الشجــرة المظلومة

> «الأيام» ناصر سالم حسن /رصد - يافع

> انظر إليها! إنها تقف حائرة خائرة يزداد عجبها من دنيا ظلمتها وإنسان هجرها، وأسوار تحاصرها، تقف في غربة شديدة، تنعي تاريخها، وتشكو إلى الله مأساتها، أجهدها العطش، وحاصرها الغرباء من جميع الجهات وهي تبكي بحرقة شديدة ولكن لا مجيب.. فلا السماء أجابتها، ولا يد الإنسان الحنونة أخرجتها من عزلتها ورفعت رأسها وأعادت لها الابتسامة المفقودة التي تملأ الوديان أريجاً واخضرارا، تلك هي شجرة البن التي تعيش أيام الاحتضار الأخير، متمسكة بآخر أمل لها في النجاة من براثن الجفاف، هكذا تبدو لك شجرة البن العتيقة في أعتى معاقلها وأوسع وديانها تترنح بين مطرقة الجفاف وسندان القات، حيث سيطر مردود القات السريع على اهتمام الناس وصرفهم عن النظر إلى أغلى شجرة اهتم بها الأجداد ووضعوها نصب أعينهم ورأوا فيها رمزاً وتاريخاً من الصعب التخلي عنه، إلا أن الرواج المفرط والشهرة المتسارعة التي أدخلت القات إلى أسواق لم يكن يحلم بها ، سحب البساط من تحت شجرة البن وبدأت حقول بكاملها تستبدل بأشجار القات، ونفدت المياه من الآبار بسبب الضخ المتواصل لري هذه الشجرة، فترى صهاريج المياه المتنقلة أو ما يسمى (البوز) لا تكل ولا تمل من مطاردة أحواض المياه إلى أبعد أماكنها، مما انعكس سلباً على منسوب المياه السطحية والجوفية في مناطق هي في أشد الحاجة إلى مياه للشرب فقط.

إن الجهات المسؤولة التي من المفترض بها حماية مصالح الناس غير معنية بمنع من يتاجرون بمياه كان من الأولى أن تكون للنفس البشرية، لا لري أشجار لقات.. فانظروا الى أين وصلنا!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى