وتلك الأيــام .. عدن .. خمرة الوحدة

> عبود الشعبي:

>
عبود الشعبي
عبود الشعبي
مضى الثلث الأخير من (أيار)، من مايو شربناه زلالاً، من مايو أبيض كالحلم.. ري العطاش لشربة تنسكب من ساقية الوطن الكبير.. مضت المناسبة، ولم يمض (الحر) الذي يغطي سماء (سندريلا) البحر التي قال فيها سليمان العيسى قبل ستة عشر عاماً:

«منذ أيام سقتني يدها.. خمرة الوحدة.. فلتسلم يداها».

عدن.. «هذه الحلوة.. ما أروعها.. حين تحكي قصة المجد خطاها».. بعد هذه الأعوام من عمر الوحدة المجيد، يبخل عليها مولد (الكهرباء) بتيار يحرك (مراوح) البيوت فيستبد بها الحر المتواصل في ظل التيار المنقطع، وهي التي أطفأت أشواق الوطن المشطر ببرد اللقاء.. يا له من وفاء! كان يلزم (الحكومة) أن تمنح المدينة التي احتفت بمولد الوحدة بدون (نفقات) قبل ستة عشر عاماً (مولّدا) وحدوياً يغطي حاجة الأهالي الذين شهدوا (المولد) حياً، وصفقوا له بملء الأكف.. وهتفوا بملء الحناجر.. لكن ما يزال (القيظ) يوقظ (النوّم).. نستكثر عليهم هجعة الليل، ومدينتهم سقت المشتاقين خمرة الوحدة، لتسكن أرواحهم ويغشيهم النعاس أمنة.

صباح الخير يا سليمان العيسى يا من أتعب قيثارة الشجن من عدن إلى (أنطاكيا) حيث شجرة (التوت) التي تظلل باحة الدار في قرية (النعيرية).. عدن يا صاحبي أرض بلا فلاحة وحر بلا ظلال.. إنا نخشى قريباً.. من خصخصة (المريمرا)!

لكن عدن مدينة يحبها الرئيس.. والذين أعينهم حتى على (فصوص) الملح أن تعطيهم المدينة (المحبة). لسنا ممن يجحد الخير الذي أفاءت به (الوحدة) على المدينة، لكن هل من الحب أن ننغص ليل عدن بضغطة (زر) فنوقف مراوح الهواء ونطفئ مصابيح الضوء في مدينة لا يصلح معها ضوء (الشموع).. على الأقل نريد إسعافاً (شفقة) على الأطفال والشيوخ. صباح النور.. يا أستاذ أحمد الكحلاني.. أهلاً بكم من (الباب) إلى (البوابة).. بصمات إنجازكم في أمانة العاصمة تدل على رجل (أمين).. و(باب اليمن) بصورته المبنية الرائعة وما أحطته بقدر عال من النظافة والبهاء، وكل أروقة صنعاء القديمة التي «حوت كل فن» تدل على ذوق حضاري .. كذا نريد أن نشاهد (بوابة عدن) وأروقة المدينة.. نريد أن نشتم رائحة (التراث) من (الصهريج) إلى (المنارة) نريدها .. «هي أحلى.. حين يهوي قمرٌ.. فوقها تمشي على البحر سماها».. نريد إبراز أصالة (الثغر) من (القلعة) إلى (بج بن) التواهي، كما رأينا أسواق (العقيق) ومنارة (الجامع الكبير) وأسوار كنيسة (القليص).. لكن الصيف.. يا عدن.. نثق بأن المحافظ الذي لا شك مس جلده حرارة جو المدينة، سيحس للأهالي كم يعانون من وطأة (الصيف).. ولن يعدم (الحلول) شخص طرّز صنعاء بلمساته الجميلة وعنى بها (تحفة) سال لألقها لعاب زوار المدينة من كل الأقطار.

وعدن لمن يعشقها لوحة أجمل سلبت حس (العيسى) فغنى:«أأقول الشعر.. لا، لا إنها.. وحدها الشعر الذي يعصي الشفاها.. يتعب القيثار.. لم يتعب يدي في الجنون المشتهى لحن سواها».

إن المدينة التي استقبلت الركب الوحدوي القادم من (أزال) ومن كل مدن وأرياف الوطن يصبح فيها العزف على وتر الوصال: «هي للحب.. وللدفء معاً.. انزلوها يحتضنكم ساعداها».. لطفاً (نافذة) برود على سماء المدينة!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى