قولوا الصدق مش إبن عمه

> سعيد عولقي:

>
سعيد عولقي
سعيد عولقي
قبل أن أعود إلى أوراقي، أنتهز الفرصة لأهنئ الأستاذ عبدالرحمن بن علي الجفري رئيس حزب (رأي).. على نجاح العملية الجراحية التي أجريت له وأشكر الله تعالى وأدعوه أن يمن عليه بدوام الصحة.. وفور تماثل الأستاذ الجفري للشفاء اطلعت على ملخص مبادرة سياسية قدمها ونشرتها «الأيام» قبل أسابيع للإسهام في انتشال الأوضاع السياسية البائسة من المنحدرات أو قل المنزلقات الخطيرة التي بلغتها.. ولقد مللنا نحن القراء من حوار الطرشان السياسي الذي يدور بين الثلاثي السياسي الذي أفلس ولم يعد يملك - أو أنه حتى لا يدري - ما يقول ولا يملك ما يؤدي إلى أي حل يخرجه ويخرجنا معه من الأزمة.

وبعودتى إلى الأوراق راجعت من جديد ما كتبته تعليقاً على محاضرة قيمة للأستاذ الجفري بعنوان :«اليمن إلى أين؟» ومن قبل ذلك وبعده كنت أتابع باستمرار ما يقع تحت يدي من مطبوعات تتضمن أحاديث وكتابات وتصريحات وحوارات للأستاذ عبدالرحمن الجفري وأبحث في سطورها في الكلمات والمعاني.. وأحاول استقراء ما بين السطور وأعقد بيني وبين نفسي المقارنات بين ما قاله بالأمس وما يقوله اليوم وما يتحدث به الآن.. وأشهد لوجه الله تعالى بأنني لم أجد في الخطاب السياسي للأستاذ عبدالرحمن الجفري من قبل ومن بعد اختلالاً في الرأي أو اختلافاً في الرؤية أو تناقضاً في الموقف.. إنه على الدوام مسكون بحب الوطن مثقل بهمومه ومصاب بجراحاته حيثما يكون فهو أوسع من حدود الخارطة وأكبر من قيود المنافي.

لقد فهمت محاضرة «اليمن إلى أين» على أنها مشروع ناضج لإصلاح الأوضاع في اليمن فلماذا لا نجرب بجدية وبمسئولية حقيقة الالتفاف حول مشروع:«اليمن إلى أين!» مع إضافة من له إضافة أو ملاحظة وتضاف بعد إقرارها إلى المشروع الأصل ونتقدم به إلى السلطة باسمنا جميعاً كاشخاص وكأحزاب.. لماذا لا نجرب ونرى ولنعتبر بعد الملاحظات والإضافات إلى المشروع الذي هو مقدم لنا قبل أن يكون مقدماً إلى السلطة.. لنقبل المشروع حتى على أنه مشروع السلطة نفسها ونلتف حوله؟! أم أننا لم نعد ندري من منا فقد توازنه أكثر من الآخر.. السلطة أم المعارضة؟

لقد فهمت «اليمن إلى أين» على أنه مبادرة ناضجة لإصلاح الأوضاع في اليمن ومشروع سياسي وطني كبير يخرج البلاد من محنتها وأزماتها.. بمعنى أن واجبنا يحتم علينا التعامل معها على أساس التعامل والعمل من أجل وضع هذا المشروع الكبير حيز التنفيذ وتجسيده في الواقع.. وليس التعامل معه كموضوع ندوة عابرة نتبارز فيها ونتسابق على الإدلاء بالآراء والمداخلات ونلهث حول الصيغ اللفظية والشعارات والفذلكات وفي الأخير نحول المشروع إلى مجرد مادة للنقاش من أجل النقاش لا من أجل التوصل إلى نتائج توصل إلى حلول.

أقول - وقد كنت أقول ذلك دائماً- بأنني لست ضد حرية الآراء والأفكار حتى المعارض منها.. وفهمي لهذا هو أن أي رأي أو ملاحظة أو إضافة أو تعديل يجمع عليه الأغلبية مهم غاية الأهمية لإيصالنا إلى الطريق الذي نريد الوصول إليه وهو أن نمسك بين أيدينا بمشروع نجمع على الاتفاق عليه ونلتف حوله ونتبناه ونعمل معاً على أن نجعله يرى النور من خلال المثابرة المستمرة المخلصة والجهد المتواصل لتمهيد السبيل لتجسيده في الواقع ورفعه كحل ملائم واختيار أفضل قابل للتنفيذ تفرضه ضرورات وضع قاحل وضرورات واقع وأسلوب حياة.. وتدعمه طبائع الأشياء ليستمد شرعية وجوده من نيل المصادقة عليه والالتفاف حوله (وليس عليه) من قبل أغلبية القوى السياسية والاجتماعية الخيرة في البلاد حتى ولو كانت نسبة هذه الأغلبية تمثل فارقاً متواضعاً لصالح المشروع في المعادلة السياسية الصعبة إلى درجة الاستحالة.. وهي معادلة غير متكافئة بين الحق والباطل!

إن الأفكار مهما تكن عظيمة وجليلة فإنها في عملنا الجماهيري- كما علمتني التجربة- لكي تجد طريقها إلى التجسيد في الواقع، فلابد لها من المرور عبر طرق شديدة التعقيد كثيرة الالتواء والتعرج قبل أن تجد لنفسها آلية للتنفيذ.. فهي تبدأ جنينية في عقل صاحبها حيث تتطور وتتبلور وتكتمل ثم تتحول إلى رؤية يخرجها صاحبها إلى الناس لكي تبحث بهم ومن أجلهم عن دور في مسارات الحياة.. وفي الحياة - كما دلتني التجربة - تكمن المشكلة في أن بعض القياديين في العمل الحزبي والجماهيري في بلادنا يقعون في التناقض ويجرون جماهيرهم بوعي أو بدون وعي إلى مواقع ومواقف ربما تجعلهم يقفون حتى ضد مصلحتهم وضد أنفسهم.. وهؤلاء يخلطون بين الرئاسة والقيادة.. فالرئاسة سلطة لها الطاعة بالقانون ولكن القيادة لا يمكن أن تمارس دورها إلا بالإقناع والاقتناع الكامل بأن الدور الذي تقوم به يعبر عما يشعر به الآخرون ويتوقون إلى تحقيقه.. وبالتالي فإن الرئاسة سلطة وأما القيادة فهي دور.. واذا توقف أداء الدور فإن دعوى السلطة تفقد حقها في أن تقود!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى