مع الأيــام..من يؤهل اليمن؟

> محمد عبدالله الموس:

>
محمد عبدالله الموس
محمد عبدالله الموس
يتردد رسميا وبصورة احتفالية مصطلح تأهيل اليمن، ويفهم منه أن تُؤهَل اليمن بدعم خليجي لتقترب من مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، ويصل هذا الترديد الاحتفالي درجة الإعلان الرسمي عن عجز الحكومة عن تأهيل مجتمعنا، فإذا وجدنا من يقوم بمهمة التأهيل أطلقنا مزامير الفرح وكان جل هم حكومتنا هو البحث عمن يؤهل بلادنا فقط.

لا ينكر أحدنا أهمية مساعدة الأغنياء للفقراء حتى على مستوى الدول، لكن بلادنا تمتلك من المؤهلات الطبيعية (ثروة وجغرافيا)، ومن الخبرات والطاقات البشرية المهجورة والمهجرة ما يجعلها تتمكن من التأهل الذاتي بمساعدة من الخارج الإقليمي والدولي وليس بالاعتماد المطلق على الخارج، مع أهمية وضرورة العلاقات اليمنية السعودية على وجه الخصوص، فبلادنا تحتاج إلى الإرادة اللازمة لإدارة هذه المؤهلات بصورة تتجاوز مصالح الأفراد والجماعات إلى مصالح الوطن والأمة بكاملها، وطالما ظلت هذه الإرادة غائبة أو ثانوية بالمقارنة مع (المشاريع الصغيرة) فلن نستفيد من أي دعم خارجي أياً كان نوعه.

تمتلك الدول والهيئات المانحة آليات دقيقة لقياس مستوى الأداء في المجتمعات المستهدفة من دعم هذه الجهات والمنظمات وقد بينت بوسائلها تلك عدم استفادة بلادنا من هباتها وقروضها، بل الأسوأ من ذلك أن تذهب هذه الهبات والقروض إلى غير أهدافها وربما إلى جيوب أشخاص بصورة مباشرة أو غير مباشرة.

قياسا على ذلك فإنه لا يمكن النظر إلى المكونات المادية لتأهيل بلادنا بمعزل عن المكونات المادية الواردة إلينا من الدول والمنظمات الدولية المانحة، وإذا كان هناك سوء استخدام للأخيرة أدى في النهاية إلى تخفيض هذا الدعم الدولي فما ذاك الذي يجعل المكونات المادية لتأهيل بلادنا إقليميا تشذ عن هذه القاعدة إذا كانت آليات استقبال واستخدام القروض والهبات هي نفسها؟ وما الذي يمنع إخفاقها في الأخرى كما أخفقت في الأولى؟

ما تحتاجه بلادنا أكثر من مجرد استجداء قروض وهبات وتأهيل مستورد بالكامل، فبلادنا تحتاج بصورة أساسية إلى تغيير حقيقي يحدث تحولاً في آليات الأداء بما يفيد من طاقات بلادنا (مادية وبشرية) ومن مكونات القروض والهبات وحتى مكونات التأهيل من الأشقاء في الجوار، فالتطبيل الاحتفالي لن يغير في واقعنا شيئا، ولا يغير في هذا الواقع رمي التهم السمجة من نوع (ذوي النظارات السوداء والقلوب المريضة) لكل من ينادي بضرورة إحداث التغيير اللازم ومواكبة العصر، وستذهب مكونات التأهيل- إن وجدت - حيث ذهبت قروض وهبات المانحين طالما تنتظرها الآليات نفسها مهما بلغت أعداد الطبول الاحتفالية.

فبعد كل مظهر احتفالي سنجد أننا لا زلنا في المربع الأول ولا يمكن لنا الخروج من هذا المربع إلا بإصلاحات حقيقية تتجاوز الأبواق والطبول والشعارات المكررة التي ينتهي تأثيرها العاطفي بانتهاء الزفة مباشرة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى