بمناسبة حلول ذكراها الـ 16:وحدة الوطن.. جذّروها إذن

> حسن سعيد دبعي:

> ستة عشر عاماً مضت على تحقيق الوحدة اليمنية يوم 22 مايو 1990م، مدة زمنية معتبرة وإن كانت قصيرة في حياة الشعوب إلا أن جيلاً جديداً يتشكل في حضرتها سيكون هو رافدها باتجاه تكريسها وتجذيرها في نفوس ووجدان المجتمع اليمني الجديد، بعيداً عن الرواسب والاستجرار والحنين للماضي الذي كان مأساوياً بكل المقاييس، ومع تشكل هذا الجيل الناشئ ينبغي أن تزال من أمامه ملفات وصراعات الجيل الذي سبقه حتى تكون الأرضية مهيأة ليمن خال من الأحقاد والفجوات المحفورة في أعماق نفسية الإنسان اليمني.. صحيح أن هناك اختلالات موجودة في الواقع المنظور يجب التعامل معها بنوع من الصبر والنية الحسنة، لأن تركها من دون حل معناه استمرار المشكلة ومن ثم عرقلة المشروع اليمني نحو التنمية الحقيقية والازدهار المنشود .. هناك ممارسات غير مقبولة مازالت تتحدث عن نفسها نحن بحاجة ماسة لزوالها حتى تتماسك اللحمة الوطنية وتضيق الفجوة الاجتماعية التي خلفتها بحق حرب صيف 1994م، ويجب على القيادة السياسية وجميع الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني أن تساهم في طي الصفحة الأليمة من تاريخنا وننظر حولنا بثقة وأمل والاستئناس بتجارب غيرنا فيما يتصل بمعالجة الاختلالات التي تعتور مسيرة تقدمنا، فالبلاد تحتاج إلى مزيد من تطبيع الأوضاع فيها تطبيعاً صحيحاً ينسي بعض فئات المجتمع الاستجرار والحنين إلى أيام الإمامة والاستعمار، لأنه كان في نظرهم جميلاً لأن البديل لم يكن أجمل، ويحضرني في هذا السياق حديث لأحد الاشخاص الذي كان يصرخ بيأس «رحمة الله على حكم الإنجليز، أما حكم العرب أوووف» معللا كلامه أنه بعد استقلال الجنوب من الاستعمار دخل الشطر الجنوبي صراعات دامية وانتهاج سياسة حرق المراحل التي أدت إلى تهجير جماعي للسكان وتأميم ممتلكات الناس ومصادرة أرزاقهم، فيما عرف الشمال بعد ثورة 26 سبتمبر مخاضات عسيرة وانتكاسات حصدت معها أرواح الآلاف من الناس، وجاءت الوحدة لتضيف إلى جسد المجتمع اليمني جراحات أنكأ وأشد إيلاماً.

وبقدر ما استوقفني مثل هذا الكلام الذي يحمل في طياته أكثر من معنى، فإنني أنتهز فرصة الاحتفال بالذكرى الـ16 لتحقيق الوحدة لأذكر أن التئام اللحمة اليمنية نعمة من نعم الله علينا، يجب أن نحافظ عليها ونجذرها في أعماقنا ولن يتأتى ذلك إلا من خلال إعطاء كل ذي حق حقه، والمواطنة المتساوية، وتوفير العمل لكل إنسان في هذا البلد وعودة كل المبعدين نتيجة الصراعات السابقة إلى أعمالهم، ولنتأسّ على الأقل بالحرب الأهلية الأمريكية عندما انتهت بين الشمال والجنوب كيف تم تسوية الأوضاع في زمن قياسي من دون أن يكون هناك منتصر أو مهزوم ومن دون وقوع أي انتقامات من أي شكل كان، وكذا الوحدة الألمانية وطريقة معالجتها الحضارية للأمور، حيث لم يشتك طرف من طرف وينبغي علينا نحن اليمانيين أن نستوعب الدرس ونعمل على حل مشكلاتنا بالطريقة الحضارية نفسها وأن لا نبقى محلك سر في مربع التوجس وتصفية الحسابات والاجتهادات الخاطئة، إذ ما زالت الشكاوى تتزايد من التمييز بين أبناء الوطن الواحد واتساع الفجوة الاجتماعية بين أبنائه، فالإحساس بالغبن واضح للعيان.. وهي دعوة مخلصة لكل الأطراف في هذا البلد المحتاج إلى السكينة والهدوء والتنمية إلى تأصيل الوحدة أكثر فأكثر في حنايا المجتمع وطي صفحات المآسي واستشراف المستقبل والانصياع إلى صوت العقل من أجل ديمومة الوحدة وتجنيبها هول العواصف والبراكين.

ومع احتفال الشعب اليمني بالذكرى الـ16 لتحقيق الوحدة اليمنية ومعه الشعوب العربية والبشرية جمعاء المحبة للسلام والتقدم والازدهار يجدر بي أن أشد على يد كل يمني من أجل رص الصفوف لننطلق نحو الجهاد الأكبر وهو البناء والتشييد وبذل المزيد من الجهد نحو المستقبل المنشود ونترك وراءنا كل المثبطات والاحتقانات التي توقف عجلة نهضتنا والمحافظة على هذا المنجز التاريخي الذي حسدنا عليه الكثيرون ومنجزاته العظيمة التي تحققت على الأرض، ونتمنى أن لا نجد يمنياً مهضوم الحقوق المدنية أو السياسية أو مهمشاً خارج إطار الخدمة أو منفياً في بلاد الآخرين، وفتح كل المجالات أمام إبداعاتهم لخدمة وطنهم الذي هو بحاجة ماسة إلى جهدهم وعرقهم، فلتصحح السياسة اعوجاجها وتذعن أن الإنسان اليمني كائن حق في أرضه بغض النظر عن أي جريرة ارتكبها، فالماضي الأليم ومخلفاته يجب أن امحى من ذاكرتنا وإلى الأبد ونفسح المجال لجيل الوحدة النظيف أن يضع بصماته على خريطة اليمن الواعد الجميل والخالي من الانشداد المقيت لثقافة العنف والكراهية، وفتح عيونه على أنوار التقدم والنهضة ووضع رجله على سكة المستقبل الزاهر.. ومرحباً بيوم وحدتنا المجيد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى