رحيل العميد

> «الأيام» صلاح العماري:

> لله درّ الأستاذ فاروق بن زيمة! رحل عن دنيانا الفانية وهو يحمل رسالة لم يحد عنها أو يتملق من أجل نيل مرتبة أو قروش من المال.

شرّف الوطن وكان خير من يكتب في الصحف السعودية، اتسمت كتاباته (رحمه الله) بالجرأة وقوة الطرح لهذا لم يرق للكثيرين، وخسر ودّ الكثير من الصحف التي اتخذت قرارات بمنع استقبال أي مواد صحفية لابن زيمة، رغم أنه من أوائل الكتاب الذين كتبوا لتلك الصحف. عرفته - طيب الله ثراه- عام 2001م، في الرياض حين كنت مرافقا إعلاميا لنادي شعب حضرموت في بطولة الأندية الآسيوية، كان من القلائل الذين لا يفارقون بعثة الفريق، وقدم لنا التسهيلات اللازمة وكان ودوداً متواضعا يسدي لنا النصائح بين الحين والآخر.

منذ ذلك الحين استمرت اتصالاتنا وسنح لأستاذنا الكبير صاحب القلم الرفيع أن يكون في المكلا نهاية عام 2003م، للإشراف على مجلة «شعاع الأمل» لسان حال الصندوق الخيري لمساعدة الطلاب المتفوقين، خلال تلك الفترة كان يمدنا بالثقة ولا يمارس أي نوع من التعالي، كان بمثابة الأخ والأستاذ والوالد، وكنا نستمد منه النصائح في العمل وخارج العمل وكان لا يبخل علينا في هذا الجانب.

استغل الأستاذ فاروق وجوده في حضرموت فنسج شبكة من العلاقات مع الأطر والمنتديات الثقافية في ساحل حضرموت وفي واديها حين كان يزور الأهل والأقارب في بلدته في مديرية سيئون، وسعى لتقديم الدعم اللازم لتلك المنتديات ولكبار المثقفين حسب استطاعته لتواصل مهامها وأهدافها النبيلة.

كان يعمل كل ذلك ونحن نعلم ما يعانيه أستاذنا الفاضل من آلام جراء أمراض القلب والسكر التي ظل يصارعها بقلب مؤمن لم يستسلم يوما للمرض، رغم أنه يحمل حقيبة سوداء ملأى بالأدوية.

ازدادت على أستاذنا الآلام وفاجأته جلطة في رجله قللت من عزيمته على المشي، وبعد نصائخ من محبيه عاد للرياض ليظل هناك طريح الفراش ومصارعاً للمرض مؤمناً بقضاء الله وقدره إلى أن أتاه اليقين.

كسب بن زيمة قاعدة كبيرة من القراء في المملكة واليمن من خلال كتاباته الرصينة والجريئة، وهو يعد من أوائل النقاد الرياضيين في المملكة العربية السعودية، كما كان في فترة معينة الصحفي الخاص للنجم السعودي ماجد عبدالله من خلال عشقه وولعه بنادي النصر، وهو ما علمه عنه أبناء المملكة فلم يكن يذكر فاروق بن زيمة إلا ويذكر معه نادي النصر السعودي.

لقد رفع الأستاذ بن زيمة اسم الوطن بكتاباته وأسلوبه رغم أنه لم ينخرط خلال عمره بأي مدرسة ولم يتعلم تحت إشراف أي ملعم، موهبته الخارقة مكنته من إجادة اللغتين العربية والإنجليزية ذاتيا.

توفي رحمه الله عن عمر ناهز الـ 80 عاما سخرها لترسيخ مفاهيمه المتميزة في العمل الصحفي، وساهم في إنشاء الصحافة الرياضية السعودية من خلال عمله في صحيفة «اليمامة» - مجلة «اليمامة» حاليا - وصحيفتي «الجزيرة» و «المدينة» السعودية.. كما يعد عميد (شبكة حضرموت العربية) وأبرز الكتاب في أروقة (ملتقى الحوار العربي) في السياسة والأدب والرياضة.. نسأل الله تعالى أن يرحم أستاذنا الراحل فاروق صالح بن زيمة الكثيري (أبو أنور) أو (أبو جعفر) - وولداه الأول انتقل إلى رحمة الله وهو في ريعان شبابه، والثاني يعيش مع أسرته في الرياض - ويسكنه عز وجل دار القرار ويلهم أهله ومحبيه وزملاءه الصبر والسلوان.. إنا لله وإنا إليه راجعون.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى