الدم الأزرق الحاني

> سعيد عولقي:

>
سعيد عولقي
سعيد عولقي
كثير من رموز القيادة السياسية في بلادنا الديمقراطية الحرة الأبية لا يمكن مطلقاً أن تصدق أنها موظفة من أجل خدمة هذا الشعب والوطن، وأن وظيفتها هي تصريف أمور الناس ومعالجة قضاياهم وتطوير حياتهم المعيشية والعمل على تنمية الوطن وخدمة أبنائه في قومتهم ونومتهم تطبيقاً للمثل الشعبي الذي يقول:«إذا العيشة نكد حسِّن المرقد» على طريق التقدم والسلم والوحدة الوطنية والازدهار الاقتصادي والاجتماعي بالجملة والتفاريق ومع اللوز أو حتى بلا لوز.. المصيبة أنه هذه الرموز المتسلطنة آخر سلطنة تعمل على العكس من ذلك تماماً فتتصرف وتتكلف وكأنه هذا الشعب الطيب خدام عند حضرتها ولها الحرية الكاملة أن تفعل به ما تشاء ثلاث مرات في اليوم قبل الأكل وبعده دون أن يكون له الحق في أن يفتح (بقهّ) - بالمصري يعني- أو فمه بكلمة واحدة أو حتى يتنخس بدون إرادتها.

طيب يا أصحاب السيادة.. والصولجان والقيادة.. هذا الشعب مش لقيط لقيتوه في (اللفة) عند باب الجامع.. إنه أولاً وقبل كل شيء وبعد كل شيء صاحب الحق الأول في هذا الوطن المعطاء الذي تعبثون بمقدراته.. ثم إنكم لستم ورثة حق إلهي في حكمه ولا من سلالات يجري في عروقها الدم الأزرق.. أنتم كذلك من أبناء هذا الشعب وفيه وإليه إذا كنتم قد نسيتم ولا يميزكم عنه سوى تفويضه لكم بقيادته وخدمته من خلال الانتخابات البرلمانية إياها وغير البرلمانية سواها.. هذا يعني إذا قلنا إنه هذه الانتخابات «أوكيه.. يعني ماشي الحال وعقبال الجايات».

الذي حصل يا مصلي على النبي وما يحلى الكلام إلا بذكر النبي عليه أفضل الصلاة والسلام.. اللي حصل.. اللهم أخزيك يا شوشو (يعني يا شيطان وذا اسم الدلع حقه) اللي حصل يا جماعة الشعب الباسل وطلائعه انهم يعني اتعبثوا بنا كثير من مراحل ما قبل الاستنخابات وفيها وبعدها وبعد اللي بعدها ولا يزالون يتعبثون بنا بعد الانتخابات برضه، مع أنه يعني نحنا ما اتفقناش على كذا وحاشا وكلا وبللا لم نتفق على أن يكون جزاء المعروف سبعة كفوف ولا حتى ستة واسألوا علقمة بن أبي شريح منذ خروج الأوس والخزرج والمناوشة مع بني قحافة ما بردتش مع أن لنا عبرة وأسوة من حمير وعدنان وسبأ وقطفان ومن والاهم من قضاعة والقرنقاح وعلى راسهم النعنعان صاحب الديك المشهور وقصته معروفة مع صاحب الديك الأصلي أسعد اللبع.. ولكن ليس هذا موضعها هنا.. ها.. وإلا أقول لكم.. هي قصة قصيرة تتلخص في أنه ديك اللبع أكل حبة حمص من حانوت النعنعان فطالب بالحمصة اللي أكلها الديك وتحت هذه الحجة استولى على الديك.. على العموم كانت الخلاصة أننا خرجنا المرة الأولة وصوتنا وانتخبنا ولا أذكر إلا أن جزاء المعروف كان يتراوح ما بين ثلاثة إلى سبعة كفوف كل واحد حسب موقعه النضالي والوظيفي والجماهيري.. ويحكم يا قوم.. هل يمكن أن يتكرر هذا في كل كرة.. لا واللات والعزى وهبل إني أرى حكم الملوك الدستوريين والسلاطين والأمراء والمشايخ أرفق بشعوبهم وأرق وأرقى. فهل يا ترى العيب في الصندوق أم في القوق الذي بداخل الصندوق؟ ماذا لو كنتم مثلاً ملوكاً وأمراء أصحاب الدم الأزرق؟ هل ستكون أحوال الناس أحسن.. أحسن وإلا مش أحسن جاوبوا على السؤال ومش وقته ذلحين دخول الحمام.. هي كلمة واحدة وما يحتاجش كلام كثير. انظروا حولكم لتعرفوا.. اتفرجوا على التلفزيون أنا معاكم أنه في دول هنا وهناك أخس مننا وأزرط. الله يقول الحق.. لكن هذا ما يعنيش اننا نجلس مبسوطين وفرحانين بانقشط من الفرح وكيع كوع لأنه في أنظمة ودول وناس أخس منا.. وما هو بالمقابل يا أسيادي في عالم كامل أحسن مننا كذا مليون مرة زيما حضراتكم عارفين.

أنا والله قلبي صافي تجاهكم وادري أنه النية حقكم طيبة.. لكن النوايا وحدها لا تكفي.. انزلوا شوفوا الشعب.. الناس في المدارس والمرافق وإلخ.. تعبانين وإلا مرتاحين هذا هو المقياس الحقيقي لنجاحكم أو فشلكم.. مش جالسين لنا سنين الله مش قادرين تحلوا مشاكل صلاحياتكم في السلطة وحدود نفوذكم في الحكم وحلو لنا فزورة «من يملك ومن يحكم؟» ونحنا عارفين وأنتم عارفين أنه لا تعديل ينفع ولا تبديل يمشي فالشغل هو ذاك هوه فليش تتعبوا أنفسكم وتتعبونا معاكم على الفاضي؟ يا شيخ خليتونا نعيش على أعصابنا وخوفتوا علينا الجهال كل مرة يسألوا: «ذلحين لا فين عاد وصلوا الجماعة يا أبه سدوا وإلا با يتخابطوا؟» «أيش من جماعة يا ولد؟» «الجماعة اللي فوق!» «ليش جيراننا اللي فوق متخاصمين؟» «لا لا يا أبه.. الجماعة اللي فوق فوووق مرة واحد.. اللي دايماً ولا يسدوا؟» «هاه.. هس ولا كلمة يا ولد مالكش فضول بأي شيء خليهم ينزلوا خل وإلا خردل مالكش دخل.. فاهم.. انتبه لدروسك يا فصيح!».. بالحقيقة الوليد شغلنا بقلقه السياسي وانتبهت انه كبر وكبرت مشاكله.. قررت أصيح له لكي أزوده ببعض الخبرة السياسية والعسكرية والاجتماعية:«تعال يا كلب واحد (قلتها له طبعاً بحنان أبوي فياض) اسمع أنت إذا حاصت وإلا باصت شل أخوانك الصغار واتخبوا تحت القعادة.. فاهم؟» قال الولد: «قعادة أيش يا أبه ذا كان زمان.. أنا خلاص كبرت ولازم أخرج أناضل مع أصحابي؟»

وبعد نقاش مستفيض على مستوى القعادة مع العيال وصلت إلى قناعة أنه يا أما يكون دم الملوك لونه أزرق فعلاً.. يا أما أن نكون احنا بلا دم أصلاً!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى