حتى يتبين لنا الخيط الأبيض من الخيط الأسود

> أحمد عمر بن فريد:

>
أحمد عمر بن فريد
أحمد عمر بن فريد
في ظل ظروف محلية - غير استثنائية- ، وعلى عكس جميع التوقعات والتكهنات والحسابات السياسية الدقيقة، غالباً ما يتدخل الزمن في لحظات محددة ويفرض أجندته السياسية الخاصة على مسرح العمل الداخلي على حين غرة، وبشكل مفاجئ وغير متوقع لمن اعتقد يقيناً بأنه قد وضع في بطنه (بطيخة صيفي)، ولمن ظن في عهد النشوة الزائلة، أن الأمور بكل تشكيلاتها ومكوناتها قد دانت له وأناخت رحالها بجوار باب بيته، وأنه تبعاً لذلك الوهم، قرر الاتكاء على حسابات (الأمر الواقع) والنوم عليها، معتبراً أن الفاعل السياسي المضاد قد جرد من كل أدوات ووسائل الفعل، بفعل (الأفعال) التي حدد لها مهمة استباحة النظام والقانون وحقوق الإنسان والمواطنة المتساوية.. وهذا بلا أدنى شك حساب خاطئ!

وهناك.. وعلى الضفة الأخرى، يوجد طرف آخر، يرى بعين ضيقة جداً، أن الواقف على الضفة المقابلة بكل جبروته وسلطاته، كان ولا بد أن يبقى (حليفاً استراتيجياً) له، وفقاً لقواعد ومفاهيم لا علاقة لها بكل معاني الاستراتيجيات الكبيرة التي يمكنها أن تبني الوطن بعظمته وشموخه وكبريائه، لأن جميع تلك القيم بحسب الفهم الضيق (لهؤلاء) لا يمكن أن تكون مسحوبة على كيان الوطن ككل، إلا قبل أن تفصل على الكيان الذاتي (الشخصي) لهم، على اعتبار أن الوطن في نظر هؤلاء إنما يستمد عظمته وبقاءه وكبرياءه من الكبرياء والعظمة والعنفوان الآتي للأفراد.. بحسب تقاليد راسخة تقول: إنهم (ترياق) الوطن العظيم!!

وإذا كان الزمن قد فرض أجندته القاسية يوم 7/7/94م على الشريك الأساسي الفاعل في وحدة البلاد التي أضاء لها القمر مسارها يوم 22 مايو 90م، فلا يظننّ أحد أن هذا الزمن الذي أخرج أكبر ديكتاتور عربي من حفرته، لن يستطيع أن يغير الواقع المؤلم ويفرض أجندته الجديدة، لمن قرروا عدم الاستفادة من كل الأحداث العظيمة التي تجتاح العالم برياحها العاتية، ولمن فضلوا التعامل مع (الداخل الوطني) شمالاً وجنوباً تبعاً للتخريجات التاريخية التي أظهرت على السطح اليمني ذات يوم مخجلٍ مأساة (الزرانيق في تهامة).

إن بناء الوطن يتطلب من قواه الخيرة أن تخرج بإرادتها الحرة من السجن العتيق لأمثال القرون الوسطى التي يقول أحدها «جني تعرفه أفضل من أنسي لا تعرفه» والتي يقول ثانيها «إن الأصل يجب أن يعود إلى الفرع» على اعتبار أن مثل هذه الأقوال وما شبهها، إنما هي تتبع قيم ومفاهيم سياسية تصل بالذات إلى نقطة حاسمة تضع أنصارها أمام قرارين لا ثالث لهما.. إما قرار الانتصار للذات، وإما قرار الانتصار للوطن.. كل الوطن.

وإذا كان المعارض الشاب، المنطلق بسرعة الصاروخ الأخ الشيخ حميد الأحمر، قد بدا من خلال طروحاته وتصريحاته مستوعباً ومناضلاً من أجل الخيار السامي الذي ينتصر للوطن، وكاسراً جميع حواجز الخوف المصطنعة أمام الإرادة الوطنية، ومتقدماً على المجموع المعارض ككل، فإننا بكثير من التفاؤل سنستقبله وسنتفاعل معه بكل أريحية ونية صافية وصادقة، سعياً نحو بناء الوطن القادر على التحليق بجناحي كيانه، اللذين قدر له أن يحلق بهما في يوم 22 مايو 90م، قبل أن يتقرر في لحظات الهزيمة للوطن كسر الجناح الآخر والإطاحة به في غياهب غطرسة القوة والجبروت.

إن الكثير من القوى السياسية الحية في هذا الوطن، تترقب بكثير من اللهفة والشوق ما يمكن أن يطفو على السطح في (القريب - القريب)، لترى بشكل جماعي هل تقرر لهذا الوطن السير وفقاً لقراءات الحروز والأمثلة الشعبية، أم أن هناك إرادة (جديدة) يمكن أن تتشكل وتأخذ بيد الوطن إلى المكان اللائق، والطريق الذي يستحقه هو وشعبه الصابر.. وحتى ذلك الحين علينا الانتظار حتى يتبين لنا الخيط الأبيض من الخيط الأسود.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى