مع الأيــام..المصالحة الوطنية الشاملة بديلاً عن المبادرات المبتورة

> أحمد عمر بن فريد:

>
أحمد عمر بن فريد
أحمد عمر بن فريد
كلما اقترب موعد الانتخابات الرئاسية والمحلية، ازداد عدد المبادرات السياسية المطروحة في (فترينات) العرض، التي تهدف إلى تخفيف حدة الاحتقان السياسي الملحوظ بقوة على الساحة اليمنية بشكل عام.. وتأتي مبادرة د. عبدالله الفقيه، أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء آخر تلك المبادرات التي سلطت عليها الأضواء من قبل الطرفين المختصمين معاً، ولعل الغريب في الأمر أن تكون (الأضواء الرسمية) هي الأكثر تركيزاً على مبادرة الفقيه، والأكثر اهتماماً بها مقارنة بالجانب الآخر، وربما أن صاحبها قد أدرك ذلك حينما وجد أن مبادرته قد خصص لها مكان محترم على الصفحة الرئيسة في أغلب المواقع الإلكترونية المحسوبة على السلطة، ولعل في ذلك نوعاً من القبول والرضاء بهذه المبادرة ومقترحاتها على الرغم من عمومية الطرح الذي جاءت به.

في ظني أن البنيان (الهش) لمبادرة الفقيه - التي لم تكن موفقة حتى في عنوانها - لا ينسجم مع جميع أطروحاته السابقة (القوية) التي كانت تطل علينا بشكل منتظم مع نهاية كل أسبوع، ولا نعلم ما هي الأسباب الحقيقية التي جعلت هذه المبادرة تهبط بمستواها إلى أرضية كان صاحبها يحلق عالياً بعيداً عنها، حتى أنها بدت في مجملها غير متناغمة ولا متجانسة مع مختلف المواقف والآراء السابقة للفقيه.. على الرغم من إشارة الدكتور في مبادرته للمفهوم الشائع للسياسة بأنها (فن الممكن) مطالباً المشترك بقبول ما يمكن أن يكون ممكناً وعملياً، ومناشداً الرئيس والشيخ الأحمر دعم مبادرته، من أجل (تفويت) الفرصة على أعداء اليمن في الداخل والخارج على حد قول أستاذ العلوم السياسية!!

نعيب على مبادرة الفقيه أشياء كثيرة، يأتي في مقدمتها اختزال الأزمة اليمنية الراهنة في عملية (الانتخابات) وما تمخض عنها من خلافات حول تشكيل اللجنة العليا وتشكيلاتها التحتية المساعدة وأعمالها اليومية في إجراءات القيد والتسجيل وتنقية السجلات الانتخابية من الشوائب، إضافة إلى حصر الفقيه وتقزيمه لقوى اليمن السياسية في طرفي (المشترك) و(الحزب الحاكم) فقط، متجاهلاً أو ناسياً، أن هناك الكثير من القوى السياسية اليمنية في داخل الوطن وخارجه، كانت تستحق هي الأخرى من الفقيه أن تكون في القائمة والحسبان. أعتقد شخصياً، أن أزمة الوطن لا تكمن فقط في من سيكون مرشح الرئاسة القادم، ولا حتى فيما يسمى بـ (تسوية أرضية الملعب) ولا هي في تشكيلة اللجنة العليا للانتخابات بشخوصها وتصرفاتها، وإنما هي تكمن في الأساس، في قضية (وجود) أو (عدم وجود) النية، والإرادة (السياسية - الوطنية) الحقيقية، للبدء في بناء دولة مؤسسات يمنية حديثة، والاعتراف (الحقيقي) بأن هذا الوطن.. وطن 22 مايو 90م هو بيت كل اليمنيين، وأنه تبعاً لهذه الحقيقة، ينبغي (إشراك) جميع القوى السياسية اليمنية (دون استثناء) في داخل الوطن وخارجه، في عملية تصميم وبناء وهندسة البيت اليمني من جديد، بما يمكن هذا الوطن من الانطلاق والتحرك في المسار السليم الذي يمكن أن يؤهله مستقبلاً للتفاعل الإيجابي مع كل متطلبات البناء والتطور والتنمية. إن المهمة المطلوبة حالياً من الأخ رئيس الجمهورية، الدعوة الكريمة إلى عقد (مصالحة وطنية شاملة) على أن يتبعها حوار وطني شامل على (طاولة مستديرة) تستطيع من خلاله البلاد، تنفيس (الاحتقانات السياسية والاقتصادية) في الوطن اليمني، ووضع لبنات البناء الصلبة لدولة مؤسسات حقيقية تجد فيها كل مناطق وشرائح اليمن ما يلبي طموحاتها وما يشعرها بأنها قد باتت شريكاً فعلياً في بناء الدولة، وليس مجرد (قطع شطرنج) يتم نقلها وتحريكها حسب مقتضيات اللعبة وحسب (الماكياج اللازم) لإيهام النفس بوجود وحدة وطنية صلبة. إن الوطن اليوم في مفترق طرق، ولن يغير هذه الحقيقة المرة، إن كان مرشح الرئاسة (فلان) أو (علان) ولن يضيرها القبول بمبادرات مبتورة غير مكتملة الجوانب من هنا أو هناك، بل إن ما يهمها ويعنيها بشكل رئيس ومطلق حقيقة واحدة تقول: هل نحن جادون فعلاً في (البدء) ببناء وطن يمني (للجميع) أم لا؟.. إن الشارع الذي يهدد كل طرف باللجوء إليه لنصرته، قد وصل به (العناء والشقاء) منتهاه.. ولن يخرجه من مأزقه الراهن إلا هذه الإرادة السياسية (الفولاذية) التي نتحدث عنها ، آملين أن تكون هديته (المستحقة) يوم 22 مايو القادم.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى