مع الأيــام..يعمل بحمار الظاهر ويحسبه ثور الكور

> أحمد القمع:

>
أحمد القمع
أحمد القمع
كان المؤمل مثلما تم إزالة نقطتي (دار سعد) و(العلم) عشية الاستقلال وبراميل (الشريجة) و(كرش) في 22 مايو 90م أن يعاد تطبيق فكرة المدينة الواحدة في مساحة الوطن اليمني الموحد، وهي الفكرة التي سيتم من خلالها إذابة التعصب القبلي والمناطقي والمذهبي ووضع الأسس والمقومات لبناء دولة الوحدة الجديدة القائمة على أنقاض الدولتين السابقتين، هذه الدولة التي وجدنا أنفسنا ندافع عنها بشتى السبل، دولة النظام والقانون ذات المعنى والمبنى الواحد دون إحداث الشروخ والتشوهات في معناها ومبناها.

نعم كنا نأمل وفي أعياد الوحدة السابقة حين كانت المشاكل والعراقيل والهموم تنافس الآمال والطموحات حتى تكاد تقضي عليها، كان من المحتم علينا في كل ذكرى أن نعيد تكرار دعوتنا إلى فتح نوافذ الحوار والتصالح والتسامح والتبادل للثقة والمنافع المشتركة وبوابة الإصلاح والتغيير المؤمل فيها ترميم بيتنا اليمني من الداخل على أسس مرضية ومستوفية لشروط التوازن بين كياني الوحدة (الشمال والجنوب) وبين مكونات كل منهما ليغدو الوطن الذي نعيش فيه دوحة يتغنى في أفيائها الجميع.. وطناً خالياً من الصراعات وعوامل التمييز والتفرقة.. وطناً تسود فيه لغة العدالة والمساواة.. وطناً يسعى إلى توليد جيل وحدوي على أسس جديدة يرفض كل أشكال قمع الحرية الشخصية وتوارث الانهزامية مؤمناً بثقافة ملتزمة بحقوق الإنسان والحرية والديمقراطية.

وفي الذكرى السادسة عشرة للوحدة اليمنية والحال أشبه ما يكون عليه حال الأمس إن لم يكن أشد قتامة ومرارة، ما عسانا أن نضيف شيئاً جديداً إلى دعواتنا تلك ونحن نرى أن أقوى أعداء الوحدة هم أولئك الذين يتظاهرون بحمايتهم لها ويثيرون بتجاوزاتهم مشاعر العداء لها ولصانعيها كونهم يسهمون في نخر جسد الوحدة من الداخل بتمسكهم واتكائهم على قاعدة أن الحديث عن الأخطاء التي رافقت مسيرة الوحدة يعد من المحرمات، والمصيبة أنهم بمسعاهم هذا يزرعون ظاهرة غريبة وعجيبة تمتزج فيها الأفكار بالانفعالات وتختلط فيها المفاهيم بالمصالح مولدة عوامل الشد والجذب بين العصبية الفئوية والمناطقية والطائفية وبين العاطفة الوحدوية.

دعوهم يقولون عنا ما يقولون وتعالوا بنا نسهم في بناء الوطن من جديد، متخذين من دروس الماضي وعبره جسوراً بين الحاضر والمستقبل، فأولئك النفر من القوم الذين حولوا مساحة الوطن إلى كيانات متعددة وضيقة بحدود عشائرهم ومناطقهم وبالفكر الذي جعل من اتفاقية الوحدة نصوصها ووشائجها أقرب ما تكون إلى وقائع وإحداثيات ما اختزلته تلك الأمثال والأقوال الشعبية المأثورة: «مخوة بطهش ومعيّش، وشراكة آل مسعود في الدكان، وذيب عله في سوق الثلوث، وقسمت عيال منصر لمطين، ووكالة معور للحاصل، ويعمل بحمار الظاهر ويحسبه ثور الكور». وفي كتابه (المستطرف في كل فن مستظرف) يروي الأبشيهي ما نصه: «المنفعة توجب المحبة والمضرة توجب البغضة والمخالفة توجب العداوة والمتابعة توجب الألفة والعدل يوجب اجتماع القلوب والجور يوجب الفرقة وبصالح الأخلاق تزكو الأعمال وبالحلم على السفيه تكثر انصار عليه.. والنظر في العواقب نجاة ومن لم يحلم ندم ومن صبر غنم ومن اعتبر أبصر ومن أبصر فهم ومن فهم علم ومع العجلة الندامة ومع التأني السلامة".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى