائية منذ 1/9/1984م حتى الآن لم أحكم سوى على شخص واحد فقط هو محمد عوض الصوبي بافياض، بالإعدام رميا بالرصاص حتى الموت لقتله المجني عليه محمد هادي السليماني، عمدا وعدوانا»!!

هكذا يقول القاضي الذي اصدر الحكم تحت توقيعه أيام عمله بمحكمة زنجبار الابتدائية قبل الحركة القضائية في 31/12/2004م. وأضاف القاضي في رسالته إمعاناً في التأكيد وإدراكا منه لخطورة الموقف ما نصه: «أؤكد لكم بأني لم أحكم القضية رقم (3) لعام 96م ولم أشاهد المتهمين وأولهم محمد سعيد محمد المرقشي، وآخرهم الشيخ طارق الفضلي».

يشير منطوق الحكم بحسب الاوراق الرسمية ان الحكم صدر بالجلسة المنعقدة علنا بمحكمة زنجبار في يوم الثلاثاء 2 من شهر ذو القعدة سنة 1425هـ الموافق 14/12/2004م برئاسة القاضي محمد سالم إبراهيم علي، قاضي محكمة زنجبار الابتدائية وبحضور الأخ سمير السيد محمد حسن الاهدل، عضو النيابة وبحضور الأخ الخضر عبدالله علي، أمين سر الجلسة، وتحمل القضية رقم (3) لعام 1996م، وموضوعها القتل والتهديد وانتهاك مسكن، وبغض النظر عن واقعتها وملابساتها فإن ما يهمنا هو صدور الحكم فيها بهذه الطريقة الفجة والتي لولا لطف الله سبحانه وتعالى ورحمته لراح ضحيتها نفس بريئة ولذهب آخرون إلى السجن، أما اذا ما قرأنا تفاصيل الحكم فإن الشوائب التي وقع فيها لا تخفى على جاهل اولا من حيث ركاكة الصياغة وتفكك العبارات وحاشا أن تكون صياغة قاض، ثانياً في الصفحة الثانية ورد اسم المتهم الثالث ناصر علي هادي - ضابط أمن - وفي قائمة المتهمين في الصفحة الاولى لم يرد اسمه، وكذلك في الصفحة الرابعة التي تضمنت فقرات العقوبات علماً بأنه يفترض ايراد اسمه ولو حصل على العفو.

وثالثا لم يشر منطوق الحكم الى ما أفاد به المتهمون امام المحكمة واكتفى بالاشارة الى اقوالهم بمحاضر جمع الاستدلالات، ومعروف أنه لا يؤخذ بها ولا يعتد بما فيها من خلال الطرق والأساليب التي تنتزع بها من المتهمين امام ضباط البحث.

رابعا: لم يبين الحكم أن المحاكمة جرت لفارين من وجه العدالة حتى يكتفى بمحاضر البحث.

وأشارت الاحكام التي صدرت بحق خمسة متهمين وهي الحبس من خمس سنوات الى سنتين بخصم مدة الحبس الاحتياطي التي قضاها كل متهم في الحبس، ولا نريد التذكير بأن الفترة الفاصلة ما بين وقوع القضية وصدور هذا الحكم تسع سنوات وسبعة أشهر وعشرة ايام ولا يوجد أحد منهم في السجن.

وقبل ذلك وذاك ترى لماذا لم يبلغ المتهمون بما صدر ضدهم من أحكام؟ ولماذا لم تقم النيابة وهي حامية العدالة وهي من قام برفع الدعوى بحسب بيان الحكم بالمتابعة لتنفيذ الاحكام، وأعضاؤها من يتحركون احياناً - إن أرادوا - إذا ما سقط (ذباب في كوب شاي) فما بالك بأحكام قضائية؟

ولولا الصدفة قادت بعد نحو عام ونصف أحد أطراف القضية ماذا سيكون مصير الحكم؟

إن هذا دليل يقودنا الى الشك في مجمل الاحكام التي تصدر.. وليس هذا فحسب بل ويولد لدينا شكاً مزدوجاً لو أن معك أحداً يعمل في المحكمة فلا تخف حتى لو صدر ضدك ألف حكم في اليوم بسهولة سوف يخفيه!

والكرة الآن في مرمى كل من وزير العدل والنائب العام وهيئة التفتيش القضائي.. وقد وجه محافظ أبين رسائل شديدة بعد الاستئناس برأي قانوني، أن هناك شكاً كبيراً بأن هناك تزويراً واضحاً في الحكم، مما يؤكد وجود اختلال في عمل الجهاز القضائي بالمحكمة.

وعليه فإن المطلوب ليس توجيهات للإفادة او النظر بقدر ما يتطلب الأمر سرعة بت بتشكيل لجنة قضائية للتحقيق في هذه الواقعة ومعرفة الكيفية التي صدر بها هذا الحكم لأن هذه القضية بلا شك ستقود الى أعمال أخرى مماثلة صدرت بها أحكام وهي وصمة عار في جبين القضاء الذي ندعو أن يكون مستقلاً ومنزهاً.

وماذا بعد..

قبل الختام أود أن أشير لما استفزني بهذا الموضوع، خوفاً على نفسي والآخرين وتأسياً على من وقعوا.. ودون أن نتهم أحداً لو صح نفي القاضي وعضو النيابة وأمين السر فإن (حيتان) كباراً (انغمسوا) في هذه الفضيحة بدليل وجود ختم محكمة زنجبار على كل ورقة.

«الأيام» تحتفظ بصور من الوثائق

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى