التدخل في شؤون العدالة انتهاك للدستور وجريمة لا تسقط بالتقادم

> سمير عبدالله شوطح:

>
سمير عبدالله شوطح
سمير عبدالله شوطح
تبقى التوجهات المتقدمة التي تزامنت مع قيام دولة الوحدة الفتية وأرسيت في دستورها في مايو 1990م والمتمثلة بمبدأ الفصل بين السلطات وتعمق هذا المبدأ وتجذر في التعديلات الدستورية.. وذلك حين تفردت اليمن في تكريس متكامل وحقيقي لهذه التوجهات.

وجاء نص المادة (14) من الدستور على النحو الآتي:

«القضاء سلطة مستقلة قضائياً ومالياً وإدارياً والنيابة العامة هيئة من هيئاته وتتولى المحاكم الفصل في جميع المنازعات والجرائم والقضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون ولا يجوز لأية جهة وبأية صورة التدخل في القضايا أو شأن من شؤون العدالة ويعتبر مثل هذا التدخل جريمة يعاقب عليها القانون ولا تسقط الدعوى فيها بالتقادم». والمدقق في هذه الصياغة القطعية تتعزز لديه القناعة بأن الإرادة السياسية والمؤازرة الشعبية لها المتمثلة بنتائج الاستفتاء على هذا التعديل وسواه تطمحان إلى ترسيخ حقيقي لمبدأ الفصل بين السلطات الذي هو أحد أهم معجزات ومنجزات الوحدة بعد أن ظلت كل الدساتير والدساتير المؤقتة والإعلانات الدستورية السابقة لدولة الوحدة تفتقر إليها لسيادة النزق الشمولي حينها.

والمؤكد أن هذه التوجهات لا بد أن تكون قد حسمت موقفها من هذه الخيارات مع إدرك عميق بأن نفاذاً حقيقياً لمثل هذا التأصيل الدستوري يتطلب فترة زمنية يمكن خلالها التخلص من بقايا علقت بالسلوك والممارسة لدى كل من السلطتين التنفيذية والتشريعية وحتى السلطة القضائية الوليدة ذاتها التي لما تحرر بعد من علاقة التابع والمتبوع.

وفي هذا الإطار كان لزاماً أن يأتي النص الدستوري بهذه القوة والقطعية ليشكل سياجاً آمناً لاستقلال القضاء ويجرم كل تدخل أو مساس بهذا المبدأ ورفع كل سلطان على القضاة عدا سلطان القانون، واستوجبت الضرورة العملية أن يجرم كل انتهاك يمس العدالة. ولذلك وردت في قانون الجرائم والعقوبات مواد جرمت مثل هذا السلوك وتحديداً المادة (187) - التدخل في شؤون العدالة والمادة (159) استغلال النفود.. ولأهمية المادة (187) نورد نصها: «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات كل موظف أو ذي وجاهة تدخل لدى قاض أو محكمة لصالح أحد الخصوم أو أضر به بطريقة الأمر أو الطلب أو الرجاء أو التوصية).

ويلزم الانصاف القول إن ذلك شكل ظروفاً واقعية وحقيقية لتعزيز وتعميق دور القضاء كسلطة مستقلة، ومع أن الممارسة تدلل بين فينة وأخرى حنين بعض الجهات والأفراد من المسؤولين وأصحاب الجاه إلى مثل هذه التدخلات البغيضة في شؤون العدالة.. إلا أن هذا السلوك الفردي المشين والمجرم يعجل بالضرورة بالكشف عن مثل هذه الخبايا لدى مثل هؤلاء إلا أن ذلك - جزماً - يعجل باجتثات هذه الظاهرة المشينة.

والله ولي للهداية والتوفيق

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى