مهرجان الدوحة الثقافي الخامس 25/3-5/4/2006 التقاء الثقافات في ليال قطرية لا تنسى

> «الأيام» د. هشام محسن السقاف:

>
د. عبدالله النفيسي اثناء القاء محاضرته (صراع أم حوار حضارات؟)
د. عبدالله النفيسي اثناء القاء محاضرته (صراع أم حوار حضارات؟)
أبهج من المغارة التي تفتح لمصباح علاء الدين هي قطر، ليست واحة ماء ونخيل في خاصرة الصحراء كما أحب الجغرافيون القدماء ان ينسبوا الشيء الى أصله، بل هي مزيج اليوم من ألوان الطيف كلها تلتقي على مهل أو على عجلة: تقاطعات الزمان الحاضر على عتاقة التاريح وزهوه، فكل ما هنا، اعتمالاً في الخارطة الزاهية، أكبر بل وأكثر من نفاذ رائحة الغاز في الانوف، الى ما يسخر الغاز والثروة لحياة ديناميكية مرفهة جديدة دون إغفال أو تغافل لخصائص ثقافية في الحياة، فجاء الثقافي متزامنا ومتسامقا بين هذا كله، مما يمهد الارض القطرية ان تكون ورشة بناء حضارية على المستويين البنيوي المادي والبنائي المعنوي.

الانسان هنا يشبه الطارق على النحاس، تتشكل بين يديه لوحة الأحلام دون أن يفقد تماسه وصلته بالمكان (القطعة النحاسية المطروقة)، وفوق ان المدينة الدوحة قد تحولت الى ورشة عمل كبيرة فإن البناء الضخم والبنائين العظام لم تسرق بهرجة الابراج العالية بصيرتهم، فآخوا بين الابراج الـ 180 الجديدة والمدينة القديمة التي أعادوا اليها عبق مجدها الذاوي، وحافظوا على رونقها الاصيل كما كانت دوحتهم الوارفة قبل قرن ويزيد، فجرى في رواق الحاضر مشهد عجيب: الحداثة بكل صروحها العالية والماضي بكل عبقه وزهوه الفريد.

كان متحف الشيخ فيصل بن قاسم آل ثاني أحد تجليات الوعي والتاريخ، وتسخير الجهد والمال لحفظ نواشئ التكوين والذوات القطرية والعربية والاسلامية، يؤرخ لدبيب المرء على تراب هذه الدوحة، ويلتقط تفاعلها المكاني على دورات الزمان ليخلد لحظات مجدها بعيدا عن الضياع.

عندما سرنا الى هناك، صباح يوم ربيعي جميل، لم أكن لأعلم بحضور اليمن في أروقة المتحف. كانت المقتنيات اليمنية قد وجدت لها بشتى السبل زاوية تضوء من خلالها على زوار المتحف: السيوف اليمنية والحلي والمصوغات والخزف والفخار والزجاج من أعمال القرنين او الثلاثة الماضية، تحاكي كل ذي بصيرة عن مقدرة الانسان اليمني على صنع ادوات مقدرته على التفرد والادهاش.

وعندما حاصرني الناقد الكبير محمد براده بأسئلته عن المشهد السياسي والثقافي في اليمن، تساعفه في الاسئلة أو الاجابة احيانا الاستاذة يمنى العيد، لم تكن الاسئلة تجريدية لقطع المسافة بالباص من الفندق إلى المتحف او العكس بل كانت تنصبّ لاشباع حاجات معرفية لم يكن المفكر الكبير ابوبكر السقاف بغائب عنها، وقد جعله محمد براده مفتتح ولبّ ولوجه لقراءة المشهد، وتيقنت كم تصنع سياسة البؤس من ارهاق للفكر والثقافة حين تحاصر كل شيء من داخل حتى مسامه، إلا ان يكون مسخا ينظم لذات الجوقة الرتيبة.

وكان ود الحديث من يمنى عن مزايا شاعر اليمن الكبير د. عبدالعزيز المقالح نابعا من رسوخ مكانة هذا المقالح في وجدان الادب العربي كله.

كان مفتتح مهرجان الدوحة الثقافي في دورته الخامسة يوم السبت 25 مارس 2006م هو عرض المسرحية الغنائية «مي وغيلان» وهي حكاية قطرية من تأليف وإخراج عبدالرحمن المناعي وموسيقى وألحان مطر علي الكواري. والحكاية توظيف لحكاية شعبية قطرية في نسيج غنائي يمزج عراقة الماضي وزهو الحاضر وحلم القادم، وهي مرتبطة في احداثها الموغلة بالقدم بأول صناعة للشراع خروجا متقدما على الابحار بالتجديف، مما حدا بمؤلفها الاستاذ المناعي أن يقول في تصديره لدليل المسرحية او الاوبريت: «بالمجاديف او الاشرعة .. المهم ان نبحر للمستقبل» والحكاية على شعبيتها وبساطتها - كما عولجت دراميا وموسيقيا- خروج عن المألوف بعدم التقيد في بعض التفاصيل الفنية بالواقع المكرر في التراث الشعبي القريب مثل الملابس وتفاصيل المكان.

وقد وضعت العربة امام الحصان حين دُعيتْ وسائل الاعلام القطرية والعربية لمؤتمر صحفي مع المؤلف وجوقة العمل الاوبريتي بما في ذلك الملحن مطر علي الكواري والممثلين ناصر عبدالرضا وروعة ياسين وليلى السمان وآخرون، قبل ان يشهد الجميع العرض في مساء الليلة الاولى للمهرجان، ورغم ذلك اجتهد البعض من الزملاء في طرح اسئلتهم على المعنيين، واكتفت «الأيام» بالحضور ومتابعة الاجابات الايحائية فقط، إذ ان المؤلف والمخرج المناعي لم يكن راغبا في إحراق مفاجأته للجمهور.

الخامس من اليمين (وقوفا) الزميل د.هشام السقاف،يمنى العيد، د.محمد برادة وآخرون من المشاركين في الفعاليات الثقافية
الخامس من اليمين (وقوفا) الزميل د.هشام السقاف،يمنى العيد، د.محمد برادة وآخرون من المشاركين في الفعاليات الثقافية
يتطلب حضور أعمال المهرجان الجري وراء الفعاليات وتقسيم النفس الى نفوس تدب في اتجاهات شتى في الوقت ذاته. فكثير من الفعاليات والانشطة يتصادم حدوثها في الساعة نفسها، وعليك ان تختار أقربها الى النفس وتعويض ما يفوتك الى ساعة زمانية أخرى في يوم آخر. كانت ندوة (الرواية والمستقبل) احدى أنصع لحظات الغوص في ناشئة إبداعية تكونية جديدة تتطلب مثابرة القراءة لنصوص المطارحات المقدمة الى الندوة قبل ان تتأهب لولوج قاعة (الوسيل) في فندق الريتزكارلتون. توزعت الجلسة الاولى للاستماع الى اربع من المطارحات العلمية للاساتذة: طالب عمران (سوريا)، وجيلبير سينويه (فرنسا)، ورفائيل ريغ كاريدو (اسبانيا)، ومحمد برادة (المغرب)، وادار اعمال هذه الجلسة التي لم تخل من نقاش حاد وجاد د. حسام الخطيب، وكانت عناوين البحث للمشاركين الاربعة حسب الترتيب السابق:

- تجربتي في كتابة رواية المستقبل وادب الخيال العلمي. (عمران)

- تأثير الرواية في المستقبل الانساني. (سينويه)

- تجربتي في كتابة رواية المستقبل: قداس اسود في الفاتيكان (كاريدو).

- ندرة رواية الخيال العلمي العربية في سياق اسئلة المستقبل (برادة).

اما الجلسة الثانية في اليوم التالي 27/3/2006م فقد توزعت محاور البحث فيها على البحوث التالية، وأدارها د.عبدالله ابراهيم:

- استشراف مستقبل الرواية العربية الجديدة: صبري حافظ (مصر).

- الرواية وآفاق المستقبل: سؤال عن روائية المرجعي: يمنى العيد (لبنان).

- رواية الخيال العلمي: اشكالاتها، وأسئلة المستقبل: محسن الرملي (العراق).

- الرواية والمستقبل: الانفتاح الزمني في الرواية العربية: سامي سويدان (لبنان).

وكان هناك لبس منذ البدء في فهم ماهية البحث المطلوب واتجاهاته ضمن العنوان الرئيسي في فهم الدراسات المقدمة، او البعض منها على الاقل، بما لا يحيد عن العنوان المطروح (الرواية والمستقبل)، فذهب البعض للتنظير والترويج لمستقبل الرواية العربية، بينما المراد (رواية الخيال العلمي) وهو ما أثار جدلا عاصفا بين المتداخلين والجمهور. وكان الاستاذ محمد برادة قادرا بحق على أن يشخص الحالة تماما، المدركات والمتطلبات على السواء: «يصعب ان نربط، تلقائيا، رواية المستقبل بجنس التخييل العلمي المنبثق من جنس الرواية والمنتمي الى شجرتها. بعبارة ثانية فإن موضوع الرواية والمستقبل ليقتضي حصر معالجة المستقبل في رواية التخييل او الخيال العلمي التي اقترنت، غالبا، باستحضار المستقبل في اشكال حكائية متباينة بقصد استكشاف الامكانات الافتراضية التي يمكن للعلم، والانسان معه، ان يحققها، ذلك أن المستقبل بهواجسه وأسئلته يمكن أن يحضر ايضا في الرواية التاريخية حين تتقصد اعادة تأويل الماضي والحاضر من منظور مستقبل يتطلع اليه الروائي ويسعى، ضمنيا، الى رسم بعض ملامحه...

كذلك فإن الرواية التي تهتم بالوجود الانساني في شموليته، وكما نظر اليها كونديرا، تلامس بالضرورة اسئلة وجودية تتصل بالاستمرار والبقاء في المستقبل، لان الرواية هي المرصد الاخير الذي يتيح لنا ان نعانق الحياة البشرية بوصفها كُلاً لا يتجزأ».

فضاء الدوحة الثقافي لا تحده الحواجز واللا مرئيات، وقد امتد ليحضن في صحوه الربيعي المنمنم بالهبات الباردة العمل الاوبرالي الضخم (لاترافياتا) ضمن اهتمام المهرجان في عامه الخامس بالأعمال العالمية الكبرى ذات الشهرة الواسعة، ليؤكد من خلال عرض (لاترافياتا) للموسيقار والمؤلف الاوبرالي الايطالي الشهير (فيردي) عالمية مهرجان الدوحة الثقافي. كان الاستعراض على خشبة مسرح أعد خصيصا لذات الغرض في هواء ملعب الجولف بالدوحة بشكل مؤقت ولدواعي العرض الاوبرالي الكبير فقط، ثم يفكك ذلك المسرح بالرغم من الملايين الخمسة التي صرفت على بنائه.

كان الحضور كبيرا، بل ومزدحما في العرض الاول، حيث اختلطت الاضواء المتنوعة والمبهرة بأصداء الموسيقى الصادحة وبألوان الملابس الزاهية للممثلين، وكانت الهبات الربيعية الباردة في ليل الدوحة الصاخب تجبرني وصاحبي د. عمر عبدالعزيز على مغادرة العرض قبل مشهده الاخير والاحتماء داخل الباص في تأكيد على أن الابدان قبل الأذهان أحيانا.

وإذا كان للصوت والصورة في مشاهدات الباليه والاوبرا العالمية معنى آخر يتأتى من تلاقي الفنون وحوارها على الصعيد الانساني في حاضنة عربية هي الدوحة، فإن للثقافة البصرية حضورها الآخر المتميز بطبيعة الحال، فلم يكن الاستشراق - رغم مآخذنا عليه - إلا صورة حاضرة في المهرجان تعكس شغف الغرب بمشرقنا العربي والاسلامي، (وقد افتتن الفنانون الغربيون بالعالم الآخر «الشرق» حيث عبروا عنه بصور زيتية ملئت بالألوان والاضواء والمعالم الفخمة والمباني الاثرية القديمة ومناظر المدن الاسلامية والمشاهد المثيرة للحياة اليومية تعكس مفهوم الاوروبي للشرق على نحو متميز). لقد فتحت حملة نابليون بونابرت على مصر 1798-1801 باب الدخول الاستعماري والاستشراقي لاكتشاف الشرق، ومن ثم اصبح الدين الاسلامي والثقافة والعمران موضوعات اصيلة في الفكر الاستشراقي الغربي وقد صورت المجموعة الاستشراقية الموسومة بـ (وللشرق فتنة) والمعروضة في فندق الريتزكارلتون نماذج من ذلك الافتتان الاستشراقي بالحياة الشرقية وتفاصيلها اليومية في ثلاثة اقاليم جغرافية رئيسة هي: فلسطين ومصر باعتبار انهما مصدر للتاريخ الكتابي (التوراتي)، وكانت اسطنبول هي اقليم الجذب الثاني لموقعها المميز كنقطة التقاء بين الشرق والغرب وارتباطها بالبيزنطيين القدماء، وللجدل الذي اثير حول السلاطين ونساء بلاطهم وثراء الاسواق وروعة الامكنة والقصور والمآذن.

أوبريت (مي وغيلان)
أوبريت (مي وغيلان)
اما الوجهة الثالثة لصور ولوحات المستشرقين فقد كانت دول شمال افريقيا وتحديدا المغرب والجزائر وتونس، وقد اصبحت رحلات الفنانين لهذا الاقليم ممكنة بعد استيلاء الفرنسيين على الجزائر عام 1830 الذي يعتبر اللبنة الاولى لاقامة امبراطورية استعمارية شاملة لهم في شمال افريقيا.

تزاحمت لوحات الفرنسي دينيه إتيان (1861-1929) والنمساوي سفوبودا رودولف (1859-1914) والامريكي ادوين لورد (1849-1903) والبلجيكي دكرس اميل (1885-1968) والفرنسي دوانيو ادوار (1865- 1956) والانجليزي لونغ ادوين (1829-1891) والدنماركي توفت بيتر بيترسن (1825-1901) والالماني فيرز كارل (1808- 1894) والايطالي كورودي هيرمان (1844-1905) لتشكل اسقاطات ضوئية متميزة في فكر المستشرقين وشغفهم باليومي البسيط في الحياة المشرقية، ويعطي دلالة في الآن ذاته على جهود هؤلاء في تأصيل وتوثيق الشرق بكل تداعيات وتدافع الحياة فيه في فترة مبكرة لم يكن بمقدور المشرقي رصد حياته اثناءها وابقاء تفاصيلها نابضة حتى اليوم.

حرص الاشقاء القطريون أن يكون كبار المفكرين والساسة حاضرين في ليالي المهرجان المتنوعة، د. عبدالله النفيسي، ود. محمد اركون، والشيخ حمد بن جاسم آل ثاني النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء ووزير خارجية قطر، ود. سليمان زيغيدور. وقد تحددت موضوعات محاضراتهم على النحو التالي:

- صراع أم حوار حضارات؟ (النفيسي).- حدود حرية التعبير (اركون).- تنمية ثقافة الديمقراطية (الشيخ حمد).- المسلمون الاوربيون (زيغيدور).

كان الكل مترقباً محاضرة د. النفيسي بفارغ صبر، وفي الليلة الموعودة اكتظت قاعة الوسيل بالقطريين وضيوف المهرجان، وبدا د. النفيسي - كعادته - بسيطاً في طرحه للمسائل العصية، يعتمد أسلوب التفكيك الممنهج لاكثر القضايا سخونة بالاعتماد على ادوات معرفية تجريدية تغدو اكثر إقناعاً للمتلقي بعيداً عن التلقينية أو التحريض المتخفي وراء اغراض ايديولوجية. فالرجل الذي يحتفظ في عصارة ذهنه بسبل المعرفة الفكرية والسياسية التي تحصل عليها من ارقى جامعات العالم، وعمل استاذاً في جامعات اكستر بانجلترا، وجامعة بكين في الصين الشعبية، واستاذاً زائراً في جامعة موسكو وسانت بطرسبورغ بروسيا الاتحادية، وفي معهد هوفر- جامعة ستانفورد - في كاليفورنيا بالولايات المتحدة، يستطيع بطبيعة الحال ان يحاور الآخر بالاعتماد على المنهاج العلمي ويطرح رؤاه المغايرة والفاضحة للتجيير الذي يمارسه الغرب (الامريكي) لبعض المقولات لاغراض سياسية احتوائية وخاصة في منطقتنا العربية.

كان التكثيف لغة النفيسي في طرح رؤيته لمصطلح حوار الحضارات ليخلص الى حقيقة ان ما يجري هو صراع حضارات ليس إلا من خلال الحقائق التالية:

1- تحتكر دول المركز (الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي) السلاح تقليدياً أو غير تقليدي لتحول دون تملكه بقية العالم (الاطراف).

2- احتكار الخامات وخاصة النفط والقمح.

3- احتكار (احتواء) الشرعية الدولية (الأمم المتحدة) واستخدامها ذرعاً لتمرير خططها (دول المركز) لضرب دول الاطراف، آخرها محاصرة ايران وحتى التحقيق بمقتل رفيق الحريري.

4- الاحتواء عن طريق العولمة الثقافية.

وفي ساق حديثه استشهد بمقولة لوزير الخارجية الامريكية الاسبق هنري كيسنجر ونصها: «المهم ليس حل المشاكل، المهم الامساك بخيوط المشاكل». وقال د. النفيسي في اطار تعرضه لموضوع الرسوم المسيئة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم التي نشرتها الصحيفة الدنماركية وبعض الصحف الاوروبية الاخرى: إن المستشرقين ومنذ قرون يتحدثون في كتبهم عن اربع حالات كموقف متأصل وهي: إنكار الوحي (القرآن)، تفاصيل مسيئة مختلقة عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، تكذيب عملية إسهام المسلمين في الحضارة الانسانية، التخلي عن الاسلام. وفرغ النفيسي الى أن خير سلاح لفضح ادعاءات هؤلاء المستشرقين هو كتاب «الاستشراق» لادوارد سعيد، وشكك د. النفيسي في تصور الغرب الرسمي للديمقراطية كحجة يحتجون بها للدفاع عن الذين اساءوا للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بينما حورب كثير من أرباب الفكر أمثال ديفيدا يرفي وجارودي لمجرد تشكيكهم بالمحرقة اليهودية. واستنتج النفيسي ان الغرب غير علماني عكس ما يدعي لنزعته المضادة للأديان الأخرى التي قد تكون مستمدة من جذور مسيحية تعصبية، محذراً من بعث بعض النزاعات والنعرات في الوطن العربي (التفجير من الداخل) مثل الطائفية والعرقية والمذهبية.. الخ.

عندما حلقت بي الطائرة في سماء الدوحة مودعاً، تقاربت الابعاد في عيني لمدينة تعتمل من جديد، هي بمثابة ورشة عمل تصنع معجزة الخروج من تحت رمال الصحراء، بنبأ يقين، حيث يتجاور الماضي مع شوامخ الحاضر، المدينة القديمة التي تشبه مدينة عدن تماماً يعاد بناؤها وترميمها بنسقها القديم، وكما كانت هي ذات يوم في خمسينيات القرن الماضي، حيث الاسواق القديمة والبيوت المتواضعة والشوارع الضيقة والمساجد المتميزة، ومن هذا كله يعبق التاريخ من ثنايا كل بيت وزاوية وزقاق، ويزداد الانطباع صدقاً بالحراسات الليلية - وإن كانت شكلية في بلد آمن - من رجال تجاوزوا أجل العمل وبدلاً من مكوثهم في بيوتهم دون وظيفة حقيقية أنيطت بهم هذه المهمة، تزيأوا باللبس القطري التقليدي وتمنطقوا الاسلحة القديمة مما أضفى على مشهد المدينة القديمة القريبة من الميناء القديم جمالاً على جمال. وغير بعيد عن العين تشق فضاء الدوحة الابراج العالية والبنايات الشاهقة في لوحة بانورامية تسر الناظرين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى