سودانيو الجنوب يعودون لديارهم بعد نزوح عشر سنوات

> السودان «الأيام» اوفيرا مكدوم :

> عندما أشرقت شمس افريقيا الساخنة على ضفاف نهر النيل تكدس 320 سودانيا جنوبيا في زورق ورددوا تلاوات من الانجيل قبل ان ينطلقوا في طريقهم إلى ديارهم بعد أن أمضوا أكثر من عشر سنوات بعيدا عنها.

وردد نساء وأطفال أغلبهم من قبيلة الدنكا "من الظلمات إلى النور" ولوحوا بالصلبان ووقفوا على سطح الزورق المتهالك الذي سينقلهم إلى ديارهم.

إنهم بعض من آلاف فروا من ديارهم في بور مسقط رأس جون قرنق النائب الأول للرئيس الذي قادهم على مدى أكثر من عقدين في حرب أهلية بين الشمال والجنوب,وقتل قرنق في تحطم طائرة هليكوبتر العام الماضي بعد ثلاثة اسابيع فقط من توليه منصبه.

ووقع قرنق اتفاق سلام لانهاء أطول حرب أهلية في افريقيا وهو ما مهد الطريق لتشكيل حكومة ائتلافية واقتسام الثروة والتحول إلى الديمقراطية في السودان,ويهدف الاتفاق كذلك لحماية حقوق غير المسلمين في بلد فرضت فيه الشريعة الإسلامية عام 1983.

ورغم وفاة قرنق فإن عودة مئات الألوف من اللاجئين والمهجرين هو أقوى دليل على اقرار السلام في الجنوب حيث أدى القتال على مدى عقود إلى افتقار العديد من المناطق هناك لأي مظهر من مظاهر الحياة المعاصرة.

وقال بيتر قرنق "انا سعيد جدا لأنني عائد إلى دياري... سأرى أمي وبقية أفراد أسرتي أخيرا."

وكان افراد قبيلة الدنكا من بور أغنياء يملكون مئات الألوف من رؤوس الماشية لكنهم شردوا اثناء القتال. وبعد عام على إقرار السلام رأوا ان الوقت قد حان للعودة لديارهم.

لكن الرحلة عبر البلدات الكبيرة في الجنوب نظمتها وكالات إغاثة لتجنب الفوضى وسط قطعان الماشية التي تجوب المراكز الريفية.

وقال مايكل اكول "السلام نعمة حلت علينا... ندعو أن يستمر.. فقد أصبحنا قادرين أخيرا على العودة لديارنا."

ويسافر افراد الدنكا من أجزاء مختلفة من جنوب السودان إلى العاصمة جوبا. وهناك ينتظرون بصبر على متن زورق نهري يشق طريقه وسط التماسيح في أطول نهر في العالم ليصل بهم إلى ديارهم بعد يومين.

ويجافي النوم أعين المسافرين وسط بكاء وسعال الأطفال على الزورق الذي يشهد على عشرات الأمراض مثل الالتهاب السحائي والكوليرا التي اصابت العائدين على امتداد رحلتهم الشاقة.

ولكن مع الشعور بالاقتراب من الوطن يبدأ المسافرون في الغناء والنقر على الطبول حتى يقترب الزورق من بور حيث يستقبله الأقارب الذين يلوحون للعائدين ويرددون نفس المقاطع من الانجيل على ضفة النهر.

وقد يشعر البعض بالإحباط لأن مخيمات اللاجئين المنظمة بشكل جيد في كينيا وأوغندا تختلف تماما عن وسائل الراحة البدائية المتاحة في بور. فليس هناك طرق ولا يوجد سوى مهبط طائرات غير ممهد وهيكل طائرة أجوف ومستشفى بدأت تعمل بالكاد بعد وصول عمال الإغاثة.

وقالت انجلينا دنج التي عادت مع أطفالها الخمسة قادمة من الخرطوم "الأحوال صعبة هنا... فهي ليست مثل المدينة."

وأضافت "المشكلة في الخرطوم أن الإيجارات مرتفعة جدا... لكن لدينا هنا الآن كوخ ونعيش في سلام."

وقالت انها ستضطر للعودة للخرطوم لإحضار المال إذ ليس هناك عمل في بور. ورغم أن الأرض خصبة فإن الرجال لا يزرعونها لانهم لا يعرفون كيف يزرعون,وكان زوجها جنديا في الجيش الشعبي لتحرير السودان السابق الذي كان يقوده قرنق.

وقالت إن جنود الجيش الشعبي لم يحصلوا على أجورهم بعد لكن بعض الأموال بدأت أخيرا تأتي لتسهل حياتهم. وأضافت "الحمد لله حل السلام وأرجو أن يستمر."

ويبدو ان هناك ما يبرر قلقها من عدم استمرار السلام. فقد اتهم سيلفا كير الذي خلف قرنق في منصب النائب الأول للرئيس وهو من الدنكا كذلك الجيش الشمالي بالاستمرار في دعم ميليشيات في الجنوب لمهاجمة الجيش الشعبي.

وقال إن هذه الميليشيات كانت تتعامل بعنف شديد مع الجيش الشعبي,وأبلغ الصحفيين في وقت متأخر من مساء أمس الإثنين "لو لم يكونوا مدعومين من القوات المسلحة السودانية لما قاموا بمثل هذه الأعمال."

وقتل 12 على الأقل من جنود الجيش الشعبي في أوائل مارس آذار الماضي في منطقة ابيي الغنية بالنفط في أول اشتباكات عنيفة منذ ابرام اتفاق السلام في العام الماضي بين الميليشيات المتحالفة مع القوات المسلحة السودانية والجيش الشعبي.

وابيي التي تضم احد حقلي النفط الرئيسيين في الجنوب مازالت حلقة وصل بين الشمال والجنوب ويطالب بها الطرفان.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى