مع الأيــام..الوحدة السلمية.. تطويع المصلحة أم الجغرافيا؟

> محمد علي محسن:

>
محمد علي محسن
محمد علي محسن
إعادة الوجه المشرق للوحدة السلمية المنجزة يوم 22 مايو90م لا يعني في كل الأحوال إعادة عجلة التاريخ إلى حدود ما قبل هذا اليوم الأغر في جبين الزمن المعاصر أو إلى ما قبل الحرب اللعينة صيف 94م، في كلا الحالتين العجلة لا يمكن لها الرجوع للوراء وأعجب كل العجب من محاولات البعض المستمرة لسبر عجلة التاريخ بناءً على اعتقادهم الخاطئ بإمكانية حدوث هكذا عودة للخلف فيما الصواب هو أن التاريخ ديمومة وحركة للأمام وبلا رجعة أو وقفة للحظة.

نعم الحرب كانت كارثية ومأساوية بكل المقاييس والاعتبارات السياسية والأخلاقية والاجتماعية، والحرب أيضاً عطلت أو أفسدت أو وأدت المشروع الوحدوي النهضوي.. وكيفما يشاء لكم إضافة ما يحلو من المسميات (فالحرب مأساة يستعمل فيها الإنسان أفضل ما لديه ليلحق بنفسه أسوأ ما يصيبه) والقول لغلادستون، والحرب أيضاً لا تستعر نيرانها في أجواف المدافع، بل في قلوب الناس وأفكارهم بحسب مقولة للأديب والشاعر اللبناني الراحل ميخائيل نعيمة، ورغم كل ما فعلته الحرب من ويلات ومآس مازلنا نتطلع لمعالجتها ومداواتها إلا أن ذلك الفعل القبيح والذميم المقترف بحق الوحدة السلمية لا يعني وقف قطار الزمن المندفع دوماً للأمام ومن الاستحالة بمكان جرجرته لنقطة أو محطة مهما كانت الأسباب والدواعي فالتاريخ قد يعيد نفسه على شاكلة حدث أو مهزلة وفقاً والقول الشهير الذي أطلقه ماركس لكنه بكل تأكيد لا يتراجع قيد أنملة.

نعم الوحدة مصلحة قبل كل شيء، و مصلحتنا في الوحدة بسبب الحرب تفاوتت ما بين الهضم والمصادرة أو التوقف والتأجيل أو الانتقاص في الحقوق والواجبات الا أن هذه المصلحة المعطلة والمصادرة كان يمكن تحريكها من جديد لو أننا نظرنا للمسألة برمتها من زاوية اللحاق بالتاريخ ومجاراة تحدياته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وبما يمكننا من انتزاع الحقوق والمشروعية التي للأسف تم هدرها وضياعها بفعل خطابنا أو محاولاتنا الدؤوبة الجامدة لإعادة عقرب الساعة للوراء بدلاً من إعادة الوجه المشرق للوحدة والذي لا يمكن أن يتحقق بترويض الحاضر المعاش أو وقفه تماشياً مع الماضي بل بإصلاحه أو تغييره وفق الحاضر والمستقبل.

12 عاماً أظنها كافية للحكم بفشل تطويع التاريخ والجغرافيا والمطلوب في الوقت الحاضر والمستقبل هو تطويع المصلحة والمنافع والأفكار والسياسات من أجل الإنسان الذي يعد عماد محور التنمية والتاريخ والجغرافيا بل وكل الأشياء الدائرة في فلكه وتستلزم في جميع الظروف والأماكن أن لا تخرج عن إطارها وسياقها المحدد. التاريخ لا قيمة له أو معنى من دون هذا الإنسان المستفيد من دروسه وعبره السالفة والمحرك لديمومته الحاضرة وكذلك الجغرافيا تبقى مساحة أرض لا غير من دون هذا الإنسان الذي هو مصدر حياتها ووجودها أو يبابها . وعندما نقول إعادة الوجه المشرق للوحدة وإصلاح مسارها المشوه فلا يعني ذلك التمترس خلف التاريخ والجغرافيا بقصد إعادتهما للوراء وتحديداً إلى ما قبل الوحدة أو الحرب فكلا الأمرين مستحيلا التحقيق خارج سياقهما الطبيعي الذي هو الإنسان كفرد أو مجتمع وبما أن الحاجة لإصلاح ما أفسدته الحرب أصبحت ملحة لنفوس وعقول ومصالح قبل الجغرافيا والتاريخ فإن المقام يدفعنا للحديث والمطالبة بالإصلاح أو تغيير الأوضاع المشوهة التي هي نتاج فشل سياسي وهذا باعتقادي ما يجب فعله إذا أردنا استعادة الوجه المشرق للوحدة وليس البكاء على أطلال الجغرافيا والتاريخ.. فأن تكون ثمة انتخابات حرة وعادلة وقضاء مستقل ودولة مؤسسات وحريات ومساواة...الخ فهذه جميعها كفيلة بعودة الحقوق والمصالح لأصحابها كافة عاجلاً أم أجلاً وعلى هذا الأساس يستلزم النضال الواقعي القادر على انتزاع الحقوق المسلوبة وإعادة الاعتبار ليوم 22 مايو وأفضل طريقة برأيي لتحقيق ذلك بتطويع الأفكار والسياسات والممارسات قبل أي شيء آخر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى